توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الزيادة السكانية.. حرية شخصية أم انتحار جماعى?

  مصر اليوم -

الزيادة السكانية حرية شخصية أم انتحار جماعى

بقلم - ماجد عثمان

لا شك أن الزيادة السكانية ضرورة للحفاظ على الجنس البشرى ومن ثم بقاء الأوطان وذلك باعتبار أن التراجع الحاد فى أعداد السكان يؤدى بالضرورة إلى تراجع القوة البشرية التى تدافع عن الدولة التى تعمر الأرض. والزيادة السكانية فى أى مجتمع هى ضرورة لإحلال الوفيات التى تحدث سنويا ولتجديد شباب هذا المجتمع وبقائه، ومن ثم يصبح السؤال الملح: ما معدل الزيادة السكانية المناسبة؟ الإجابة البديهية هى أن تتساوى أعداد المواليد والوفيات وبالتالى يظل عدد السكان ثابتا، ولكن إذا فاق عدد المواليد عدد الوفيات فما تأثير هذه الزيادة فى مستقبل الوطن؟

للإجابة عن هذا السؤال نقول: إن الزيادة السكانية تؤدى إلى تقدم الأمم إذا واكبها تغير فى خصائص السكان بحيث يصبح الفرد أعلى إنتاجية وأكثر إبداعا ومن ثم يُشكل قيمة مضافة إلى الرصيد الحضارى والعلمى والتقنى للمجتمع، ومن ثم يتحرك المجتمع إلى نوعية حياة أفضل ودرجة أعلى من الرفاهة. ويجب أن يتناسب حجم الزيادة السكانية مع حجم الموارد الطبيعية المتاحة والقدرة على زيادتها دون إضرار  بالبيئة واستنزاف للموارد الطبيعية ولاسيما المياه والأرض الزراعية ومصادر الطاقة، وإذا لم يتحقق هذا التوازن يجور جيل على الأجيال القادمة ويحرمها من التمتع بأساسيات الحياة.

يضاف إلى ذلك أن الزيادة السكانية التى لا تقابلها قدرة على توفير الخدمات الأساسية من تعليم وصحة بجودة عالية تتسم بالشمول والإنصاف، وقدرة على توفير سكن لائق وبنية أساسية من طرق وكهرباء ومياه وصرف صحى يحكم على القادمين الجدد بحياة بائسة تضيف إلى المجتمع بشرا ليس لديهم ما يقدمونه وليس لديهم ما يخسرونه، يتحولون بسهولة إلى فريسة يتنافس عليها دعاة الفكر المتطرف وزعماء العصابات الإجرامية.

كما أن الزيادة السكانية تؤدى إلى خفض درجة الاكتفاء الذاتى من السلع الاستراتيجية مثل السلع الغذائية ومصادر الطاقة وبالتالى إلى تزايد الاعتماد على الخارج، الأمر الذى يحد بلا شك من استقلال القرار الوطنى فى عالم لا يتحقق البقاء فيه إلا للأقوى.

لا شك أن أى عاقل يعرف أن عدد سكان مصر يزيد سنويا بأكثر من 2 مليون نسمة لا بد أن ينظر  بقلق للمستقبل، وهذا القلق مبعثه تأثير هذه الزيادة فى كل من: الموارد الطبيعية – العبء على الخدمات الأساسية والبنية الأساسية – الاستقرار السياسى والأمن الإنسانى. وهناك العديد من الأرقام والمؤشرات التى تبرر هذا القلق ولكن يكفى أن نشير  إلى أن حصة مصر من مياه نهر النيل ثابتة منذ الخمسينيات عندما كان عدد سكان مصر 20 مليون نسمة، والآن وقد شارفنا على المائة مليون نسمة، فإن أقصى أحلامنا - فى ضوء تحديات تشييد سد النهضة – ألا تتراجع هذه الحصة. وتزداد الصورة قتامة فى ضوء تزايد متوقع للطلب على السلع الزراعية نتيجة للزيادة السكانية فى الوقت الذى تقل فيه الموارد المائية وتتآكل فيه الأرض الزراعية نتيجة للبناء عليها وهو ما يرفع فاتورة الواردات من السلع الغذائية ولاسيما القمح والفول والزيوت ويكبل الموازنة العامة بمزيد من القيود فى توجيه مزيد من الموارد لرفع كفاءة الخدمات الأساسية لأعداد متزايدة من السكان.

تشير الإحصاءات الرسمية إلى أنه بداية من عام 2006 اتجه عدد المواليد السنوى للزيادة التدريجية من مليون و850 ألف مولود ليصل عام 2012 إلى 2 مليون و600 ألف نسمة، وهى زيادة نسبية أظنها لم تتكرر كثيرا فى التاريخ البشرى فى مثل هذه الفترة الزمنية القصيرة. وبالتالى أصبح الفارق بين أعداد المواليد وأعداد الوفيات نحو 2 مليون نسمة سنويا.

ولعله من الأهمية بمكان أن نشير  إلى انعكاسات الزيادة السكانية على التعليم ولاسيما أن مصر مقبلة على مشروع عملاق لإصلاح التعليم ربما هو الأول أو الوحيد خلال العقود الماضية سواء من حيث الطموح أو  من حيث حجم التغيير  الذى من المتوقع أن يُحدثه. وهنا نشير إلى أن الدولة أضافت خلال السنوات الخمس الماضية نحو  16 ألف فصل إلى فصول المدارس الابتدائية الحكومية بتكلفة لا تقل عن 4 مليارات جنيه، وهى زيادة من المفترض أن تحد من مشكلة ارتفاع كثافة الفصول التى تؤدى بلا شك إلى تردى جودة التعليم، ولكن هذا الإنفاق الهائل لم يلاحق الزيادة السكانية التى أدت إلى زيادة تلاميذ المرحلة الابتدائية من 9.8 مليون تلميذ إلى 11.6 مليون تلميذ، أى إن عدد الفصول فى المرحلة الابتدائية زاد فى السنوات الخمس الأخيرة بنحو 7%، أما عدد التلاميذ فزاد بنحو 18%. والمحصلة زيادة متوسط كثافة الفصول فى التعليم الابتدائى من 43.3 تلميذ عام 2012/2013 إلى 47.5 تلميذ عام 2017/2018. وهو ما يشكل عبئا إضافيا على عملية إصلاح التعليم التى نتوق جميعا إلى نجاحها.   

فى ضوء ما سبق، وإذا كنا صادقين فى الانشغال بالمستقبل وبالتفكير فى كيفية بنائه وفى التعامل مع تحدياته، يجب أن تصبح ضبط الزيادة السكانية على قمة الأولويات حتى يكون هناك أمل فى مستقبل أفضل لأبنائنا وأحفادنا.

نقلاً عن الأهرام الاقتصادي

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

GMT 11:27 2018 الإثنين ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مفهوم الفساد الاقتصادي

GMT 18:50 2018 الثلاثاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

ازمة القطن وتسويقه

GMT 14:51 2018 الأحد ,28 تشرين الأول / أكتوبر

السياحة ومقوماتها الاقتصادية

GMT 14:44 2018 الثلاثاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

السلامة الانشائية وقانون هدم المباني

GMT 12:34 2018 الثلاثاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

أهمية الكوميسا للاقتصاد المصري

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الزيادة السكانية حرية شخصية أم انتحار جماعى الزيادة السكانية حرية شخصية أم انتحار جماعى



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية

GMT 12:20 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

طلائع الجيش يبحث عن مهاجم سوبر فى دوري المظاليم

GMT 15:09 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

فان ديك يحصد لقب أفضل لاعب بنهائي دوري الأبطال

GMT 15:15 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مشروع "كلمة" للترجمة يصدر "كوكب في حصاة"

GMT 20:20 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

صدور رواية "الطفلة سوريا" لعز الدين الدوماني
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon