توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

حقوق ناتج التصفية.. ونظرة إلى الدين العام

  مصر اليوم -

حقوق ناتج التصفية ونظرة إلى الدين العام

بقلم - الدكتور مدحت نافع

أتناول فى مقال اليوم مسألتين، إحداهما شغلت تفكيرى بشكل خاص على مدى الأشهر الماضية، والأخرى تشغل الساحة الاقتصادية كلها ومن ورائها الرأى العام، وانعكس الاهتمام بها أخيرا على تشكيلات ولجان حكومية متخصصة، ومتابعة حثيثة من القيادة السياسية للبلاد.

كثير من الشركات تحت التصفية تظل تراوح مكانها سنوات طوال، يقتات عليها عدد من المصفين يلى أحدهم الآخر، لا تعجزهم الحجج الواهية لبقاء الشركات التى عهد إليهم بتصفيتها كما هى «تحت التصفية» لا عزاء لأموال الدائنين وأصحاب الأسهم وأصحاب المصلحة. أعرف شركة تحت التصفية منذ عام ١٩٩٨ ! عشرون عاما تراكمت خلالها المديونية حتى بلغت عشرة أضعاف ما كانت عليه عند اتخاذ قرار التصفية! المصفى يعلل تأخر عمليات البيع للأصول محل التصفية بحجج ممجوجة، تارة وقع الحجز من وزارة ما على الأصول فيتعذر البيع، تارة تفسد عملية البيع بسبب ظهور مستثمر من العدم يملأ الفضاء الإعلامى ضجيجا بكونه على استعداد لشراء الشركة إن عادت من التصفية! البعض تخدعه تلك الحيلة خشية أن يلقى عليه باللائمة بزعم أنه لم يستجب لرغبات الاستثمار، وفوت الفرصة على البلاد! وبعد أن تعود الشركة من التصفية بغرض البيع كشركة قائمة لا كأراض وأصول امتثالا لرغبة المستثمر الموعود أو فى القليل بعد استنزاف أشهر وربما سنوات فى مفاوضات وهمية ومجادلات بيزنطية، يتبخر صاحبنا المستثمر الذى أغلب الظن لا يعدو أن يكون متواطئا مع بعض الأطراف صاحبة المصلحة فى استمرار حال البين بين للشركات تحت التصفية.

 

البيروقراطية والفساد المؤسسى يساهمان أيضا فى توفير مبررات قوية لتعطيل عملية التصفية، خاصة ما يتعلق بالمغالاة فى تقدير قيمة الأصول من قبل بعض جهات التقييم، والتى منها ما يفعل ذلك على طريقة الأيادى المرتعشة التى تؤثر السلامة فى المغالاة فى القيمة التقديرية عن الاتهام بالترخص أو التفريط.. النتيجة بقاء تلك الأصول كالبيت الوقف، واستمرار تراكم المديونية على الشركة تحت التصفية حتى تتآكل قيمتها بالكامل، ولا يجد الغرماء شيئا يقتسمونه فيما بينهم.

 

***

 

ولأننى عملت فى البورصة سنوات طوال، وكنت مسئولا فى جانب من اختصاصاتى عن تطوير أدوات مالية جديدة، فقد خطر لى وأنا أناقش المسألة مع أحد الأصدقاء القانونيين، أن الحق فى «ناتج التصفية» لصالح شركة أو عدد من الشركات، سواء كان حق دائنية أو حق ملكية، يمكن أن يباع فى الأسواق، مادام مشترى الحق من جهات متخصصة فى مجالات بعينها ربما يتمتع بخبرات ومرونة هيكلية تسمح له بسرعة إتمام عمليات التصفية بمجرد مآل نسبة معينة من الحقوق اليه. لحسن الطالع أن «الحقوق» منتج متداول فى بورصة الأوراق المالية المصرية، وهو متداول خارج المقصورة أيضا وليس فقط فى السوق الرئيسة، ما يعنى أنه لا يشترط قيد الورقة المالية فى صورة سهم أو سند أو حق فى جداول البورصة.

 

ولحسن الطالع أيضا أن قانون الشركات يسمح للشركة تحت التصفية بتداول أسهمها، لأن تلك الأسهم لا تزول ما بقيت الشركة تحت التصفية. هذا إذن طريق مختصر للتخارج من شركات تحت التصفية منذ سنوات، عن طريق بيع الحق فى ناتج التصفية فى سوقى خارج المقصورة (الأوامر والصفقات) لأطراف مختصة فى أعمال التصفية، يمكنها التصرف فى الشركة، سواء بإحيائها وتأهيلها ثم بيعها، أو بسرعة تصفيتها بكفاءة وبعيدا عن صعوبات البيروقراطية والحركة البطيئة التى تميز الشركات الكبرى وإجراءاتها. كذلك يسمح عرض تلك الحقوق على شاشات البورصة بشفافية بالكشف عن خدعة المستثمر المزيف، الذى يتسنى له ببساطة شراء حقوق ناتج التصفية بسهولة من السوق، عوضا عن تصوير نفسه شهيدا لتعسف الجمعية العمومية للشركة تحت التصفية فى التعامل مع عرض شرائه الوهمى. المال الخاص أيضا يجد سبيلا للتخارج، مفسحا الطريق لطرف جديد يرى فى الشركة قيمة أكبر من تلك التى تم تقديرها مرجعيا أو سوقيا للحق.

 

بالتأكيد سيخضع الحق للتقييم العادل عبر نشرة اكتتاب، ومن خلال مستشار مالى مستقل، وهذا يمنح فرصة للحصول على تقييم محترف عبر نشاط مرخص ومعتمد من هيئة الرقابة المالية، بعيدا عن آليات تقييم الأصول ودورتها الطويلة من لجان ثم مزايدات كثيرا ما تتعثر بسبب قيمة التقييم كما تقدمت الإشارة. هذا المنتج أيضا يدخلنا تحت قانون سوق رأس المال الصادر برقم ٩٥ لسنة ١٩٩٢ وهو أكثر مرونة من التشريعات الأخرى الحاكمة للشركات سواء ١٥٩ أو ٢٠٣.

 

هذه مجرد فكرة ونداء للهيئة العامة للرقابة المالية والبورصة المصرية، وأظن أنهما ستستجيبان للدراسة، لأن هذا المنتج لن يحل أزمات تعثر التصفية فقط ولكنه بالتأكيد سوف يخلق سيولة جديدة وحركة فى سوق رأس المال.

 

وفى مسألة الدين العام فقد أثار حديث السيد رئيس الوزراء المصرى أخيرا عن بلوغ الدين العام الخارجى إلى ما يزيد على 92 مليار دولار قلقا فى أوساط الاقتصاديين والعوام على حد سواء. كثيرا ما تناولت فى مقالات ومداخلات إعلامية متنوعة مسألة الدين العام، ركزت خلالها على مستوى الدين الداخلى ومعدل نمو الدين الخارجى فى السنوات الأخيرة والتى تجاوزت 40% فى إحدى سنوات ما بعد ثورة يونيو، لكنها عادت لتقترب من 17% سنويا وهى مازالت مرتفعة بالطبع قياسا على متوسط أسعار الفائدة على العملات الأجنبية.

 

هناك معدلات مثالية لنسبة الدين العام إلى الناتج المحلى الإجمالى وضعها الاقتصاديون وخاصة اقتصاديو صندوق النقد الدولى. المعدل المثالى للدول المتقدمة يجب ألا تزيد فيه تلك النسبة عن 60% أما فى الدول النامية (مثل مصر) فلا ينبغى أن تزيد تلك النسبة عن 40% فقط!. لكن بيانات عام 2013 ــ مثلا ــ تخبرنا أن دولا متقدمة تجاوزت كثيرا تلك النسبة، بل بلغت نسبة الدين العام الإجمالى إلى الناتج المحلى الإجمالى فى الولايات المتحدة الأمريكية 104.5% (وفقا لتقديرات صندوق النقد الدولى)، وفى اليابان 243.2% وفى فرنسا 92.2% لكن دولا أخرى أقل تقدما مثل الهند حافظت على نسب أقرب إلى المعدلات المثالية عند 66.7% بينما الصين كانت أكثر تحفظا من أى معدلات مثالية حيث بلغت فيها تلك النسبة 22.4% عام 2013.

فى ظل ما سبق يتضح من الوهلة الأولى أن نسبة الدين العام إلى الناتج المحلى الإجمالى أصبحت مقلقة فى مصر بعد أن اقتربت من 108% خاصة أن معدل نمو الدين العام المحلى زاد كثيرا (منذ ثورة يناير) عن متوسط أسعار الفائدة. لكن هناك مؤشرا آخر يميل إلى التحسن وهو أن سلسلتى بيانات الاستخدامات الكلية والإيرادات الكلية بالموازنة العامة تميلان إلى التقارب، وهو ما انعكس على تحقيق فائض أولى بالموازنة العامة بلغ ما يقرب من 0.2% فى الحساب الختامى للعام المالى المنقضى، لكن المستهدف فى ثلاث سنوات قادمة ألا يقل عن 2% سنويا وهو ما يؤشر على استدامة وضع المديونية وزيادة القدرة على السداد، كلا المؤشرين يعكسان ما يسمى بالـ«الاقتدار المالى». ربما كان ذلك سببا فى تحسن الرؤية المستقبلية للتصنيف الائتمانى للديون السيادية المصرية، والذى لأول مرة منذ سبع سنوات يتحول إلى الرؤية الإيجابية فى تقديرات وكالة «فيتش» للتصنيف الائتمانى.

تجدر الإشارة إلى أن مؤسسة ستاندرد آند بورز قد استخدمت سبعة متغيرات لتحديد مدى ضعف الدولة، ودرجة انكشافها لمخاطر ارتفاع أسعار الفائدة عالميا تضمنت: صافى ميزان المعاملات الجارية (بميزان المدفوعات) كنسبة من معدلات نمو الناتج المحلى الإجمالى، وكذلك نسبة الدين الخارجى مقوما بالعملة الأجنبية إلى إجمالى الدين العام للدولة.

 

وضع مديونية الدول النامية (بصفة عامة) ينذر حاليا بالخطر، بعد أن ارتفعت نسبة الديون إلى الناتج المحلى الإجمالى للأسواق الناشئة من 145% فى نهاية عام 2012 إلى 184% فى نهاية عام 2016 وفقا لتقديرات «renaissance Capital» الروسية. كذلك صعدت ملكية الأجانب لأدوات الدين بالأسواق الناشئة (باستثناء الصين) من 21% إلى 25% خلال الفترة ذاتها، بما يعزز من مخاطر تعرض أسواق تداول تلك الأدوات لتقلبات عنيفة، حال خروج الاستثمارات الأجنبية الساخنة وعودتها للأسواق المتقدمة التى باتت تنافسيتها أفضل، وهى على أى حال أكثر استقرارا من الناحيتين السياسية والمؤسسية.

 

اهتمام الدولة بمعالجة أزمة تفاقم الدين العام يتجلى فى تشكيل مجموعة وزارية مختصة بالأمر، مع وضع مستهدفات واضحة للنزول بنسبة الدين العام إلى الناتج المحلى الإجمالى إلى ما يقرب من 92% خلال عام واحد.. وعلى الرغم من تفاؤل هذا التقدير إلا أن معدل نمو الناتج المحلى الإجمالى يبشر بإمكانية تحقق هذا الهدف.

(نقلاً عن جريدة الشروق)

 

GMT 11:27 2018 الإثنين ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مفهوم الفساد الاقتصادي

GMT 18:50 2018 الثلاثاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

ازمة القطن وتسويقه

GMT 14:51 2018 الأحد ,28 تشرين الأول / أكتوبر

السياحة ومقوماتها الاقتصادية

GMT 14:44 2018 الثلاثاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

السلامة الانشائية وقانون هدم المباني

GMT 12:34 2018 الثلاثاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

أهمية الكوميسا للاقتصاد المصري

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حقوق ناتج التصفية ونظرة إلى الدين العام حقوق ناتج التصفية ونظرة إلى الدين العام



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية

GMT 12:20 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

طلائع الجيش يبحث عن مهاجم سوبر فى دوري المظاليم

GMT 15:09 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

فان ديك يحصد لقب أفضل لاعب بنهائي دوري الأبطال

GMT 15:15 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مشروع "كلمة" للترجمة يصدر "كوكب في حصاة"

GMT 20:20 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

صدور رواية "الطفلة سوريا" لعز الدين الدوماني
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon