ان البدء في إنشاء بورصات سلعية، خطوة جيدة، لإنهاء عصر احتكار السلع من جانب التجار الجشعين، لأنها ستساهم في خفض أسعار الخضراوات والفاكهة، وزيادة الرقابة على الأسعار، والحد من مخاطر المنتجين والمستهلكين، من خلال إبرام المنتجين عقودا مستقبلية لمواد الإنتاج بما يساهم في تثبيت التكلفة، وتحديد نسبة هامش ربح مبيعات السلع من خلال تحديد أسعار السلع قبل وبعد البيع.
البورصة السلعية للخضر والفاكهة بمركز بدر بمحافظة البحيرة، هي أول بورصة سلعية في مصر على مساحة 45 فدانا وبتكلفة مليار جنيه ويرجع اختيار تلك المنطقة باعتبارها تنتج ما يقرب من 70% من الخضر والفاكهة على مستوى الجمهورية.
ان البورصة تهدف إلى توفير فرص العمل وتشغيل الشباب، حيث يستوعب أكثر من خمسة آلاف عامل كما يهدف إلى الحد من التجارة العشوائية وذلك بتوفير 680 وكالة متفاوتة المساحات لاستيعاب التجار العشوائيين علاوة على إنشاء 120 محلا لتداول الأنشطة التابعة لأنشطة المشروع والمدخلات الزراعية و130 ثلاجة مختلفة المساحات.
وكما يهدف المشروع إلى زيادة الصادرات الزراعية من خلال إقامة 54 محطة تصدير، بالإضافة إلى تقليل الفاقد الزراعي والحد من المخزون الراكد وتكاليف النقل من خلال إقامة منطقة صناعية على مساحة 6 أفدنة يقام بها الصناعات الزراعية التي تعتمد على الإنتاج الزراعي مثل صناعة المركزات والعصائر والمربات وغيرها لتقليل الفاقد الزراعي.
إن “إنشاء بورصة سلعية سيضبط أسعار السلع الزراعية إلى جانب تقليل حلقات التداول على السلعة الواحدة، الأمر الذي سيؤدي إلى انخفاض كبير في الأسعار خلال الفترة المقبلة فور تفعيل القرار”. والبورصة السلعية هي عبارة عن سوق تباع فيها المنتجات الأساسية بالجملة، بالإضافة إلى تخزين الخضراوات والفاكهة بدلًا من الأسواق التي تتعرض فيها البضائع للفساد فهي مشروع متكامل به جزء صناعي وآخر تجاري.
وتهدف البورصات إلى تنظيم تجارة الخضراوات والسلع وتساعد على ضبط الأسعار تلقائيًا، وفي وقت قصير، لأن أسعارها ستجبر الجميع على العمل من خلالها، كما أنها ستحفز التجار على ضخ الأموال وشراء الخضراوات والفاكهة لأن البورصات السلعية مجهزة من حيث النقل والعرض والتخزين.
تُجيز تعديلات قانون سوق المال التي وافق عليها البرلمان، في فبراير الماضي، للبورصة المصرية إنشاء بورصة للعقود الآجلة والسلع. والعقود الآجلة هي اتفاقية قانونية، لشراء أو بيع سلعة معينة أو أداة مالية بسعر محدد مسبقا في وقت محدد في المستقبل. وتسمح البورصات السلعية للمستثمر بالتعاقد على شراء محصول معين قبل زراعته لعدد من السنوات، ثم يتم تسجيل هذا العقد في بورصة العقود، ويتداول بيعا وشراء من خلال حركة التداول في البورصة. ومن أهم السلع الغذائية التي تتداول في بورصات العقود العالمية القمح والذرة والأرز وفول الصويا والبن والبرتقال والسكر. أنه سيتم تنفيذ ثقافة جديدة بأن المواطن يأكل غذاء آمن، حيث سيتم فحص جميع الخضراوات والفاكهة في معامل بالبورصة قبل نزولها الأسواق مشيرا إلى أنه يسهم في تخفيض أسعار جميع الخضراوات والفاكهة.
شروط إنشاء بورصة للعقود
أولا: الا يقل رأسمال بورصة العقود الآجلة المدفوع نقدًا عن عشرين مليون جنيه مصري، ولا تنشأ إلا بموافقة من مجلس الوزراء، بناءً على اقتراح مجلس إدارة الهيئة العامة للرقابة المالية، كبورصة خاصة لها الشخصية المعنوية الخاصة في شكل شركة مساهمة يقتصر التداول فيها على نوع أو أكثر من الأوراق المالية، ويصدر مجلس إدارة الهيئة الشروط المطلوب توافرها في شركة المساهمة التي يجوز الترخيص لها بنشاط البورصة.
ويجوز للبورصة تأسيس شركة مساهمة، لمزاولة نشاط بورصات العقود، ولها أن تزاول نشاط تداول العقود المشتقة من الأوراق المالية المقيدة بها دون الحاجة لتأسيس شركة.
ثانيا: أن تلتزم شركات الوساطة في بورصات العقود بالاشتراك في صندوق حماية المستثمر، وذلك لتغطية المخاطر غير التجارية الناشئة عن أنشطة الشركات العاملة في بورصات العقود. ويصدر رئيس مجلس الوزراء، قراراً بقواعد تحديد اشتراك الشركات العاملة في بورصات العقود في عضوية مجلس إدارة الصندوق المشار إليه، ونسبة مساهمة كل شركة في موارده، ومقابل التأخير في الوفاء
بهذه المساهمة وأية مبالغ تستحق للصندوق عن المواعيد المحددة للوفاء بها. يمكن من خلالها أن يحمى العميل استثماراته ضد التقلبات السعرية خلال مدة التعاقد. و زيادة الرقابة على الأسعار من خلال نشر أسعار السلع بشفافية. و القدرة على تحديد نسبة هامش ربح مبيعات السلع من خلال تحديد أسعار السلع قبل وبعد البيع. و دعم تحويل مصر لمركز لوجيستي لتجارة السلع.
ويسعى جهاز تنمية التجارة الداخلية، بوزارة التموين، الى التوسع في إقامة مثل هذه البورصات وتعظيم الاستفادة، خاصة وانها تعمل علي تنظيم حركة تداول السلع ووضع الأسعار وفقًا للتكلفة الحقيقية، فضلًا عن تقليل الفاقد والهادر في المحاصيل والذي يحدث اثناء عملية النقل والتخزين وهي تمثل خطو كبيرة نحو تنظيم حركة التجارة الداخلية.
أنه يتم حاليًا تنفيذ برنامج الحكومة الخاص بتحويل التجارة الغير منظمة إلى التجارة المنظمة، والذي يستهدف زيادة التجارة المنظمة بواقع 5% سنويا على مدار 4 سنوات من خلال التوسع في إنشاء الأسواق التجارية والمناطق اللوجستية والسلاسل التجارية.
ليس لدي شك في أن الدولة المصرية ما بعد 30 يونيو تدرك أن مساحات الرضا لدي مواطنيها تعد من أهم المقومات لاستمرار تماسك الجبهة الداخلية وزيادة صلابتها والتي كانت سببا في استعادة مصر من الاحتلال الإخواني وحمايتها من السقوط والانهيار.
أن الدولة تعلم أن مؤشرات الرضا ترتبط بمدي قدرتها علي توفير حياة أكرم لمواطنيها وتقليص مساحات المعاناة في حياتهم اليومية وحتي لا نتجاوز الواقع فإن وباء الغلاء الذي استشري في الأسواق قلص بعضا من مساحات الرضا في صدور المصريين ورفع مؤشر الغضب من انفلات الأسعار بصورة غير مسبوقة.
يتبقى لدي يقين بأن الدولة تعي أن ضبط ملف الأسعار الحائرة يعد أهم أسلحتها في معركته الشرسة لبناء دولة متماسكة عصية علي المؤامرات. دولة 30 يونيو بكل ما تبذله من جهود جبارة لزرع الأمل في نفوس المصريين بمشروعات قومية عملاقة لا يمكن أن تترك مؤشرات رضا أو سخط المواطنين في أيدي بعض التجار المحتكرين اصحاب الضمائر الميتة!
يبقي السؤال: من أين نبدأ وما هو السبيل لترويض وحش الأسعار الجامح وحماية المستهلكين دون المساس بآليات السوق؟ في ظني أن الطريق يبدأ من مركز بدر بمحافظة البحيرة حيث تنشئ الغرف التجارية أول بورصة سلعية علي مساحة 57 فدانا وبتكلفة مليار جنيه ووقع الاختيار علي هذه المنطقة لأنها تنتج 70٪ من الخضراوات والفاكهة علي مستوي مصر.
الدولة التي حققت نجاحات هائلة في محو العشوائيات قادرة أن تقضي علي عشوائية الأسعار عن طريق البورصة السلعية التي ستضمن بيع السلع بأسعار واقعية وتقدم معلومات دقيقة عن حجم إنتاج مصر وتتصدي للممارسات الاحتكارية وتجار الأزمات. العملية بكل بساطة ان الشركات وعندما تحتاج للتمويل تقوم بطرح اكتتاب على اسهمها، وهناك اكتتاب عام واخر خاص، وبموجب الاكتتاب تقوم ببيع اسهم من الشركة مقابل النقد، هذا العائد المالي لا تحتسب عليه فوائد كما هو الحال في الاقتراض من البنوك، وان كان وبذات الوقت هو تنازل عن جزء من الملكية لصالح الغير .