إن مشكلة البطالة تعد من أخطر المشاكل التي تهدد استقرار وتماسك المجتمع العربي ، ولكن نجد أن أسباب البطالة تختلف من مجتمع إلى مجتمع حتى إنها تختلف داخل المجتمع الواحد من منطقة إلى أخرى فهناك أسباب اقتصادية وأخرى اجتماعية وأخرى سياسية ولكن كلًا منها يؤثر على المجتمع ويزيد من تفاقم مشكلة البطالة.
تعتبر مشكلة البطالة من أبرز المعضلات الاقتصاديّة والتنمويّة التي تهدّد بشكل جدّي استقرار وأمن ومستقبل المجتمع المصري، الذي يعاني من وفرة الأيدي العاملة في ظل ندرة شديدة في رؤوس الأموال والاستثمار، حيث يصنّف الاقتصاد المصري على أنّه اقتصاد نامٍ فقير يعاني من اضطرابات واختلالات توازنيّة في هيكليته الداخليّة وكذلك الخارجيّة، وتضّم هذه الاضطرابات مشاكلًا في الموازنة العامة للجمهورية، ويرافق ذلك وجود فجوة كبيرة بين علميات الادخار والاستثمار، ممّا يؤثّر بصورة تلقائية على كلًا من عمليات الإنتاج.
والبنك الدولي يقدم قروضًا للمشاريع الصغيرة ومتناهية الصغر في مصر ، مشروع "تعزيز قدرة الأعمال الصغرى والصغيرة على الحصول على التمويل " ، يهدف إلى مساعدة المؤسسات في الحصول على تمويل مستدام وتجاري و تتمثل القيمة العلمية المضافة في تحديد سياسة التنمية المثلى والممكنة التي تستطيع بالفعل تحقيق التشغيل الكامل أو الأمثل للمورد البشري وخاصة تشغيل الشباب، من خلال استقراء الواقع المصري عبر الفترات التاريخية المختلفة، ومعرفة أهم ملامح سياسات التنمية الجارية فى مصر، وأثرها المتوقع على التشغيل أو العمالة ، لعب المشروع دورًا حيويًا، في فترة ما بعد الثورة، في الوصول إلى القرى الفقيرة والمحافظات التي تعاني عجزًا في الخدمات.
ويساهم المشروع في الحد من الفقر وفي تحقيق حالة من الرخاء عبر توفير فرص عمل مستدامة في القطاع الخاص لا سيما للشباب والسيدات ، ومنذ بدء تنفيذه عام 2011 وحتى اليوم، تم صرف 240 مليون دولار لمساعدة المؤسسات الصغيرة ومتناهية الصغر، أي حوالي 80% ، من الميزانية المخصصة للمشروع.
وللمرأة والشباب نصيب الأسد من المساعدات إذ حصلت النساء على 25% من إجمالي الأموال المدفوعة فيما حصل الشباب على 30% ، وقد تم التحقق من أن تشمل القروض النساء، كونهن يلعبن دورًا حيويًا في تحسين الظروف المعيشية لأسرهن، والشباب لأنه يشكل القوة الدافعة للاقتصاد.
وقد وصل عدد الوظائف التي وفرها المشروع حتى شهر ديسمبر/كانون الأول إلى نحو 111 ألف وظيفة منها أكثر من 21 ألف في قطاع المشاريع الصغيرة و89 ألف في قطاع المشاريع متناهية الصغر. ان سعي الحكومة لتوفير القروض الميسرة للشباب لإقامة هذه المشاريع ، سيعمل علي تحقيق نمو اقتصادي ويساهم في تراجع معدلات البطالة بشكل كبير.
أما صندوق النقد الدولي كان من أول شروطه للموافقة علي قرض الإنقاذ للاقتصاد المصري 12 مليار دولار أن يتم التوقف علي تشغيل وتوظيف الشباب في الجهاز الاداري للدولة ، وإصدار قانون الخدمة المدنية رقم 81 لعام 2016 ، والتي تضمن شروط تخفيض الوظائف الدولة ، من خلال نظام التعيين في الوظائف الحكومية حيث أصبح التعيين وفق مسابقتين تقام سنويًا الأولى في يناير/كانون الثاني ، والثانية في يونيو/حزيران ، ويشرف عليها الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة حيث تقوم الجهات الحكومية كافة بإرسال احتياجاتها للجهاز المركزي للتنظيم والإدارة ليتولى الجهاز الإعلان عن تلك الوظائف والاشتراطات اللازمة في المتقدمين لشغل هذه الوظائف وكيفية التقديم.
ويكون التقديم على الموقع الإلكتروني لبوابة الحكومة المصرية ولمدة شهر كامل وبدون أي وساطة أو محاباة سيتم اختيار أكفاء المتقدمين لشغل تلك الوظائف ، ويتم التعين من خلال درجة مالية مدرجة بالموازنة مع الاخذ بالاعتبار أن أي وظيفة تخلي لأي سبب قانوني سواء بالمعاش أو المرض أو الوفاء أو الفصل تلغى تلقائيًا ولا يجوز التعين عليها إلا إذا كانت مدرجو بالموازنة العامة للجهة بذلك يكون الوظائف على حسب الحاجة الفعلية بل سيتم تقليل نسبة الوظائف لأكثر من الثلث خلال الخمسة أعوام المقبلة.
والحل الامثل للقضاء علي البطالة هي جذب استثمارات عربية وأجنبية فعلية تساهم فى تحقيق التشغيل الكامل وحل مشكلة البطالة، ولم تأخذ قضية التشغيل والبطالة جزءً كبيرًا من الدراسة على الرغم من أنها انعكاس مباشر لسياسات الاستثمار، وكان يجب الربط المباشر بين سياسات الاستثمار ونتائجها على التشغيل والعمالة وبين نموذج التنمية الأمثل.
وتساهم الشركات الناشئة في إحداث تغيير في المجتمع عبر عدد من المشاريع الناجحة التي تحل العديد من المشاكل الاجتماعية ، ومثلًا الشركات الناشئة التي تركز على حل المشاكل الاجتماعية مثل الازدحام المروري في القاهرة ، ويجب أن يكون دور الحكومة تقليل البيروقراطية وإزالة أي معوقات تواجه المستثمرين والشركات الناشئة، ودعم القطاع الخاص أن المشاريع الناجحة تساهم في خلق القيمة المشتركة فى المجتمع ، والمال هو مجرد نتيجة وليس الهدف الرئيسي من الأعمال التجارية، أن المستثمرين يهدفون لتمويل الشركات التي تساهم في إحداث تغيير مجتمعي مفيد جنبًا إلى جنب مع العوائد المادية من الاستثمار ، كما أن المستثمرين المهتمين ببعض الأعمال الخيرية هم الأكثر استعدادًا للاستثمار في الشركات التي تدعم هذه الاعمال.
ويعد نجاح الشركات الناشئة في احداث تغيير مجتمعي، لا يمكن قياسه بالأرقام والايرادات، ولكن بمراقبة ذلك على المدى الطويل، والاستماع إلى ردود الفعل من أصحاب المستفيدين من أفكار مشاريع هذه الشركات، فإذا كان نشاطك التجاري مؤثرا بما فيه الكفاية، فسوف تكون قادرا على قياس القيم غير الملموسة وتحديد حجمها، لأنك تستطيع أن تشهد تغيير أصحاب المصلحة بطرق عدة.
ويرجع أسباب مشكلة البطالة في مصر إلى جملة من العوامل على رأسها الأكبر أسباب هيكليّة تعود إلى طبيعة التعامل مع التنمية والنمو والاستغلال الصحيح للموارد المتاحة سواء الطبيعية أو البشرية ، ويتمثل ذلك في الارتفاع الكبير في معدلات النمو السكاني مع بقاء معدّلات الاستثمار منخفضة ، حيث يصل عدد سكان مصر إلى أكثر من 90 مليون نسمة، إضافةً إلى الثورة التكنولوجية والمعلوماتية التي استبدلت الأيدي العاملة بالآلات والمعدات ، حيث أصبحت الآلة الواحدة تعمل بدل 5 عمال، ممّا أدّى إلى تفاقم مشكلة البطالة.
كما أن وضع أي برامج وخطط مستقبلية لمواجهة مشكلة البطالة يكون عديم الجدوى إذا لم يكن هناك تبلور علمي ودقيق لمفهوم البطالة ومدى حجمها ، من حيث ارتباطها وتأثيرها فى البناء الاجتماعي للمجتمع والمتمثل بالجوانب الأمنية والاجتماعية والصحية والاقتصادية.
ويأتي تفعيل دور الدولة في محاربه البطالة ، من خلال التأكيد على دور الدولة في الاقتصاد بدعم القطاع العام ماليًا وفنيًا وبشريًا وإصلاحه وتطهيره من البيروقراطية والفساد، وتفعيل الرقابة فيه .
وحل مشكله البطالة المقنعة لا تكون بالتبديد "الكلي" لقوة العمل بفصل العاملين كما يرى أنصار الحل الليبرالي الرسمالي ، إنما يكون بالتوسع في القطاع العام ، بمزيد من المؤسسات الصناعية والتجارية والزراعية لتظل فرص العمل دائمًا أكثر من قوة العمل المتاحة .
وتجاوز موقفي القبول أو الرفض المطلقين من الخصخصة "الأليه الأساسية للرأسمالية" ، إلى موقف نقدي منها قائم على الوقوف ضد خصخصة المؤسسات الإستراتيجية والسلع الضرورية مع ضمان شفافية وديمقراطية خصخصة القطاعات والسلع الأخرى بالرجوع إلى الشعب ورقابه الدولة.
توجيه القطاع الخاص والاستثمار الأجنبي نحو المجالات الإنتاجية التي تساهم فى ايجاد فرص عمل جديدة، وتحفيزهما من خلال تخفيض الضرائب والرسوم في هذه المجالات.