توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الدولة المصرية .. والأمة العربية

  مصر اليوم -

الدولة المصرية  والأمة العربية

مصطفى الفقى

كنت أتحرج دائماً من استخدام تعبير «الأمة المصرية» الذي جرى صكه في غضون «ثورة 1919» عندما رفع الثوار وقتها شعار «مصر للمصريين» والذي انضوت تحت لوائه كل طوائف الأمة المصرية بشكل غير مسبوق في تاريخنا الحديث
وظل الحرج يلازمني من منطلق قومي إذ إنني عايشت منذ صدر شبابي التوجهات العروبية لمصر وآمنت بها واعتنقت فكرها، وبرغم أن مؤرخ الجغرافيا العظيم «جمال حمدان» كان يرى أن العروبة طارئة على الساحة المصرية إلا أنني كنت أظن ومازلت أن «عبد الناصر» هو الذي حدد الهوية العربية لمصر سياسياً بعد أن كانت موجودة ثقافياً وفكرياً فقط، «فعبد الناصر» هو الذي ألقى «بمصر» في أتون العروبة وحضنها الدافئ مستخدماً وجود الخطر الصهيوني المشترك الذي عرفه جيداً بعدما خاض «حرب فلسطين 1948» وعاش حصار «الفالوجة» وآمن بعمق أن العرب أمة واحدة، وظل ذلك الحرج يلازمني من استخدام مصطلح «الأمة المصرية» إلى أن تابعت ذات يوم حفل تنصيب الرئيس اللبناني الأسبق العماد «إميل لحود» فوجدته يتحدث عن «الأمة اللبنانية» فقلت في نفسي لقد زال الحرج فإذا كان سبعة ملايين لبناني في الداخل والمهجر يشكلون أمة لبنانية مع أنهم جزءٌ من الأمة العربية فلا حرج أن يشكل قرابة تسعين مليوناً أمة مصرية أيضاً على نحو لا يتعارض مع الهوية العربية أو الالتزام القومي الذي لا ينبغي أن نبرحه أبداً، «فمصر» كبيرة بأمتها العربية وقوية بنسيجها الداخلي الذي يشكل أمة مصرية ولا أرى تعارضاً بين الاثنين على الإطلاق إذ أن بينهما مساحة كبيرة مشتركة في إطار سبيكة تاريخية وثقافية تشكل من منظور حضاري الشخصية المصرية المعاصرة، ولعلنا ونحن نعيش موجة التفاؤل المبكرة بوصول رئيس وطني إلى قمة السلطة، لعلنا في هذه المرحلة نعيد صياغة الدور المصري عربياً من أجل تحديد حركتنا الإقليمية بشكل يتجاوز أخطاء الماضي، دعنا نوجز ذلك في النقاط التالية:
أولاً: يختلف الكثيرون حول مفهوم الدور الإقليمي لمصر لأن معظمهم يرى أن «مصر» دفعت ثمناً باهظاً لدورها القومي ويجدون في «حرب اليمن» (1962 ـ 1967) نموذجاً للتحرك خارج الخريطة المصرية من أجل التزامٍ عربي حتى ولو كان قومياً بامتياز، لذلك وقر في ذهن البعض أن الدور الإقليمي يعني التورط في مغامرات خارجية يدفع فيها الشعب المصري تكاليف غالية وهذا التفسير المغلوط يبدو كالحق الذي يراد به باطل لأن الدور الإقليمي لمصر هو جزءٌ من شخصيتها التاريخية وليس وافداً جديداً ولا موقفاً طارئاً بالنسبة للكنانة، فعلى أرضها التقت الحضارات وامتزجت الثقافات وامتد دورها الإقليمي قيادياً وريادياً في الحرب والسلام معاً، «فمصر» بلد لا يقبل العزلة ولا يعيش وحده فهي جزءٌ من قارتها الإفريقية وأمتها العربية وعالمها الإسلامي، فضلاً عن أنها أكبر دولة على الساحل الجنوبي للبحر المتوسط في مواجهة أوروبا لذلك كان طبيعياً أن تكون «مصر» دولة مركزية محورية يلجأ إليها الجميع في الشدائد والمهمات، كذلك فإن «مصر» تحصد عائداً إيجابياً من دورها الإقليمي المقبول في معظم الأوقات والذي لا تستغني عنه بمنطق الجغرافيا وحكم التاريخ، إنها عبقرية المكان والزمان والسكان.
ثانياً: إن التعارض المفتعل بين «المصرية» و»العروبية» يمثل قضية قديمة بل ومستهلكة لأن الإنتماءين لا يتعارضان، فالإنتماء للجزء لا يعني أبداً الانسحاب من الكل، لذلك فإن الاعتراف بوجود هوية مصرية مستقلة لا يعني أبداً أننا ضد مفهوم «العروبة» أو أننا لا ندرك أن «العروبة» قد انتقلت في «مصر» من مدلولها الثقافي إلى دورها السياسي بعد «ثورة يوليو 1952».
ثالثاً: إننا ندرك أن الدور الإقليمي له تكاليفه ولكن مردوده أكبر بكثير مما يتم إنفاقه، فنحن نقصد بالدور الإقليمي ضرروة الاشتباك مع القوى الأخرى في المنطقة والاشتباك هنا بمعناه السياسي والدبلوماسي والإعلامي، فلا يمكن أن نتصور مثلاً أن تنفرد «إيران» بالحديث أمام «الولايات المتحدة الأمريكية» باسم «الشرق الأوسط» و»غرب آسيا» بدعوى أن ما بينها وبين الغرب هو حوار حول «الملف النووي» بينما هي تستأثر بتحديد التصور المستقبلي للمنطقة مع «واشنطن» رغم أن ما يدور على السطح يوحي بالعداء بينهما وهو أمرٌ لن يكون وارداً في المستقبل، وكذلك يفعل «الأتراك» بتطلعاتهم الشديدة و»أحلام اليقظة العثمانية» التي تنتاب قياداتهم من حين لآخر، بينما تظل «إسرائيل» هي اللاعب العنصري العدواني الذي يرصد ما يدور ويستفيد من كافة الأحداث في المنطقة، فكيف والحال كذلك للدولة المصرية أن تظل رهينة مشكلاتها وحبيسة ظروفها أو منكفئة على نفسها أو مبتعدة عن غيرها، ولعلنا نتذكر الآن أن حروب «الشرق الأوسط» في الصراع العربي الإسرائيلي كانت فيها القيادة لمصر وأن مسيرة السلام بعد ذلك كانت فيها أيضاً الريادة لمصر فهي طرف أصيل في إدارة الصراعات في المنطقة، لذلك يجب أن نظل أصحاب موقف مما يدور في «العراق» وما يجري في «سوريا» وما يحدث في «لبنان» وأن نكون شريكاً فاعلاً في أمن «الخليج»، فضلاً عن دور حيوي يقوم على الندية والشراكة التنموية مع دول «حوض النيل» وصلات وثيقة مع دول «شمال أفريقيا» العربية لأن «مصر» تاريخياً دولة تقوم على معادلة ثابتة هي أنها تعطي سياسة خارجية تدعم بها أوضاعها الداخلية واستقرارها السياسي وانتعاشها الاقتصادي.
هذه قراءة في ملف «الدور المصري إقليميا» وهو الذي يرتب بالضرورة مكانتها الدولية وسوف نجد أنه يعتمد بالدرجة الأولى على عروبته، ولذلك فإن أعداء التوجه العربي لمصر لا يقرأون التاريخ ولا يفهمون الجغرافيا ولا يدركون المدلول العميق للدور المصري في هذه المنطقة من العالم، كما أنه يتعين علينا أن ندرك أن «مصر» بلدٌ فريد في تكوينه له خصائص جعلت منه نقطة التقاء على البوابة الشمالية الشرقية لإفريقيا في مواجهة كل من «آسيا» و»أوروبا»، أي أن الدولة المصرية التي كانت مركز العالم القديم يجب أن تظل في حالة توهج دائم وتعامل مستمر مع القوى الإقليمية والدولية انطلاقاً من مفهومٍ عروبي لأن «مصر» كبيرة بأشقائها مثلما هم أقوياء بها!

GMT 05:50 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

هل لديك الشجاعة؟!

GMT 05:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

الأدوات السياسية

GMT 05:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

كيف نتصدى لإيران في الخليج؟

GMT 05:31 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"الممر"

GMT 05:28 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عيون وآذان (إسرائيل تتآمر على ما بقي من فلسطين)

GMT 02:12 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

«صاحبة الجلالة» ليست دائماً بريئة!

GMT 02:05 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرجيلة «حزب الله» وجمر إيران!

GMT 01:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

شرعية الإنجاز

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الدولة المصرية  والأمة العربية الدولة المصرية  والأمة العربية



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon