توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

حضرَ الشيخُ ولم يحضرْ القدوةُ

  مصر اليوم -

حضرَ الشيخُ ولم يحضرْ القدوةُ

جيلاني العبدلي

الذين يرتادون المنابر الدينية ويتابعون البرامج الإعلامية، يمكنهم بسهولة ملاحظةُ العددِ الضخمِ من الشيوخ الذين يتصدّرون المجالس المختلفة، سواء كانوا متحاورين متناظرين أو كانوا مفسّرين معلّمين وناصحين موجّهين.. وعلى أهمية الدور الحيوي الذي يلعبه هؤلاء الشيوخُ في نشر الثقافة الإسلامية وفي إشاعة التعاليم الدينية وفي تربيّة الناس على القيم الفاضلة والأخلاق الكريمة، فإنّ رسالتهم التي ارتضوها لأنفسهم قد اتخذتْ طابعا نظريا تنظيريا، واكتستْ علاقاتهم بالناس بُعدا افتراضيا تراسُليا، بحيثُ لم يترجموا أقوالهَم بين الناس إلى أفعالهم، ولم يَقرِنوا في حضرتهم سلوكَهم بخطاباتهم، ولم يمشوا في الواقع على رؤوس الأشهاد بأخلاقهم، ولم يجسّدوا في عيون الملإ القدوةَ الفاضلةَ الواجبَ اتباعُها والنموذجَ الحسنَ المفروضَ تقليدُه والنسجُ على منواله.. هؤلاء الشيوخ بقدر ما تقلّبوا في المجالس والمنابر والمحافل، وبقدر ما تفنّنوا في التفسير والتحليل والاستنتاج، بقدر ما اغتربوا عن النّاس، وانقطعوا عنهم، وارتهنوا للخطابة والمناظرة، وتركوا في الواقع فراغا هائلا لم يُتِحْ إمكانياتِ تقويم الأعمال وتعديل السلوك، بالنظر إلى ما يكون من قدوات حسنة تمشي بين الناس وأمثلةٍ مميزةٍ يَصدقُ فعلُها قولَها، وتكونُ معيارا يقيس به ومن خلاله الفردُ مدى تحلّيه بالخلق الحميد ودرجةَ ترقّيه في سلّم الفضيلة ومستوى ابتعاده عن الشرور ومهاوي الرذيلة.. إنّ القدوة الحسنة لَتمثّلُ مكانة هامة في حياة الناس، وإنّ لها لَوقْعا خاصّا في نفوسهم، ذلك أنها تقدّمُ لهم صورة نموذجية لما يجب أن يكون عليه الأفرادُ من تطبيق جيّد للتعاليم والقيم والمبادئ السامية، وتشدُّ اهتمامَهم وعقولهم، وتفرضُ احترامَهم وانقيادَهم للضوابط السليمة والمعايير القويمة، وتكونُ بمثابة المحرار الذي يمكّنهم من مقارنة أنفسهم بغيرهم ومعرفة أيّهم أفضل وأهدى وتبيّنُ حدودَ تميّزهم وتمايزهم في مكارم الأخلاق بالقياس إلى الأسوة الحسنة بينهم التي تعايشهم وتشاركهم همومَهم ومشاغلَهم وتعاملهم بحسن الخلق وطيبة النفس ودفء المعشر.. وإذا كانتْ مجتمعاتُنا في حاجة إلى شيوخ باعتبارهم ملقّنين ومفسّرين ومعلّمين وناصحين وموجّهين بخطاباتهم المؤثّرة وكتاباتهم المتعدّدة، فإنّ الحاجة لَتبْدُو أشدَّ إلى قدوات حسنة تترجمُ الأقوال إلى أفعال، وتقدّمُ للناس أمثلة تطبيقية لما يجبُ أن يكون عليه السلوكُ القويم والفعلُ الحكيمُ. ويا حبّذا لو يُعيد الشيوخ توزيعَ جهودهم وتنظيمَ أوقاتهم، بما يتركُ لهم المجالَ مُتاحا للنزول إلى الميدان، والسير بين الناس في الأسواق والمسارح والمقاهي والمراكز، حتّى يكونوا الأسوةَ الحسنةَ التي جسّدها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وصحابتُه الأكارم. وبالإجمال يمكنُ القولُ أنّه قد آن الأوان للمرور من القول إلى الفعل، ومن التنظير إلى الاختبار، لتقديم الدليل والمثال، وجعل السّلوك مرآةً للمسلم وعلامةً دالة عليه وعلى دينه قبل كلامه وسجاله، أما الخطبُ والمناظراتُ وحدها فهي على أهميتها، ستظلّ في غياب التطبيق المثالي محدودةَ الأثر، لأنّ الكلام الجميل وحده لا يثمرُ ولا يزهرُ، وبالتالي سيبقى الناس في تخبطهم يسيرون في الواقع بلا بوصلات تضبط وجهاتهم السليمة، وتُساعدهم على الترقّي في سلّم الفضيلة. فهلْ يُعيد شيوخُنا الأفاضلُ النظرَ في ما قدّموا للناس، وفي ما لم يقدّموا؟ وهل يأتي يومٌ نراهم فيه بيننا يمشون فينا بما حدّثوا فيكونون رسُلا فينا بأقوالهم وأفعالهم، ويصبحون أسوةً بيننا تنتزعُ منّا توقيرَنا لهم وتفرضُ اقتداءَنا بهم؟

GMT 20:50 2018 الإثنين ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

هذا ما أراده سلطان

GMT 10:58 2018 الأحد ,29 تموز / يوليو

في نسف الثّقافة..

GMT 13:22 2018 الأحد ,03 حزيران / يونيو

بناء الانسان المصري

GMT 15:26 2018 الأربعاء ,18 إبريل / نيسان

الموت كتكتيك أيدولوجيّ

GMT 02:04 2018 الخميس ,08 آذار/ مارس

زيارة للبلد متعدد الأعراق ومتنوع الثقافات

GMT 11:58 2018 السبت ,03 آذار/ مارس

تغريدة آذار

GMT 11:23 2018 الجمعة ,02 آذار/ مارس

أبي حقًا

GMT 18:47 2018 الأحد ,04 شباط / فبراير

فلسفة الموت

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حضرَ الشيخُ ولم يحضرْ القدوةُ حضرَ الشيخُ ولم يحضرْ القدوةُ



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon