بقلم : عمرو الشوبكي
أصدر حزب التجمع بيانًا، أعلن فيه اعتراضه على وقف طباعة جريدة الأهالى، عقب نشر تحقيق يتحدث عن تجاوزات مالية لبعض كبار المسؤولين، وآخر على خلفية تحقيق اعترضت فيه الصحيفة على إطلاق سراح عدد من المعتقلين الذين أُدينوا فى أحداث كرداسة، واعتبرته نوعا من المصالحة على الدم.
وقد أشار بيان التجمع (الحزب الوطنى ذو التاريخ العريق) إلى حوار بين الرقيب والأستاذة أمينة النقاش رئيسة التحرير من أجل حذف تقرير كرداسة، وعرض الأمر على مجلس التحرير الذى رفض أى حذف فتم منع طباعة الجريدة.
إن خطورة هذا المنع أنه لم يطل فقط جريدة حزب مؤيد لمسار 30 يونيو وللرئيس السيسى، إنما فى الاعتراض على تحقيق هو فى النهاية فى صالح الحكم وليس ضده.
والحقيقة أن حزب التجمع مثّل قطاعًا من التيار المدنى رأى أن الخطر الحقيقى الذى تواجهه مصر هو الإسلام السياسى والإرهاب، وقال إنه يمكن قبول تأجيل الديمقراطية لما بعد القضاء على الإرهاب والتخلص من خطر القوى المتأسلمة كما كان يسميها الراحل رفعت السعيد، فى مقابل هذه الرؤية هناك رؤية أخرى تبناها قطاع آخر من التيار المدنى رأى أنه لا يمكن النجاح فى الحرب على الإرهاب والتخلص من التيارات المتطرفة دون بناء دولة قانون ونظام ديمقراطى، ولذا أيد التيار الأول الحكم الحالى مع الإقرار بالسلبيات، وعارض التيار الثانى الحكم الحالى مع الإقرار ببعض الإيجابيات.
الأمر المقلق والصادم أن يصل التضييق ليس فقط على التيار المعارض إنما أيضا التيار المؤيد الذى يقدم رسالة للداخل والخارج تقول إن هناك قطاعا واسعا من الشعب المصرى يرفض أى مصالحات أو تسويات مع الإخوان، وأن من شارك فى أى مظاهرة إخوانية داخل كرداسة او خارجها وحتى لو لم يدن فى جرائم عنف، فإن هناك تيارا مدنيا شعبيا يرفض أن ينال أى عفو.
هذا الموقف فى صالح النظام ويقويه فى مواجهة أى ضغوط داخلية أو خارجية تخص ملف الإخوان، بل على العكس هو يقول إن هناك أيضا أساسًا شعبيًا وسياسيًا فى رفض المصالحة مع الإخوان وليس فقط خيارات السلطة.
قوة التيار المدنى فى تنوعه وليست فى تنظيمه الضعيف، وقوة الدولة المدنية فى قبولها بهذا التنوع، وفى سعيها طوال عصورها غير الديمقراطية فى أن تجذب المؤيدين لصالحها، وتحول جانبا من المعارضين إلى مؤيدين وجانبا من المعارضين المتطرفين إلى معارضين إصلاحيين وهكذا.
ولذا يصبح أمرا صادما اتخاذ قرارات تبدو وكأنها تستغنى حتى عن السياسيين المؤيدين لتبقى الساحة حكرا على كدابين الزفة ومؤيدى كل الحكام والعصور.
نحتاج إلى مراجعة حقيقية للإطار الذى يحكم التعامل مع الصحافة والإعلام، تضع خطوطا حمراء استراتيجية، وليس عنوانا فى تحقيق أو سطرا فى مقال.