محمود حساني
كنت في طريقي لحضور المؤتمر الذي عُقد مؤخرًا في إحدى فنادق القاهرة الكبرى، للحديث عن أزمة السياحة وسبُل الخروج من الأزمة الراهنة، واستقلت تاكسي للذهاب، كانت الصدفة لي، أن سائق التاكسي، يعمل سابقًا مرشد سياحي، ونظرًا للظروف العسيرة التي مرّ بها القطاع السياحي في مصر، خلال السنوات الحمسة الأخيرة، دفعته الحاجة إلى العمل كسائق تاكسي، وطوال الطريق، كان حديثه يدور حول المعاناة التي يُعانيها أكثر من 5 ملايين مصري يعملون في هذا القطاع، منذ ثورة 25 كانون الثاني / يناير 2011 إلى وقتنا الراهن.
وأعلم جيداً بحكم كوني أحد أبناء محافظات صعيد مصر "الأقصر"، مدى الضرر الذي وقع على العامليين في قطاع السياحة، فليس ما قاله سائق التاكسي بجديد، وإنما الغريب في الأمر إننا طوال السنوات الخمسة الأخيرة مازلنا نبحث عن حلول تقليدية، لن تُجدي، والتي كان آخرها قيام وزير السياحة السابق، هشام زعزوع، خلال تواجده في بورصة برلين السياحية، بالرقص بالعصا، واستخدام الحنطور، وهو أسلوب لمن يعلم ثقافة الشعب الألماني، غير حضاري، وأساء لصورة مصر دوليًا، وهو أحد الأسباب الرئيسية التي كانت وراء تغير وزير السياحة، واستبداله بالوزير الحالي يحيى راشد.
مدرك تمامًا حجم الأحداث الأخيرة التي شهدتها البلاد خلال السنوات الخمسة الأخيرة، والتي كان أكثرها ضررًا على القطاع السياحي، حادث الطائرة الروسية التي وقعت في تشرين الأول / أكتوبر الماضي في سيناء، والعمليات المتطرفة التي تشهدها البلاد من وقتٍ إلى أخر، وحجم تأثيرها في الخارج، وهو الأمر الذي دفع عدة دول هامة، إلى اتخاذ قرار بفرض حظر على رعاياها، لكن علينا أن ننظر إلى الحال الذي انتهى إليه العاملون في السياحة، وأن نبحث عن حلول جدية بعيدًا عما اتبعناها خلال السنوات الأخيرة، فهناك عدة دول شهدت حوادث ضخمة، إلا إنها سرعان ما تعافت من أضرارها على القطاع السياحي، فحتى الآن أكثر من 3وزراء تناوبوا على وزارة السياحة، ومازالت الأزمة كما هي بل تفحلت.
يا سيادة وزير السياحة، لم نكن نتخيل في أسوء كوابيسنا، أن يصل الحال بمدينة "العتمة والظلام "، شرم الشيخ سابقاً، أن تخلو شوارعها وفنادقها من السائحين بهذا الحجم المُحزن، في الوقت الذي كانت فيه منذ سنوات قليلة، لن يتمكن أحد من المرور في شوارعها من شدة ازدحامها بالسائحين، حتى وصلت خسائر أصحاب الفنادق ورجال الأعمال إلى ملايين الجنيهات شهرياً ، ومع هذه العتمة والظلام الذي تشهدها شرم الشيخ ، أغلقوا فنادقهم وقاموا بتسريح آلاف العمال، في محاولة منهم لوقف نزيف الخسائر.
فعلينا أن نفكر جيدًا في حلول جذرية لمعالجة هذه الأزمة ، وأرى علينا أن نترك إي حسابات أو اعتبارات سياسية خلال الوقت الراهن جانباً ، كفتح السوق الإيراني والتركي ، وسوق بلاد المغرب العربي ، وأسواق دول أوربا الشرقية ، في سبيل تعويض السوق الروسي والإنجليزي، وكذلك تنظيم حملات ترويجية مع كبرى الشركات العالمية ، تعديل قانون الإرشاد السياحي ، وهو رغبة ملايين العاملين في السياحة، حيث أن القانون بشكله الحالي، يمنع المرشد السياحي من مزاولة مهنة أخرى، والسماح لهم بالعمل في مجال التدريس، والاستعانة بهم في وزارة التربية والتعليم، ومنحهم أجور رمزية.