توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

من مانشستر إلى المنيا: الإرهاب مستمر

  مصر اليوم -

من مانشستر إلى المنيا الإرهاب مستمر

بقلم - عمرو الشوبكي

لم تكن العملية الإرهابية التى شهدتها مدينة مانشستر البريطانية هى الأولى فى بلد أوروبى متقدم وديمقراطى، وللأسف لن تكون الأخيرة، مثلما شهدت مدينة المنيا عملية إرهابية أخرى فى بلد عربى نامٍ وغير ديمقراطى، وللأسف أيضا لن تكون الأخيرة، لنصبح أمام مشهد إرهابى عابر للحدود والنظم الحاكمة.

والحقيقة أن جريمة الانتحارى، سلمان العبيدى، الليبى- البريطانى، ذى الـ22 ربيعا، فتحت ملف المقارنة بين الإرهاب فى أوروبا والعالم العربى، خاصة أنها سبقت عملية المنيا الإرهابية بأيام معدودة، وطرحت سؤالا رئيسيا يتعلق بهوية وطبيعة الإرهاب الجديد، وما إذا كانت قضية دينية عقائدية منزوعة الصلة بالسياق الاجتماعى والسياسى، بدليل وجوده فى البلاد الديمقراطية والاستبدادية على السواء، بما يعنى أنه مرتبط بالتفسيرات المنحرفة للنصوص الدينية، بل إن البعض ذهب وقال بشكل واضح إن المشكلة فى الإسلام نفسه لأنه دين يحض على الكراهية والعنف.

والمؤكد أن الإرهاب ظاهرة مركبة لن تختفى من المجتمعات الديمقراطية ولا تنمو فقط بسبب الاستبداد والمظالم، فدول أوروبا الديمقراطية فيها إرهاب، ولكنها فى نفس الوقت تمتلك القدرة على مقاومته وحصاره وفرصا حقيقية للانتصار عليه، وهو إرهاب خاطف يقوم به أفراد منعزلون عن المجتمع لا يحتلون مدنا ولا أحياء، ويلفظهم ملايين المسلمين الذين يعيشون فى تلك البلاد.

فى حين أن الإرهاب الذى شهدناه- فى ظل نظم استبدادية مثل سوريا أو طائفية مثل العراق- هو إرهاب يدمر أمما ويحتل مدنا ويقتل عشرات الآلاف من البشر ويجعل الناس يتقبلون نظمهم الاستبدادية والطائفية، لأنهم مقتنعون أن «البديل» التكفيرى أكثر سوءا من النظم القائمة، على جرائمها وسوءاتها.

ومع ذلك يقول البعض إنه مادام الإرهاب موجودا فى دول صناعية وديمقراطية فإن هذا يعنى أن الإرهاب عقائدى وليس سياسيا أو اجتماعيا، وهو بالتالى يؤكد كلام المدرسة السائدة فى مصر الآن، والتى تختزل مواجهتها لكل حوادث الإرهاب فى الحديث عن مواجهة الفكر الدينى المنحرف والتفسيرات المتشددة للنصوص المقدسة وإصلاح المناهج الدينية دون أى قراءة للسياق الاجتماعى والسياسى، الذى يخلق بيئة حاضنة للإرهاب، تفرز كل يوم عناصر جديدة مهيأة للانتحار والقتل.

الإرهابى والانتحارى سلمان العبيدى، الذى نفذ عملية مانشستر، هو جزء من سلسلة طويلة من جيل ثانٍ من العناصر الإرهابية فى أوروبا لا يختلف عن كثير من العناصر الإرهابية فى مصر والعالم العربى، ويتميز بانعدام- (أو ضحالة فجَّة)- التكوين الفقهى والعقائدى، ولو فى الاتجاه المنحرف، فهناك الأخوان شریف، 32 عاما، وسعید كواشى، 34 عاما، اللذان نفذا عملیة «تشارلى إبدو» الإرهابية فى باریس منذ أكثر من عامين، ولم ينتميا إلى أى تنظيم دينى جهادى من قبل، ويحملان خلیطا من ثقافة شباب الضواحى الفرنسیة الفقراء والمهمشين مع قشور دينية أقرب للشعارات التكفيرية وليس المفاهيم التكفيرية، وهناك صلاح عبدالسلام، 26 عاما، أحد العقول المدبرة لعملية باريس الإرهابية، والذى وصفته صحيفة «لوموند» الفرنسية بـ«الجهادى الذى لا يصلى فى موعده أبدا» (Le djihadist qui ne priait jamais à l›heure)، فى تحقيق مطول قدمت فيه بروفايل لشاب له علاقة بأشياء كثيرة (المخدرات والسرقات الصغيرة) لا الدين.

وهناك محمد الهلالى الفرنسى، من أصل تونسى، 31 عاما، والذى قتل بشاحنته الضخمة 84 شخصا، بينهم 10 أطفال، فى مدينة نيس الفرنسية، متأثرا فى تحركاته بعصابات السطو المسلح أكثر من تأثره بأفكار ابن تيمية المتشددة، وهو طبیعى، لأنه لم يشاهد یصلى مرة واحدة فى حیاته، واعتاد شرب الكحولیات والمخدرات، ودائم الاعتداء على زوجته السابقة، ووصفه وزير الداخلية الفرنسى بأنه «تحوَّل فجأة إلى متطرف، وليس له أى ماضٍ جهادى».

لقد خرجت من أهم الجامعات والمراكز العلمية فى الغرب مئات الأبحاث والكتب لدراسة ظاهرة الإرهاب الجديد، وأكدت جميعها أن الغالبية الساحقة من المتطرفين (أكثر من 90% منهم) مواطنون أوروبيون من أبناء المهاجرين ومن ساكنى الضواحى الفقيرة والمهمشة، ويعيشون فى جيتو منعزل عن نمط الحياة الغربى، كما أنهم فشلوا مهنيا ودراسيا، وعانى معظمهم فشلا دراسيا مبكرا، كما أن أعمارهم تتراوح بين 23 و30 عاما، صحيح أن بعضهم سافر إلى سوريا دفاعا عن الإسلام والمسلمين ضد النظم الظالمة والكافرة المدعومة من الغرب (كما تصور)، وأن معظمهم تم تجنيده عبر مواقع التواصل الاجتماعى وعبر شرائط داعش التحريضية وخطابه الإعلامى والتسويقى، الذى يخاطب المهمشين بجنة موعودة على الأرض والآخرة، لا عبر كتب فى الفقه أو التفسير.

مَن يتصور أنه وجد «التائهة» حين يرد عليك بالقول إن الإرهاب موجود فى بلاد ديمقراطية ومتقدمة، بما يعنى أن المشكلة لا علاقة لها بالسياسة ولا الاقتصاد، إنما فقط أو أساسا بالجوانب العقائدية والدينية، فتأكد أنه لا يعرف شيئا عن الإرهاب الجديد الذى تشهده أوروبا وأمريكا، فكل الأسماء المعروفة وغير المعروفة التى مارست الإرهاب فى هذه البلدان لم يكن أصحابها أعضاء سابقين فى تنظيمات جهادية، ولم يكونوا متدينين من الأصل، ولا قارئين لأى تفسيرات فقهية أو مناهج دينية، بل كانوا مهمشين ضائعين وجدوا فى بعض الشعارات والقشور الدينية مبررا لما سبق أن قرروه، أى ممارسة الإرهاب والانتقام من المجتمع، الذى لم يعطهم فرصة للنجاح (دون أن يبحثوا فى مسؤوليتهم عن عدم النجاح).

ولذا لم يكن غريبا أن يكون حديث قادة الدول الصناعية السبع، فى مؤتمرهم الأخير، أمس الأول، أكثر عملية فى التعامل مع ظاهرة التطرف الجديد من مؤتمر الرياض، فقد طالبوا شركات الإنترنت الكبرى بالتعاون مع الأجهزة الأمنية فى فرض رقابة على المحتوى المتطرف والمحرض على العنف فى مواقع التواصل الاجتماعى، ولم يطالبوا أحدا فى العالم العربى بتصحيح المفاهيم الدينية ولا دعوة الأزهر أو مركز «اعتدال» السعودى أو «صواب» الإماراتى إلى الرد على المتطرفين وتصحيح مفاهيمهم «الضالة»، إنما كانوا واضحين وعمليين وسريعى الحركة، لأن التجنيد لصالح هذه الخلايا الإرهابية لا يتم عبر كتب الفقه والتفسير، إنما عبر الإنترنت ولأسباب بالأساس غير عقائدية، إنما اجتماعية ثقافية فى أوروبا، وسياسية اجتماعية فى مصر، وثقافية اجتماعية فى تونس، وطائفية سياسية فى العراق، ووجدت ضالتها أو مبررها فى قشور دينية.

GMT 01:13 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

التوافق ينتصر للسودان .. والمعركة مستمرة

GMT 01:12 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

مصر الفيدرالية

GMT 01:06 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

فاتورة الحرب.. مدفوعة مقدمًا!

GMT 05:30 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

مشاكل ترامب أمام القضاء الأميركي

GMT 05:29 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

من مفكرة الأسبوع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من مانشستر إلى المنيا الإرهاب مستمر من مانشستر إلى المنيا الإرهاب مستمر



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية

GMT 12:20 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

طلائع الجيش يبحث عن مهاجم سوبر فى دوري المظاليم

GMT 15:09 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

فان ديك يحصد لقب أفضل لاعب بنهائي دوري الأبطال

GMT 15:15 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مشروع "كلمة" للترجمة يصدر "كوكب في حصاة"

GMT 20:20 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

صدور رواية "الطفلة سوريا" لعز الدين الدوماني
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon