توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أين الدولة؟

  مصر اليوم -

أين الدولة

عمرو الشوبكي

حين تفجرت أزمة التسجيلات المسربة منذ ما يقرب من عام أثارت ردود فعل غاضبة لدى الكثيرين، واعترض عليها قطاع واسع من الرأى العام، واعتبرتها قله أخرى أمراً عادياً لأن من حق الناس أن تعرف حقيقة ما يجرى من التليفونات حتى غرف النوم.

والمؤكد أيضا أن توقف برنامج «الصندوق الأسود» عقب إذاعته مكالمة مسجلة لأحد كبار رجال الأعمال، دلّ من ناحية على قوة نفوذ رأس المال وتضامن كل أصحاب القنوات الخاصة معه، وهو أمر لم يستطع أن تفعله عشرات الأسماء الأخرى التى أذيعت مكالماتها على الهواء مباشرة.

والمؤكد أن قطاعا واسعا من النخبة السياسية المصرية رفض فكرة إذاعة التسجيلات، وحاولت أطراف كثيرة إيقاف البرنامج من داخل حكومة الببلاوى المستقيلة وخارجها ولم تفلح، وظل الأمر متروكاً للاجتهادات الفردية والنفوذ الشخصى بعيدا عن أى قواعد تضعها الدولة لتنظيم الإعلام.

ولعل الأزمة الأخيرة التى تفجرت بعد إذاعة تسريب مكالمة تليفونية جديدة أدت إلى وقف بث البرنامج على الهواء مباشرة، وهو مشهد مستحيل أن تجده فى بلد آخر غير مصر، ثم تضامن أصحاب القنوات الخاصة التى يمتلكها رجال الأعمال فى مواجهه برنامج «الصندوق الأسود» ومنع أى بث جديد له عبر أى قناة أخرى، وهو أمر يجعلنا نطرح سؤالاً: أين الدولة من كل ما جرى ويجرى على الساحة الإعلامية؟

المدهش أن الجميع تحرك فى مواجهه البرنامج من أجل الدفاع عن مصالحه أو سمعته أو ما يراه اعتداء على حرمة الحياة الخاصة، إلا الدولة التى لم تتحرك، ووقفت قيادتها السياسية تتعامل بحياد غير إيجابى تجاه هذه القضية الخطيرة.

فالسؤال الجوهرى الذى يجب أن يطرح أولاً: هل بث هذه التسجيلات على الهواء مباشرة يعد حرية رأى وتعبير أم جريمة منافية للدستور والقانون، ويمثل اعتداء على حرمة الحياة الخاصة للمواطنين؟ هذا السؤال هو الذى كان يجب أن تجيب عنه الدولة من اليوم الأول لبث هذه التسجيلات، ولا تنتظر أن نرى ما جرى فى الأيام الماضية من استهداف لأسماء بعينها أدى إلى وقف البرنامج، فى حين أن الطبيعى كان فى وضع قواعد قانونية ومهنية تنظم عمل الإعلام من خلال مجلس أعلى لتنظيم الإعلام كما نص الدستور، بعيدا عن اسم ومكانة أى شخص يأتى ذكره فى التسجيلات.

والحقيقة أن إذاعة التسجيلات على الهواء تعد من وجهة نظرى مخالفة صريحة للدستور والقانون (لم يعد لهما قيمة بالنسبة للبعض)، ولذا فإن هذا التقدير كان يجب على الدولة أن تحسمه بشفافية ووضوح ودون مواربة أو مراوغة مباركية، متصورة أنها بحيادها ستكسب الجميع، وهى فى الحقيقة ستخسر الجميع لأن الحاسم هو القاعدة القانونية المنظمة لعمل أى مؤسسة وعلى رأسها الإعلام.

نعم الدولة فى مصر، كما فى غيرها، تسجل على من تريد حين تريد، وجزء من احترام المصريين لدولتهم أنها حافظت على تقاليدها رغم ما أصابها من ترهل وفساد، ففى مصر قضاء به تقاليد محترمة حتى لو احتاج إلى إصلاح، وفى مصر شرطة وليس ميليشيات حتى لو ارتكبت تجاوزات، وفى مصر جيش وطنى عظيم حتى لو اختلف البعض على مساحة تدخله فى السياسة، ولذا فحين تسجل الدولة فى مصر لناس «تفضفض» طول عمرها فى التليفونات لأنهم يعرفون أن دولتهم ليست دولة القذافى ولا صدام حسين ولا بشار الأسد، فوثقوا فيها واستأمنوها على ما يقولون دون أن يتصوروا فى يوم الأيام أنه سيكون على الهواء.

المؤكد أن الخلط الذى حدث بين دور الدولة الغائب فى تحديد القواعد القانونية والمهنية لعمل الإعلام، والتى على أساسها سيتحرك كل الإعلاميين دون حجر على حرية الرأى والتعبير والتوجه السياسى لكل إعلامى أو صحفى أو كاتب، فمن حق البعض أن يرفض ثورة 25 يناير أو يرفض ما آلت إليه أو يعترض على سلوك وخطاب بعض النشطاء فلا توجد حصانة ثورية أو دينية لأحد، ولا أحد يطالب بأن نسبح جميعا بأى فعل إنسانى سواء كان 25 يناير أو 30 يونيو أو 23 يوليو، فكل تجارب مصر السياسية وثوراتها محل نقاش ونقد، وإن منع أى برنامج وفق التوجه السياسى لمقدمه أمر مرفوض جملة وتفصيلا.

إن عدم حسم الدولة قضية شائكة وصادمة مثل موضوع التسجيلات وحيادها غير الإيجابى تجاه هذه القضية عقّد الصورة، وجعل البعض يحول ما جرى إلى قضية حرية رأى وتعبير، وجعل إدارة القناة تخرج علينا بالقول إنها ترفض تحويل القناة لساحة للخلاف بين شخصين بعد أن تدخلت أطراف كثيرة مؤثرة بما فيها أجهزة الدولة للتعامل مع حلقة ولم تتدخل للتعامل مع حلقات، ولا من أجل تأسيس مبدأ أو قاعدة، وتركت الدولة الأمور تتفاقم لكى يصطدم الجميع بالجميع كما كان يحدث فى عهد مبارك، متصورة أن راحتها واستقرارها من خلال اللعب على تناقضات الجميع، صحيح أن هذه الطريقة نجحت لبعض الوقت حتى سقطت فى 25 يناير، ولكنها لن تنجح لأشهر فى أى نظام جديد لأنه تسلم بلدا مأزوما بلا قانون ولا قواعد ولا مهنية، ولن يحتمل الاستمرار فى هذه الحالة.

لم يجر نقاش من أى نوع بين المتخصصين وخبراء الإعلام حول القواعد المنظمة للإعلام، وما هو المسموح وغير المسوح قانونا وفق قواعد مهنية، وليس أن يحب الإعلاميون مصر وبعضهم البعض إلى أن جاءت الفأس فى الرأس وحدث ما حدث.

النقاش لابد أن يُفتح حول الإعلام، وأن يُحسم بالقول إن من حق الجميع أن يقول ما يراه دون سب أو قذف أو إهانة وفق القانون، ولا توجد حصانة لأحد ولا لحدث، إنما فقط هناك أعمال منافية للدستور والقانون على الدولة أن تحددها بوضوح وشفافية.

GMT 05:50 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

هل لديك الشجاعة؟!

GMT 05:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

الأدوات السياسية

GMT 05:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

كيف نتصدى لإيران في الخليج؟

GMT 05:31 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"الممر"

GMT 05:28 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عيون وآذان (إسرائيل تتآمر على ما بقي من فلسطين)

GMT 02:12 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

«صاحبة الجلالة» ليست دائماً بريئة!

GMT 02:05 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرجيلة «حزب الله» وجمر إيران!

GMT 01:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

شرعية الإنجاز

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أين الدولة أين الدولة



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon