توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ذئب الجراح

  مصر اليوم -

ذئب الجراح

القاهرة - عائشة الخواجا الرازم

عاد أبي مرة من الصيد حاملًا حقيبة كبيرة أكبر من المعتادة، تنز منها قطرات دماء وكانت ضخمة غير التي يحملها لتحميل الطيور والزرزور، فتحها وأخرج ذئبًا صغيرًا نازف العنق حزينًا، وقال: "هذا فرخ ذيب ... لقيته يبكي ويجوح ومجروح ... صايبته فشكة خرطوش من صياد وظل محله ...

التمينا حول أبي وهو يدلك ظهر الذيب الزغير ويفرك بأصابعه بين كتفي الذيب ... والذيب ينوس بيننا وينظر بعينين نصف مفتحتين ومرة يرمش ومرة يغفو ومرة يتلفت باستحياء نحونا" ...

قلنا لأبي : الذيب خايف يا با ؟

لم يجب أبي وظل يمسد ظهر الذيب وكأنه يعرفه وينبؤه بالسلامة ...

غسل الجرح بالزيت الساخن وربت على جرح الذئب رمادًا باردًا من وقود التنور المجاور، ولفلف الجرح بضمادات من قماش وجه مخدتي والذئب يتلوى بنظرة انكسار بيننا، فلم نشعر بالخوف أو الغرابة كثيرًا ... فنحن نطمئن لأبي ولو قال ما قال وفعل ما فعل ...وقد كنا أيضًا قد اعتدنا على الألفة مع كلمة ذئب ونشعر أنه طاهر الذيل لطيف من خلال مناداة أبي لأخي الشهيد غازي: أنخاك. وإلا أنخى الذيب يابا ؟؟؟ فيرد غازي : إنخاني يابا ...أنا ذيب ..

قلنا لأبي: طب لو طاب وتحسن يابا وين بدنا نسكنه ؟

قال وهو يطلب من أمي: هاتي يا فاطمه البطانية المخبية تحت المطوى...

قالت: الأولاد بيسألوك لو طاب وتحسن وين بده يعيش ؟  

قال: هاتي هالبطانية وتوكلي على الله ... شايفتيه برتعش زي الريشة يا بنت الحلال !

سكتنا ... وخفنا يقوم أبوي وينزل هبد في أمنا ...وينط الذيب علينا !

فجأة بسرعة رمشة عين كانت أمي تلفع الذيب إيدها وإيد أبوي ويحملوه وبنيموه في زاوية الديوانية الواسعة اللي يجتمع فيها مع جماعته وحبايبه اللي بدهم يحرروا فلسطين هذيك ...

لحقناه ونحن نتطلع في وجوه بعضنا ... وقلنا بصوت واحد: يابا بلكي عطشان وجوعان ؟؟؟ كيف بده ينام ؟

قال أبي: لا يابا هو عارف إنه لو أكل بموت وهو تحت العملية ...

قلنا: هو بيعرف ؟

قال: طبعًا يابا ... كل روح بتعرف مصلحتها ... فيش مخلوق جاهل بحياته ودمه رخيص ...

وقال وهو يرتب جسد الذيب ويهيؤه للنوم : بعدما يطيب جرحه سأحمله وأرجعه إلى الموكرة !! بقي الذئب بيننا نعتني به ونغير على جرحه ونمسد ظهره ونطعمه زغاليل من رفوف الحمام التي تحيط بدائرة بيتنا الواسع الحوش ...

إلى أن عصبت أمي بعد فترة وصرخت في وجه أبي: يعني الزغاليل اللي بشتروها النسوان الولادات وبنترزق منها صرنا نطعمها لذيبك يا أبو الذياب ؟؟؟

لأول مرة نرى أبي بضحكته المعهودة أمام عاصفة أمي الممنوعة والمحرمةأصلًا في وجه أبي ... قال: خلص اليوم مستر ذيب راجع لأهله ....

فتح أبي عليه واستدرجه بمهل حتى تمكن من قفا عنقه يدلكه ويحنو عليه وتحت إبطي الذيب ونحن ننظر بذهول كيف حمله كالطفل وأوقفه على قوائمه أمامنا وهو يقول : شايفين ... هيو طاب ....وبيقدر يمشي ويعيش ...

وين بدك توديه يابا ؟

قال: على الموكرة في عين الديوك

قالت أمي: دير بالك يا سلمان ... ترى أهله يمكن يهجموا عليك لما تصل ويشوفوه ...

قال: ربنا كفيل بعباده يا فاطمه والدنيا الصبح والوحوش نايمة ...

ودعنا الذيب وهو يقف ينظر إلينا بنظرات مكسورة ولكن بعيون مفتحة واسعة وأهداب طويلة جميلة تأملناه بدقة كأننا نرى روعة خلقه لأول مرة مع أننا كنا نتجمع ونتأمله من وراء شبك سقيفته الصغيرة...

 فتحت أمي الجراب الجلدي الذي يستخدمه للصيد وأنزل أبي الذيب فيه بكل هدوء دون مقاومة واضحة... وربط الجراب على ظهر الفرس وثبت السرج والركاب والبارودة والخرطوش على الجانبين وتسهل ...

عاد أبي في المساء متأخرًا ونحن ننتظر ونبكي تارة وتارة نقف على الشارع العام تحت ظلال أشجار مقهى أبو حسن العزي فيواسينا ابنه محمد وابنه أحمد وتخرج ابنته رقيه للوقوف معنا ويخرج الفران أبو موسى العموري مع الناس: أبو غازي راح يوصل ذيب للموكرة ... ويتندرون: عمي أبو غازي مجنون ... بس حنون ...

وحينما عاد أبي نازف الذراع ومقمط الصدر صرخنا نهشك الذئب يا أبي ؟ فقال لا... نهشني صياد آدمي تربص بنا فهجم بفوضى عارمة علينا وهدم الخص اللي بنيته من زمان  وطخ الذيب وهدم  باب الموكرة وغطاه بالتراب زي المجنون  !!

الخص هو الساتر الذي يقف وراءه الصياد أما الموكرة فهي بيت الذئب أو الضبع وكانت منتشرة في فلسطين

 

GMT 02:04 2018 الخميس ,08 آذار/ مارس

زيارة للبلد متعدد الأعراق ومتنوع الثقافات

GMT 11:58 2018 السبت ,03 آذار/ مارس

تغريدة آذار

GMT 18:47 2018 الأحد ,04 شباط / فبراير

فلسفة الموت

GMT 10:46 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

أدب البيوت

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ذئب الجراح ذئب الجراح



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية

GMT 12:20 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

طلائع الجيش يبحث عن مهاجم سوبر فى دوري المظاليم

GMT 15:09 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

فان ديك يحصد لقب أفضل لاعب بنهائي دوري الأبطال

GMT 15:15 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مشروع "كلمة" للترجمة يصدر "كوكب في حصاة"

GMT 20:20 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

صدور رواية "الطفلة سوريا" لعز الدين الدوماني
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon