توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

العين الواحدة

  مصر اليوم -

العين الواحدة

بقلم : عمرو الشوبكي

خلق الله سبحانه وتعالى الإنسان بعينين ليرى بهما كل ما حوله، وحكمة الرب أنه لم يخلق الناس بعين واحدة لتبقى رسالة إلهية خالدة للبشر: لا تنظروا لأمور دنياكم بعين واحدة.

مجتمعاتنا العربية عامة- ومجتمعنا المصرى خاصة- ترى منذ عقود بعين واحدة، وفى السنوات الأخيرة تحولت تلك العين إلى أداة لبَثّ الكراهية والتحريض والانحياز الفَجّ لشخص أو نظام أو جماعة، والتحريض على أخرى، حتى لو كانت صورة من الأولى التى يهلل لها أصحاب العين الواحدة.

التحولات التى شهدتها مصر فى السنوات الخمس الأخيرة حادّة ومتسارعة، لكنها خلقت قراءات مشوهة للواقع السياسى، تُزوِّر فى الوقائع والأحداث، وتُحوِّل الأرقام المحايدة إلى وجهات نظر، حتى مبادئ دولة القانون واحترام أحكام القضاء وكل البديهيات المطلوبة لنجاح أى نظام سياسى (حتى لو أنه غير ديمقراطى) تغيب تماما فى مثل هذه الأجواء.

يقيناً الأوضاع العربية والشرق أوسطية حملت رسائل من عدم اليقين لكل الاتجاهات، ومثّلت فرصة حقيقية لمراجعة البعض أفكاره الأحادية، ولكن ذلك لم يحدث بالنسبة لكثيرين.

ففى الستينيات كان العالم منقسما بين الاشتراكية والرأسمالية، وكان الدفاع عن الأولى يعنى تبَنِّى عقيدة سياسية ترى الإيجابيات وتحُول دون رؤية السلبيات، ونفس الأمر بالنسبة لليبرالية، فإن الشخص اختار فكرة نظرية قبل شواهد وتجارب على الأرض.

ومع سقوط الأيديولوجيات- أو بمعنى أدق إعادة بنائها وتعريف دورها فى الحياة السياسية، بعد أن أصبحت إطارا فكريا عاما ورحبا وبوصلة لتحديد التوجهات والبرامج وليست نصوصا مغلقة يرددها الناس مثل أناشيد الصباح- أصبحت أمام الجميع فرصة واقعية لقراءة الواقع السياسى والاجتماعى المحيط بعينين وليس بعين واحدة، وهم متخلصون من الأنماط الأيديولوجية الجامدة.

وقد تغيرت الأوضاع فى العالم كله للأفضل إلا فى منطقتنا العربية المنكوبة (باستثناءات قليلة أبرزها تونس)، وتعمقت قراءات العين الواحدة فى التعامل مع كل الأحداث، ففى مصر هناك انقسام سياسى عميق بين أغلبية أيدت مسار 30 يونيو وأقلية عارضته، وانقسام تاريخى بين التيارين المدنى والإسلامى، وانقسام جديد بين معارضين من خارج الإخوان (يبدو أنهم فى طريقهم لأن يصبحوا أغلبية) وبين مؤيدين، وبين عقلاء وناس طبيعيين يشغلون أدمغتهم من كل الاتجاهات، وبين بؤساء ممسوحة عقولهم.

وتغيرت مصر للأسوأ، واعتمدت العين الواحدة فى قراءة الأحداث الداخلية والخارجية، ليس بسبب تبَنِّى عقيدة سياسية بعينها كما جرى فى القرن الماضى، إنما بسبب ترسُّخ خطاب الكراهية والتحريض وانتشار العقول الممسوحة، وأصبح هناك قطاع من الناس ضد نفسه وضد إرادته، فالبعض وصلت به كراهيته للتغيير- أو العيش بكرامة أو القول كفى أن يحكمنا رئيس 30 عاما- إلى أن اعتبر ثورة يناير مؤامرة، ومارس سبّا فى حقها وحق نفسه، صحيح أنها لم تحقق أهدافها، وصحيح أن الإخوان أرادوا اختطافها لحسابهم، ولكن رسالة يناير انتهت بتنحى مبارك فى 11 فبراير، والفشل الذى جرى بعده يتحمله الجميع، بما فيهم نظام مبارك نفسه، الذى لم يفتح الباب أمام فرصة الإصلاح من داخله.

نفس العين الواحدة تكررت مع «30 يونيو»، فهناك أغلبية أيدتها وأقلية عارضتها، ومع ذلك سنجد البعض اعتبر أن تصفية أى مدنى معارض (إخوانى أو غير إخوانى) مقبولة، وسيغمض العين عنها، لأن المعارض لابد أن يكون خائنا للوطن، صحيح أن هذا الخطاب تراجع، ولكن كثيرا من رموزه هللوا لضحايا كثيرين لم يحملوا السلاح، حتى لو تظاهروا واعتصموا فى المكان الغلط، ولم يُفتح هذا الملف حتى هذه اللحظة، وتُرك لجروح تتعمق كل يوم.

العين الواحدة دفعت بعض أنصار الحكم إلى المطالبة بإبادة الجميع، ونالوا حصانة مؤكدة، واستباحوا كل القيم النبيلة التى عرفنا كثيرا منها فى سنوات سابقة، وأصبحوا لا يقبلون وجود معارضة مدنية أو إسلامية أو ثورية أو حتى تأييد عاقل، إنما فقط المبايعة والتطبيل. والغريب أن جماعة الإخوان تمسكت بنفس خطاب خصومها فى التعالى على الشعب، ولم ترَ كل الأحداث إلا بعين واحدة، ودفنت رأسها فى الرمال.

فقد ظلت الجماعة تعتبر «30 يونيو» انقلابا، وتصف الجيش بـ«العسكر»، ولم ترَ منذ 3 يوليو إلا نفسها، واختزلت كل نشاطها فى الانتقام من النظام القائم دون أدنى تفكير فى أن هناك مواطنين مصريين كاملى الحقوق والواجبات وليسوا انقلابيين، ولم يقتلوا فى حياتهم بعوضة، رفضوا حكمهم، ومؤسسات دولة على استعداد لأن تصل إلى أقصى درجات القسوة حتى لا يفكر الإخوان مرة أخرى فى الاقتراب من السلطة.

خطاب هلاك الانقلاب وسقوط الانقلابيين لا يملك الإخوان غيره منذ 3 يوليو، لأنهم لم يروا ولن يروا عموم الناس، ولو فعلوا ذلك فسيضطرون للاعتراف بفشلهم أو على الأقل بمسؤوليتهم عن الفشل، وسيضطرون إلى مراجعة عميقة لمسار الفشل، قد تؤدى إلى تجاوز صيغة الجماعة القديمة تماما، وهو أمر لا يرغب فيه قادتها، ولذا اختاروا مواجهة السلطة بالعنف حتى يتم إنهاكها وتقبل بالتفاوض معهم، وهو سيناريو مستبعد.

العين الواحدة لا تعترف بالبشر والشعب، إنما تختزل المعادلة فى السلطة الحاكمة والجماعة المعارضة، وما بينهما من مؤيدين ومعارضين وحواضن شعبية وأنصار لكل تيار هى أمور ليست فى الحسبان.

GMT 07:32 2017 الثلاثاء ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

هذه المعارك التافهه!

GMT 07:29 2017 الثلاثاء ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

المنطقة المأزومة

GMT 07:28 2017 الثلاثاء ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

شريط الأخبار

GMT 07:44 2017 السبت ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

ترويع الآمنين ليس جهاداً

GMT 07:43 2017 السبت ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

الصين ترفع رئيسها إلى مستوى ماو !

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العين الواحدة العين الواحدة



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية

GMT 12:20 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

طلائع الجيش يبحث عن مهاجم سوبر فى دوري المظاليم

GMT 15:09 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

فان ديك يحصد لقب أفضل لاعب بنهائي دوري الأبطال

GMT 15:15 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مشروع "كلمة" للترجمة يصدر "كوكب في حصاة"

GMT 20:20 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

صدور رواية "الطفلة سوريا" لعز الدين الدوماني
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon