توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الخطاب الدينى .. والوقت الضائع

  مصر اليوم -

الخطاب الدينى  والوقت الضائع

بقلم : فاروق جويدة

أكثر من ثلاث سنوات مضت منذ طرح الرئيس عبد الفتاح السيسى قضية إصلاح الخطاب الدينى كان الهدف ان نصل الى صيغة بيننا من خلال الحوار وتبادل الرؤى عن الوسائل التى يمكن من خلالها ان نصل الى خطاب دينى وسطى متوازن يحفظ الثوابت ولا يفتح ابوابا للشطط ومغامرات الفكر والاستخفاف بعقائد الآخرين .. كان الهدف ان نفهم ديننا بوعى وإيمان وتجرد لأن أعظم ما فى الإسلام سماحته .. كان الهدف من الدعوة الا يتحول الدين الى سيف مسلط على رقاب الخلق، وان تكون الرحمة هى طريقنا الى الله .. منذ تسللت السياسة الى ساحة الأديان افسدنا الاثنين معا وتحول الصراع الى دماء وإرهاب وقتل كانت هذه هى الجوانب التى قامت عليها الدعوة لتقديم خطاب دينى رشيد ومستنير وعاقل وان تبقى للدين قدسيته وتبقى للسياسة اساليبها التى لا نختلف عليها كثيرا لأنها واضحة فى كل شئ ..

مرت ثلاث سنوات ومازالت حلقات الصراع بين القوى السياسية والثقافية والدينية ومازالت الاتهامات ومحاولة التصفيات وإلقاء التهم وكل فريق يبحث عن طريقة للتخلص من الآخرين .. كان غريبا ان يحدث ذلك رغم ان القضية لا تحتمل كل هذا الجدل إذا لجأنا الى مصادرها الحقيقية من العلماء الأجلاء والمثقفين الأنقياء وكل صاحب فكر يدرك غاية الأديان وسعيها الدائم لإسعاد البشر ..

فى الفترة الماضية لابد ان نعترف ان الساحة شهدت الكثير من التناقض والرفض بل والاتهامات فى صفوف القوى الدينية والثقافية والفكرية وكان للأمن نصيب فى ذلك كله حين حدثت تجاوزات وصلت الى اعمال إرهابية.

< كان الخطأ الأول ان الجميع القى المسئولية على الأزهر الشريف كمؤسسة دينية وفكرية رأى البعض انها شجعت التطرف وتخرج منها الالاف الذين يؤمنون بالعنف حتى وصل الاتهام الى الإرهاب .. كان من الصعب ان تلقى المسئولية كاملة على الأزهر لأن نظام التعليم فى مصر تجاهل تماما لسنوات طويلة قضايا الوعى والاستنارة والحوار مع الآخر والمعنى الحقيقى للمواطنة .. لم يكن من العدل ان يتحمل الأزهر ما اصاب العقل المصرى من تشوهات الفكر والسلوك لأن الأمر لم يكن قاصرا على جماعات دينية استخدمت الدين وسيلة للعبث السياسى ولكن غياب العمل السياسى فى انشطته المشروعة فتح ابوابا امام تيارات وجماعات غامضة وقد شجع الواقع السياسى هذه الجماعات، ومنحها فرصا فريدة فى المشاركة السياسية على طريقتها واساليبها.

< لم تكن الأزمة فى اساليب التعليم فى الأزهر والجامعات فقط ولكن الواقع الثقافى المصرى وقد حمل امراضا كثيرة كان شريكا اساسيا فى تشويه العقل المصرى .. ان الثقافة المصرية فى سنوات التجريف فتحت ابوابا واسعة لأصحاب المصالح من المثقفين بل انها احتكرت فى اوقات كثيرة الثقافة المصرية وفرضت عليها نوعا من الوصاية لقد شهدت مصر طوال السنوات الماضية نوعا من الإنقسامات التى فرضتها المواقف السياسية، وتلاعبت الحكومات المتعاقبة بالصراع بين القوى الثقافية، سواء كانت دينية ام مدنية فكانت من حظ اليسار حينا ثم من حظ التيارات الدينية فى حين آخر وبقيت هذه اللعبة هى التى تحرك الواقع الثقافى المصرى وتفرض عليه شروطها ..

حين بدأ الحديث عن إصلاح الخطاب الدينى انفجرت هذه الصراعات، سواء كانت علنية او سرية لكن الشئ المؤكد ان كل فريق كان رافضا للآخر بحكم عداوات وخلافات وصراعات قديمة .. كانت قواعد اللعبة فى الساحة الثقافية والفكرية وحتى الدينية انت لست معى فأنت ضدى.. وكان هذا المنطلق الخاطئ سببا فى شيوع اجواء من الرفض والكراهية بين ابناء النخبة المصرية ايا كانت نوعية الفكر الذى تدين به.. كان الحديث عن الخطاب الدينى فرصة لكشف كل هذه الأمراض وبدأ الصراع بتشويه صورة الأزهر تاريخا ودورا ورموزا، ثم كانت المطالبة بتغيير كل ثوابت هذه المؤسسة من خلال مشروعات قوانين امام البرلمان او حملات إعلامية ضارية فى هجومها على الإمام الأكبر د. احمد الطيب شيخ الجامع الأزهر .

ضاع الهدف من قضية هامة وخطيرة امام صراعات قديمة جددت اساليبها وكل فريق يرى انها فرصة للحصول على مكاسب اكبر .

< ربما كانت قضية الخطاب الدينى هى اهم القضايا الثقافية والفكرية والأمنية التى طرحها الرئيس السيسى على مؤسسات الدولة عندما تولى السلطة وهناك اسباب كثيرة وضعت هذه القضية فى اولويات سلطة القرار اهمها انها تمثل الجانب الأخطر فى قضية الإرهاب وما دفعته مصر من ثمن امام هذه الكارثة .. على جانب آخر فإن بناء الدولة الحديثة يتطلب ان يكون الشعب اكثر وعيا وادراكا لمسئوليات العصر .. وقبل هذا كله فإن الدين احد العناصر الأساسية فى مكونات الشعب المصرى، ولكن الأزمة الحقيقية اننا نطرح قضية على درجة كبيرة من الخطورة والحساسية امام مجتمع فيه ما يقرب من 30% لا يقرأون ولا يكتبون ولهذا تحولت الى صراع بين قوى متنافرة على شاشات التليفزيون ولم تتجاوز هذا المدى .. لو سألت الآن مواطنا فى الصعيد او الدلتا ماذا تعرف عن قضية تجديد الخطاب الدينى فلن تجد الإجابة رغم ان هذا الشخص الذى تسأله هو صاحب المشكلة الأساسية فى وعيه وفكره واسلوب حياته .

< هناك قضية شائكة لا اريد ان اخوض فى الحديث عنها وهى هذا العداء المستتر بين بعض مثقفينا والأزهر الشريف وهذا العداء يأخذ اشكالا كثيرة فى الإساءة لهذه المؤسسة العريقة بل انه يتجاوز احيانا فى خصومته ليأخذ اشكالا اخطر تتعلق بقدسية الدين وثوابته.. وفى تقديرى ان هذه القضية كانت من اهم الأسباب التى تركت أثرا على لغة الحوار حول الخطاب الدينى .. احيانا كنت اشعر ان النفوس ينقصها شئ من النقاء والسماحة، خاصة اننا جميعا نسعى الى تقديم اجمل صورة لديننا بأن نخلصه من كل ما علق به من التجاوزات سواء بسبب السياسة او لأسباب اخرى تراكمت مع الأيام .

< من اهم الأخطاء التى شهدتها السنوات الثلاث الماضية فى قضية الخطاب الدينى ان الحوار تحول الى معارك على شاشات الفضائيات من يستطيع ان يهزم الآخر بالضربة القاضية واكتشفنا فى النهاية اننا جميعا خاسرون .. وقد ساعد على حالة الارتباك والفوضى دخول اطراف لا علاقة لها بقضايا الأديان وثوابتها ومرجعياتها ووجدنا وجوها غريبة تكتب فى امور تحتاج الى التخصص والمعرفة ولكن القضية امام إعلام الفوضى فتحت الأبواب لكل من هب ودب وتسللت اسماء غريبة تلقى الحجارة هنا او هناك ..

كان ينبغى ان يقتصر الحوار على اهل الاختصاص من العلماء واصحاب الفكر والرؤى اما هؤلاء الدخلاء الأدعياء فقد شوهوا الصورة كلها ووجدنا القضية تضيع فى سراديب ومتاهات حوارات ومعارك كانت سببا فى سجن البعض واختفاء البعض الآخر فى ظروف غامضة .. كانت القضية تحتاج ان تناقش كل جوانبها بكل الحساسية فيها فى غرف مغلقة قبل ان تتحول فى الإعلام الى بذاءات واتهامات وشتائم .

< لقد بدأت القضية بصورة فيها الكثير من التجاوز ضد ثوابت دينية يجب ان تحترم حتى لو اختلفنا حولها .. ولكن العامة من المواطنين تصوروا انها تمثل هجمة على عقيدتهم بكل مقدساتها وثوابتها، وربما اتضح ذلك فى ريف مصر الذى يمثل الدين فيه ركنا اساسيا من اركان ومكونات الشخصية المصرية .

< رغم ان القضية كانت تحتاج الى فكر اوسع وحوار ارفع إلا ان ما حدث فى السنوات الثلاث الماضية لم يحقق النتائج المطلوبة .. ومازال السؤال الحائر كيف نعالج جوانب القصور التى أحاطت بكل الجهود التى دارت حول هذه القضية .. هل نعود بها مرة اخرى الى جهات الاختصاص هل يمكن ان نكون اكثر حيادا وتجردا وموضوعية ونحن نناقش القضية .. والسؤال الأهم متى نبدأ فى تشكيل واقع ثقافى وتعليمى وفكرى يفتح امامنا آفاقا اوسع لتشكيل اجيال اكثر سماحة وترفعا وحبا لدينها.. هل بدأ تطوير المناهج والتخلص مما علق بها من الشوائب هل بدأ الأزهر رحلته مع بناء فكر إسلامى اكثر تحررا واستنارة هل شارك المثقفون المصريون فى وضع استراتيجية جديدة لبناء العقل المصرى؟! باختصار شديد علينا ان نراجع ما حدث فى السنوات الماضية منذ طرح الرئيس عبد الفتاح السيسى قضية الخطاب الدينى للحوار .. يبدو ان القضية لم تحرك السفينة، وان الأمواج العالية حالت دون ان تكمل السفينة رحلتها فى حوار عاقل وفكر واع ومجتمع اكثر تقدما واستنارة .

ان القضية لم تعد فى حاجة الى المزيد من التأجيل وإضاعة الوقت فى حوارات غير مجدية او معارك كلامية خاصة ان كل الشواهد تؤكد ان المعركة ضد الإرهاب سوف تستغرق الكثير من الجهد والوقت، لأن جذور القضية فى فكرها وأمراضها قد رفعت لواء الدين والدين برىء من كل هذا العبث .. إن قضية تجديد الفكر الدينى تحتاج الى تكاتف كل الجهود من كل مؤسسات الدولة الرسمية والشعبية ويكفى الذى ضاع فى معارك وهمية.

GMT 07:32 2017 الثلاثاء ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

هذه المعارك التافهه!

GMT 07:29 2017 الثلاثاء ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

المنطقة المأزومة

GMT 07:28 2017 الثلاثاء ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

شريط الأخبار

GMT 07:44 2017 السبت ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

ترويع الآمنين ليس جهاداً

GMT 07:43 2017 السبت ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

الصين ترفع رئيسها إلى مستوى ماو !

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الخطاب الدينى  والوقت الضائع الخطاب الدينى  والوقت الضائع



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية

GMT 12:20 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

طلائع الجيش يبحث عن مهاجم سوبر فى دوري المظاليم

GMT 15:09 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

فان ديك يحصد لقب أفضل لاعب بنهائي دوري الأبطال

GMT 15:15 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مشروع "كلمة" للترجمة يصدر "كوكب في حصاة"

GMT 20:20 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

صدور رواية "الطفلة سوريا" لعز الدين الدوماني
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon