توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

تحية للشعب التركى

  مصر اليوم -

تحية للشعب التركى

عمرو الشوبكي


نجح الشعب التركى فى وقف زحف رجب طيب أردوجان نحو السلطة المطلقة، وقدم تجربة ديمقراطية تستحق الإشادة، بعد أن عاقب حزب العدالة والتنمية الحاكم على ممارساته التسلطية، وجعله يفقد حوالى 12% من أصوات الناخبين، لينهى أحلام أردوجان فى تغيير الدستور وتشكيل الحكومة منفردا.
وقد حصل حزب أردوجان على 40% من أصوات الناخبين ليبقى فى المركز الأول، ولكنه فقد أغلبيته المطلقة التى كان يعوّل عليها من أجل تغيير الدستور وبقاء أردوجان الأبدى فى السلطة كرئيس مطلق الصلاحيات، وجاء حزب الشعب الجمهورى، حزب المعارضة الرئيسى فى المركز الثانى، وحصل على 25%، ثم الحزب القومى (الذى يقع فى أقصى اليمين)، وحصل على حوالى 16% من أصوات الناخبين، ثم أخيرا حزب الشعوب الديمقراطية، المدافع عن حقوق الأكراد، وحصل على 12%، ليصبح أول حزب كردى يدخل البرلمان ويتجاوز عتبة الـ10% المفروضة من أجل التمثيل فى البرلمان.

خسارة حزب العدالة والتنمية كبيرة، ولكنها خسارة لم تقض عليه ولم تجبر زعماءه على المراجعة والنقد الذاتى، بل حمَّلوا الناخب التركى على طريقة الحكام المستبدين مسؤولية خسارة الحزب، لأنه قد يترتب عليها عدم استقرار سياسى، بسبب إما الفشل فى تشكيل حكومة ائتلافية، أو النجاح فى تشكيلها، وتكون مليئة بالخلافات والانقسامات الداخلية، وهو ما سيؤثر على الوضع الاقتصادى المزدهر، أحد أهم إنجازات حكم أردوجان.

تحدى تشكيل الحكومة والحفاظ على الاستقرار السياسى والاقتصادى، فى ظل نتائج الانتخابات التركية، تحد كبير سيواجهه الأتراك فى الأيام القادمة، خاصة فى ظل ألاعيب أردوجان وتهديداته، بعد أن أصيب بلوثة السلطة التى لم يعد قادرا على مغادرتها، ولكن التحدى أو بالأحرى الخطر الأكبر الذى أسقطه الشعب التركى فى هذه الانتخابات كان فى إفشال مخطط أردوجان فى حصول حزبه على نفس النسبة التى حصل عليها فى الانتخابات السابقة (حوالى 53%) وتشكيله- منفردا- الحكومة وتغيير الدستور.

والحقيقة أن الشعب التركى نجح بالديمقراطية فى أن يُسقِط الرجل الذى أراد أن يبقى 22 عاما فى السلطة بصلاحيات مطلقة، أى «شبيه مبارك» فى المنطقة، وليس راعى الديمقراطية وثورات الربيع العربى كما يدَّعِى، رغم القيود التى فرضها على حرية الرأى والتعبير ومحاولاته الدائمة لتوظيف الدولة لصالح حزبه الحاكم مثلما يفعل جيرانه العرب الذين طالما عايرهم بنظمهم غير الديمقراطية وبحكامهم الذين بقوا لعقود طويلة فى السلطة.

التحية واجبة للشعب التركى، ذى التاريخ العريق والديمقراطية الصامدة، رغم التحديات الكثيرة التى تواجهها، من انقلابات الجيش وفشل السياسيين وانتهاء بالإرهاب، لنجاحه فى إسقاط مشروع اختطاف تركيا لصالح حزب واحد، وأن يخرج من تجارب «الحزب المهيمن» فى تجارب ديمقراطية ناشئة أو متعثرة كثيرة، فقد عرفت المكسيك تجربة حزب حاكم مهيمن على السلطة 70 عاما، حتى نجح الشعب المكسيكى فى تغييره بالديمقراطية، وعرفت أيضا جنوب أفريقيا مع حزب المؤتمر الوطنى الحاكم تجربة أخرى منذ تخلصها من نظام الفصل العنصرى حتى الآن، وأيضا فى روسيا الاتحادية التى يحكم فيها حزب الرئيس بأكثر من 60%.

معضلة أردوجان وحزبه المهيمن تتمثل فى امتلاكه ماكينة انتخابية وسياسية كُفئة كانت مرشحة أن تُبقيه فى السلطة لسنوات طويلة، وتسمح له بالحصول على ما بين 50 و60 فى المائة من أصوات الناخبين، مثلما جرى فى تجارب سابقة لا علاقة لها بالعالم العربى والإسلامى.

والحقيقة أن أغلب مشاكل أردوجان لم تكن لها علاقة بتوجهاته الأيديولوجية المحافظة دينيا، إنما بالأساس غواية السلطة التى وقع فيها، بعد أن بقى 12 عاما رئيس وزراء، وأراد أن يبقى 10 سنوات أخرى كرئيس للجمهورية.

وعلى عكس ما يردد البعض بسطحية فى مصر، فتجربة العدالة والتنمية ليست لها علاقة تنظيمية بتجارب الإخوان المسلمين فى العالم العربى، وأردوجان بالقطع ليس جزءا من التنظيم الدولى للإخوان، إنما كان يرغب فى أن تكون له أذرع تابعة للمركز الحاكم فى اسطنبول، وكان حكم الإخوان إحدى هذه الأذرع التى كانت مجرد منطقة نفوذ تابعة لتركيا أردوجان، ولم يتصور أن الشعب المصرى سيسقطها مثلما لم يتصور أن الشعب التركى سيسقطه أيضا.

أردوجان حقق نجاحات اقتصادية وإصلاحات سياسية كبرى فى بداية حكمه، ولكنه تحول بعد سنوات البقاء الطويل فى السلطة إلى مشروع حاكم استبدادى بامتياز ردعته الديمقراطية التركية الصامدة والشعب التركى الكبير الذى نجح فى إبعاد- (ولا نقول إنهاء)- خطر السقوط فى تجارب حزب السلطة المهيمن، الذى ما إن يصل للحكم حتى يهندس القوانين ويوظف مؤسسات الدولة لصالح بقائه الأبدى فى السلطة عبر انتخابات حرة وغير مزورة.

لقد نجح الشعب التركى فى أن يحافظ على ديمقراطيته الناشئة ويُنَمِّيها، فلم يعرف- حتى فى انتخابات الرئاسة- رئيسا يحكم بـ 90%، وهو يعنى تلقائية خلل فى مكان ما داخل النظام السياسى، فقد فاز أردوجان العام الماضى بانتخابات الرئاسة، وحصل من الجولة الأولى على 52%.

لقد قدم الشعب التركى بنتائج انتخابات البرلمان درسا لشعوب كثيرة فى المنطقة، ونجح عبر نظام ديمقراطى ينمو كل يوم فى أن يوجه ضربة قاصمة لمشروع استبدادى جديد فى المنطقة، فهل سيتعلم الآخرون الدرس، وأن الديمقراطية السياسية والتنمية الاقتصادية جناحان لا يمكن فصلهما، وأنه لا يوجد نظام سياسى حديث يبيد الخصوم والمناوئين؟

تحية للشعب التركى على تصويته واختياراته، رغم أن الصعوبات مازالت كثيرة.

GMT 05:50 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

هل لديك الشجاعة؟!

GMT 05:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

الأدوات السياسية

GMT 05:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

كيف نتصدى لإيران في الخليج؟

GMT 05:31 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"الممر"

GMT 05:28 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عيون وآذان (إسرائيل تتآمر على ما بقي من فلسطين)

GMT 02:12 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

«صاحبة الجلالة» ليست دائماً بريئة!

GMT 02:05 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرجيلة «حزب الله» وجمر إيران!

GMT 01:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

شرعية الإنجاز

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تحية للشعب التركى تحية للشعب التركى



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon