توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

سُلطة عبدالناصر وسياسة صدقى

  مصر اليوم -

سُلطة عبدالناصر وسياسة صدقى

عمرو الشوبكي

جملة الأستاذ محمد حسنين هيكل عن أنه لا يمكن أن تحصل على سُلطة عبدالناصر وتطبق سياسات إسماعيل صدقى (أحد رؤساء وزراء العهد الملكى، واتسم عهده بالاستبداد دون تحقيق إنجازات تُذكر) أثارت جدلاً واسعاً، وهى جملة لا يجب «ِشخصنتها» أو إسقاطها على عصر دون آخر، إنما البحث فى دلالاتها ومعناها، على ضوء تصاعد خطاب يبحث عن صلاحيات مطلقة دون تحديد واضح للسياسات والأهداف.

والحقيقة أن إشارة الأستاذ التى نشرها زميلنا محمد سعد عبدالحافظ فى «الشروق»، يوم الاثنين الماضى، تقول إن سُلطة عبدالناصر لم تكن ديمقراطية، ولكنَّ مشروعه السياسى (رغم ما فيه من أخطاء) غيَّر من خريطة مصر الاجتماعية ونظامها السياسى، كما غيَّر من خريطة العالم، وقاد دول العالم الثالث نحو التحرر والاستقلال.

سلطوية نظام عبدالناصر وثورية نظامه وغياب الديمقراطية أمور واضحة، ولكن قابلها فى نفس الوقت قدرة استثنائية على الإنجاز وتغيير الواقع الاجتماعى والسياسى فى عصر كان يمكن فيه للقائد الفرد وللحزب الواحد أن يُحدث هذا التغيير، فما بالنا أن البعض يتحدث الآن وفقط عن القائد الفرد دون أى ظهير حزبى وسياسى.

والمؤكد أن تجربة عبدالناصر لم تكن ديمقراطية، مثلها مثل كل تجارب التحرر الوطنى فى بلاد العالم (باستثناء الهند)، فقد بنت «نُظم الحزب» أو «الكل فى واحد»، ورفعت شعارات الاصطفاف الوطنى من أجل التحرر ومواجهة الاستعمار، ولم تكن الديمقراطية مطروحة كأولوية بالنسبة لكل هذه التجارب، بل إن تعثر التجربة شبه الليبرالية فى مصر قبل ثورة يوليو كان أحد الأسباب الرئيسية وراء نجاح ثورة الضباط الأحرار فى ٢٣ يوليو.

والحقيقة أن قدرات وخبرات عبدالناصر السياسية وظروف عصره هى التى سمحت له بتأسيس تنظيم الضباط الأحرار، وهو فى بداية الثلاثينيات من عمره ضارباً القواعد المتعارف عليها فى أى مؤسسة عسكرية منضبطة ومهنية، لا تقبل، بل لا تتسامح مع أى تنظيمات سرية تخترق صفوفها، وتعامل الرجل مع قوى سياسية متعددة من شيوعيين وليبراليين وإخوان مسلمين، وقام بثورة ضد النظام الملكى القائم من خلال بناء تنظيم ثورى وليس بانقلاب عسكرى.

إن سُلطة عبدالناصر الواسعة استُمدت من حالة ثورية استخدمت وسائل عصرها فى اختراق التنظيمات السياسية للجيوش فى كثير من دول العالم الثالث، وإجراء تغييرات ثورية فى بنية النظام السياسى، صحيح أن هذه الوسيلة اختفت تقريباً من العالم، وأصبحت الجيوش تتدخل فى أحيان استثنائية فى المسار السياسى بعد تحرك شعبى كما حدث مؤخراً فى مصر، أو فى تايلاند وباكستان نتيجة فشل الأحزاب.

صحيح أن الجيوش الحديثة المنضبطة نجحت فى منع اختراق التنظيمات السياسية لها، وهو فى كل الأحوال أمر إيجابى، وتحول الجيش المصرى على يد عبدالناصر بعد نكسة ٦٧ إلى جيش وطنى محترف ساهم بشكل حاسم فى انتصاره فى ٧٣.

عبدالناصر لن يتكرر، ليس فقط لصفاته الشخصية، إنما أساساً لأن الظروف التى صاحبت عصره تختلف جذرياً عن الظروف الحالية، فتربيته السياسية وإيمانه بالتغيير الثورى (عرف الثورة بأنها علم تغيير المجتمع) وامتلاكه أساساً مهارات السياسى، أمر لم يعد متاحاً فى الجيوش الحديثة المنضبطة، وهو ما جعله منذ اليوم الأول يمتلك مشروعاً سياسياً محدد المعالم طوَّره مع الوقت، وعدَّل فيه، وراجعه وأخطأ وأصاب.

أجيال ثورة ١٩١٩ وثورة يوليو كانت قضيتها الأساسية هى الاستقلال والتحرر الوطنى، وليس الديمقراطية والليبرالية، ولم يدَّع عبدالناصر فى أى مرحلة من مراحل حكمه أنه زعيم ليبرالى أو ديمقراطى، إنما كان بطل تحرر وطنى دافع عن العدالة والاشتراكية ومناهضة الاستعمار.

ويأتى العصر الحالى وتسمع كل يوم خطاباً إعلامياً يطالب بسلطة مطلقة لرئيس الجمهورية، ويعلن كل يوم أن الدستور والبرلمان والأحزاب والمجتمع الأهلى، وحتى النقد بالكلمة، هى جميعاً مُعطلة للمسيرة، ويجب أن تتركز السلطة فى يد شخص واحد حتى يمكن للبلد أن ينجز ويتقدم.

والحقيقة أن الإنجازات التى تحققت على مدار عامين، والإنجازات التى يمكن أن تتحقق، لا تحتاج إلى سلطة مطلقة أو تفويض على بياض كما جرى فى عهد عبدالناصر (عصر التحرر من الاستعمار)، إنما هى بحكم طبيعتها تحتاج إلى تعدد آراء ومهنية فى العمل ومجتمع نشط ومنظم ومبادر، ومنظومة تعليم لا يقودها وزراء التعليم العالى الحاليون.

والحقيقة أن أى استدعاء للسلطة المطلقة بعد أن خرج الاستعمار من بلادنا سيعنى العودة لمنظومة «الفشل الكبير»؛ لأن مصر الآن تحتاج إلى نظم ديمقراطية، وإلى قيم المهنية والإصلاح، والرؤية التى تنظر إلى تفاصيل الصورة، وحقيقة المشاكل المعيشة، وليس بالإحالة للشعارات العامة والهتافات الرنانة التى سبق أن أطلقها البعض قبل هزيمة ٦٧.

جملة هيكل حمَّالة أوجه، ولكن يقيناً هى تقول لنا: ابحثوا عن الإنجازات الحقيقية قبل أن تبحثوا عن السلطة الواسعة، لأنكم إذا ركزتم فى الثانية لن تحققوا أى شىء يُذكر فى الأولى.

GMT 05:50 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

هل لديك الشجاعة؟!

GMT 05:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

الأدوات السياسية

GMT 05:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

كيف نتصدى لإيران في الخليج؟

GMT 05:31 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"الممر"

GMT 05:28 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عيون وآذان (إسرائيل تتآمر على ما بقي من فلسطين)

GMT 02:12 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

«صاحبة الجلالة» ليست دائماً بريئة!

GMT 02:05 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرجيلة «حزب الله» وجمر إيران!

GMT 01:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

شرعية الإنجاز

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سُلطة عبدالناصر وسياسة صدقى سُلطة عبدالناصر وسياسة صدقى



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon