بقلم: محمود حساني
لفت نظري تقرير حديث صادر عن المركز القومي للبحوث الاجتماعي ، حول كشف 121 واقعة تزوير شهادات علمية ما بين بكالوريوس وليسانس ودراسات عليا وماجستير ودكتوراه ، خلال الشهرين الماضيين ، والأدهى من ذالك ، أوضح التقرير تورّط أساتذة جامعات وعمداء كليات حكومية ، في جرائم الاشتراك في تزوير الشهادات العلمية الرسمية ، بعد هذه الواقعة بيومين ، توقفت أمام خبر في الصُحُف حول نجاح الإدارة العامة لمباحث الأموال العامة ، في توقيف شخص يعمل مدير في أحد البنوك المرمروقة الخاصة ، التحق بالعمل عام 2010 بناء على شهادة رسمية مزوّرة تُفيد أنه حاصل على بكالوريوس في التجارة من جامعة عين شمس .
وأمام هذا التقرير الكارثي وأمام هذا الخبر ، عودت بذاكرتي ، أمام واحد من الأخبار الشهير خلال عام 2013 ، حول توقيف مديرة مكتب وزير السياحة المصري ، بعد قيامها بتزوير مؤهلاتها الدراسية .
إذن نحن أمام كارثة كبيرة ، لها أضرار وعواقب وخيمة ، لا تقل في رأي عن خطورة التطرف ، فالأولى ، كارثة تُسئ إلى سمعة مصر العلمية ، بعد أن خرجت جامعاتها من التصنيف العالمي للجامعات ، كما أن خطرها يُصاب به المجتمع وأفراد ، حال أن نجد أنفسنا أمام طبيب مزوّر ، أو مهندس مزوّر ، في حين الثانية ، خطرها لا يُسئ إلى سمعة مصر ، بقدر ما يجعهل تحصد على تعاطف وتضامن دول العالم في مواجهة التطرف ، كما أن مخاطره لا تخرج عن نطاق شمال سيناء ، ورجال الدولة من أبناء الجيش والشرطة ، نجحوا في القضاء على 99 % من عناصره ، بينما الكارثة الثانية ، للأسف أصبحت " سرطان" ، تفشى داخل الدولة ومؤسساتها ، وابتلى به أفراد المجتمع ، بشغف الحصول على مكانة اجتماعية بطرق غير مشروعة ، وفرصة عمل عن طريق الغش والخداع .
ضف إلى كل ذالك ، الواقعة الشهيرة التي خرجت بها صُحُف الإمارات علينا خلال الأسابيع الماضية ، حول توقيف طبيب مصري ، يعمل في الإمارات منذ أكثر من 18 عاماً ، وتدرج في المناصب حتى وصل إلى منصب مدير إحدى المستشفيات هناك ،وتبيّن لاحقاً أنه خريج كلية الطب البيطري ، وليس بطبيب ، وإنما زوّر الشهادة في سبيل الحصول على فرصة عمل في الإمارات .
إذن نحن أمام كارثة بكل المقاييس على الدولة ومؤسساتها أن تتحرك عاجلاً غير آجلاً ، لمواجهة هذه الكارثة التي تُهدد مستقبل بلدنا ، فقد نتفاجئ يوماً أن ذالك الطبيب الشهير ،أو هذا المهندس الفّذ ، وصل إلى ما وصل إليه من خلال شهادات علمية مزوّرة ، في ظل انتشار عصابات متخصصة في هذا المجال في مناطق معينة في القاهرة والجيزة ، على مجلس النواب ، أن يفتح هذا الملف الكارثي في أقرب وقت في جضور رئيس الوزراء وزراء التعليم والتعليم العالي ، خلاف ذالك ستتفاقم الكارثة ، في ظل تصارع قطاع عريض من المواطنين في الحصول على الوجاهة والمكانة الاجتماعية من خلال شراء شهادات علمية مزوّرة أو الإدعاء بالتخرج من جامعات علمية ، وهي بالأساس وهمية لا وجود لها إلا في عالم الإنترنت ، بعد أن أصبح الحصول على هذه الشهادات لا يكلف صاحيه سوى تقديم طلب على الإنترنت ودفع المصاريف ، وخلال أيام ، تصل إليه شهادة تُفيد أنه حصل على الماجستير في إدارة الأعمال من جامعة هارفارد ، صحيح على رأي الفنان القدير عادل إمام ، بلد بتاعت شهادات صحيح ، في ظل تفشي حالة البطالة بين أبناء المجتمع .