توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

من الناجح فى تونس: المسار السياسى أم حركة النهضة؟

  مصر اليوم -

من الناجح فى تونس المسار السياسى أم حركة النهضة

بقلم : عمرو الشوبكي

 السؤال المطروح فى تونس منذ ثورتها فى 2010: لماذا قدمت حركة النهضة التى كانت جزءاً من جماعة الإخوان المسلمين نموذجا مختلفا عن معظم أفرع الجماعة فى العالم العربى، خاصة فى مصر، وكيف أن زعيم الحركة والسياسى المحنك (والمراوغ) راشد الغنوشى، الذى بدأ عضوا فى التنظيم الدولى للإخوان، انتهى خارجه وناقدا له؟ الحقيقة أن الإجابة على هذا التساؤل تبدأ بالعودة إلى وثائق النهضة الأساسية التى جاء فيها: إنه حزب سياسى وطنى ذو مرجعية إسلامية يعمل فى إطار الدستور والنظام الجمهورى على الإسهام فى بناء تونس الحديثة، الديمقراطية المزدهرة والمتكافلة والمعتزة بدينها وهويتها، وتسعى إلى ترسيخ قيم المواطنة والحرية والمسؤولية والعدالة الاجتماعية والنضال من أجل تحقيق وحدة المغرب العربى كخطوة باتجاه تحقيق الوحدة العربية، فالوحدة الإسلامية وتحرير فلسطين والعمل على التعاون مع كل الشعوب فى إطار الاحترام المتبادل.

برنامج النهضة فيه بعض الألغام، فقد تحدث عن تحرير فلسطين دون أن يقول كيف حتى لا يتورط كحزب مدنى فى الحديث عن الكفاح المسلح، كما تحدث عن المرجعية الإسلامية دون أن يحددها، لكنه التزم بالقانون والدستور والنظام الجمهورى والديمقراطية فأصبح جزءاً من المشهد السياسى التونسى والعربى.

حركة النهضة هى حزب مدنى يتمسك بمرجعيته الإسلامية، يحترم الدستور والقانون، وهنا لا يمكن إقصاؤه أو إلغاء شرعية وجوده القانونى حتى لو اختلفنا مع كل مقولاته ومواقفه على عكس تنظيم الإخوان المسلمين الذى تأسس باعتباره جماعة دينية عقائدية لها ذراع سياسية تدار من داخل كواليس الجماعة وليس صفوف أعضائها. الفارق بين تجربة الإخوان فى مصر والنهضة فى تونس أن الأولى بدأت تجربتها السياسية عقب ثورة يناير باعتبارها جماعة دينية عقائدية فوق الدولة والقانون، تجند أعضاءها على أساس دينى لا على أساس القناعة ببرنامجها السياسى، وعلى أساس الولاء المطلق لتفسيراتها الدينية ونمط تربيتها العقائدية، فى حين أن الانضمام للنهضة يتم من خلال الإيمان ببرنامجها السياسى، وليس شرطا أن يكون الشاب مواظبا على الصلاة أو الفتاة ترتدى الحجاب ليصبحا عضوين فى النهضة وينتقلا عقب سنوات من أخ محب (أو أخت) إلى أخ عامل مثلما تفعل الجماعة فى مصر.

والواقع أن تجربة تونس سارت فى مسار مستقر منذ بداية ثورتها فى 2010 فوضعت دستورها أولا ومعه قواعد قانونية فرضت على كل الأطراف أن تدخل المعادلة السياسية باعتبارها أحزاباً وليست جماعات دينية سرية. والمؤكد أن المجتمع التونسى الذى تبلغ فيه نسبة الأمية 15% (الثلث فى مصر) ويوجد فيه تعليم حكومى عام هو الأفضل بين الدول العربية غير النفطية، كما تعتبر الطبقة الوسطى أكثر اتساعا وانفتاحا على الغرب من نظيرتها المصرية، وعمالتها ذهبت لأوروبا وليس لدول الخليج، كل ذلك جعل معظم أطياف المجتمع التونسى داعمة لعملية التحول الديمقراطى رغم التحديات والمصاعب، وتقديم صيغة استيعاب النهضة ودمجها بشروط الدول المدنية وليس شروط التنظيم الدينى.

والحقيقة أن فلسفة النظام الديمقراطى تقوم على استيعاب كل الأطياف السياسية السلمية التى تؤمن بالأسس التى يقوم عليها النظام القائم من دستور ودولة وطنية ونظام جمهورى، فقد دمج النظام التونسى فى العملية السياسية حركة النهضة كحزب سياسى مدنى وليس كجماعة سرية عقائدية، وساعد التغيير الذى حدث فى مصر فى 30 يونيو فى كبح جماح «إخوان تونس»، ووضع حدود لما كان يطلق عليه التوانسة «تغول النهضة على مؤسسات الدولة». وبالتوازى مع قوة حركة النهضة هناك المجتمع التونسى القوى والمجتمع المدنى المؤثر وعلى رأسه الاتحاد التونسى للشغل، والذى اتخذ موقفا صلبا فى الدفاع عن الديمقراطية الوليدة رغم معارضته للحكومة.

إن الاتحاد التونسى للشغل كيان مدنى قوى مستقل عن السلطة حتى لو قام بمواءمات كثيرة معها، ولديه ظهير شعبى وتاريخ نقابى عريق، ولولاه لما نجحت تجربة التحول الديمقراطى فى تونس، فقد كان دوره حاسما فى الثورة، وأساسيا فى معارضة حكم النهضة وأيضا فى صنع التوافق بين فرقاء الساحة التونسية بعد سقوط حكم النهضة الثلاثى (كان مدعوما من حزبين ضعيفين آخرين). يقيناً المسار التونسى لم تشهده مصر، ونموذج النهضة يختلف عليه فى البرنامج وفى الأداء وفى المراوغة، ولكنه نجح فى أن يكون داخل إطار الشرعية ورقما داخل المعادلة السياسية التونسية والعربية كحزب سياسى مدنى ذى مرجعية إسلامية.

ويبقى السؤال: هل سيحافظ حزب النهضة على نفس توجهاته المدنية المعلنة، أم أنه يخفى أجندة سرية للتمكين الأبدى للسلطة؟ يقيناً السياسة لا تقوم على التفتيش فى النوايا، إنما على تقييم ما هو معلن، وتقوم أيضا على أسس دستورية وقواعد قانونية تنظمها، وهذا ما نجحت فيه تونس وفرضته على النهضة. ستظل الديمقراطية فى تونس ناشئة، ولكنها صمدت أمام احتجاجات اجتماعية واسعة شارك فيها عشرات الآلاف (وليس عشرات على سلالم نقابة الصحفيين) ونجحت فى حصار الإرهاب بدولة القانون دون أن تنتصر عليه، ونجحت فى إجراء تداول وحيد سلمى للسلطة فى العالم العربى أسقطت فيه حكم النهضة ومرشحها الرئاسى بإرادة شعبية. مسار تونس الصحى ساهم فى نجاح حركة النهضة ومع ذلك سيبقى وصول التجربة لبر الأمان متوقفا على أبعاد إقليمية ودولية كثيرة، وأيضا على قدرة النخب السياسية التونسية على أن تعى أنها أمام تحدٍ مركب تنافسها وصراعها المشروع على السلطة، وفى نفس الوقت حماية التجربة الديمقراطية الوليدة، لأن فى أحيان كثيرة يؤدى الأول إلى هدم الثانى، خاصة فى عالمنا العربى.

نقلا عن المصري اليوم القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

GMT 13:43 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

دولة في غزة كُبرى؟

GMT 11:56 2018 الإثنين ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

الوطن والشعب.. وأنا

GMT 08:20 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

درع العرب (1) نواة القوة المشتركة

GMT 09:54 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

مسقط... رؤية مختلفة

GMT 08:32 2018 الأحد ,28 تشرين الأول / أكتوبر

عودة الوحش

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من الناجح فى تونس المسار السياسى أم حركة النهضة من الناجح فى تونس المسار السياسى أم حركة النهضة



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية

GMT 12:20 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

طلائع الجيش يبحث عن مهاجم سوبر فى دوري المظاليم

GMT 15:09 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

فان ديك يحصد لقب أفضل لاعب بنهائي دوري الأبطال

GMT 15:15 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مشروع "كلمة" للترجمة يصدر "كوكب في حصاة"

GMT 20:20 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

صدور رواية "الطفلة سوريا" لعز الدين الدوماني
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon