بقلم : د. محمد لبيب سالم
الحمائم والصقور جناحان لابد منهما في إنجاح السياسة الدولية. ففي كل دولة قوية ، يوجد وبإتفاق مسبق ، جبهة من صانعي القرار السياسي تسمى بالصقور تقوم بالرد العنيف على الخصم السياسي والذي قد يصل أحياناً إلي التهديد المباشر.
وعلى الجانب الآخر ، توجد جبهة أخرى من صانعي القرار السياسي تسمى بالحمائم لتليين رد فعل الصقور إذا لزم الأمر منعاً لحدوث الصدام ولكن بطريقة لا يفهم منها أنها تنازل من أصحاب الصقور ولكن مجرد فعل لجبهة معارضة.
هكذا تدار السياسة لحكمة المصلحة العليا برسم وتبديل الأدوار بمهنية وحنكة عليا توضح للمجتمع الخارجي أنها قوة معارضة ولكنها في واقع الأمر هى قوة مساندة وداعمة وهكذا تُدار السياسة في الدول المخضرمة.
وإذا أطلقنا على الحمائم القوة الناعمة ، فهى قوة جبارة تؤتي ثمارها بقوة وبدون إراقة دماء سياسي بل بالعكس تجعل الخصم السياسي متوتراً ومشوشاً.
وبجانب هذه القوة الناعمة ، أستطيع تصنيف البحث العلمي بالقوة الناعمة التي تستطيع أن تشكل رؤية المجتمع الفكري والفني الإبداعي أمام العالم أجمع.
فالباحث العلمي في خارج موطنه هو سفير من الدرجة الأولى يحمل في عقله وقلبه ولغة جسده خلاصة فكر بلاده ويحمل على أكتافه مسؤولية عظام وإن لم يدركها فهو ينفذها في المجتمع العلمي المحيط به والذي يمثل المجتمع "الإليت" في كل دولة.
وإذا كان الباحث العلمي يعمل في موطنه فهو أيضاً يصل إلى العالم الخارجي بمنتجاته العلمية من أبحاث وإختراعات ومؤتمرات فيكون مصدراً لحكم المجتمع "الإليت" في الدول الأخرى. إذاً سواء كان يعمل داخل أو خارج وطنه فهو يمثل قوة ناعمة وسفيراً للنوايا الحسنة داخل وخارج وطنه.
البحث العلمي قوة أكاديمية ومعنوية وعملية تشكل الفكر المادي والمعنوي لبلاده. وإذا أُحسن إستخدام هذه القوة بطريقة مدروسة ومنظمة وممنهجة نستطيع بها أن نغير فكر العالم ونظرته لمجتمعاتنا لأن البحث العلمي هو الوحيد القادر على مخاطبة العقول بمنهج علمي لا يحتمل الشك أو الجدال إذا كان رصينا عكس السياسة والإعلام الذي عادة ما يحتمل التورية والتغطية والإزدواجية وعن عمد.
فرصة القيادة في مصر لإستخدام البحث العلمي كقوة ناعمة في الداخل والخارج فرصة كبيرة نظراً لوجود عدد كبير من الباحثين المتميزين في جميع تخصصات العلوم الأساسية والطبية والهندسية والإنسانية.
فلننظر إلي البحث العلمي والمشتغلين به نظرة جديدة تمكننا من تسويق الوطن علمياً وفكرياً تجعل العالم ينظر إلينا بإعجاب .
فلندعو لخطة قومية لجعل البحث العلمي القوة الناعمة الأولى في بلادنا.