بقلم حسن المستكاوي
** «كرة القدم مثل الحياة. أنت مطالب بأن ترى، وأن تفكر، وأن تتأمل، وأن تتحرك، وأن تفعل ذلك من أجل الاكتشاف، لاكتشاف مساحات، ومساعدة الآخرين».. تلك كلمات يوهان كرويف. اللاعب والمدرب الذى أشعل ثورة فى عالم اللعبة وفى التدريب. وله فلسفة خاصة موروثة من تجربته السابقة مع مدربه فى أياكس أمستردام رينولز ميتشيل، أستاذ أسلوب الكرة الشاملة.. ومن أهم ملامح تلك الفلسفة كما يقول كرويف: «السيطرة على الكرة والتحكم بها، وبأسرع وسيلة وأداء، أمر مهم للغاية. ثم استخلاص الكرة بأسرع وسيلة، يحرم المنافس بناء الهجوم. ثم امتلاك الكرة، والتحرك، يمنحك أقوى وسيلة دفاع، فمادامت الكرة معك، فهى ليست مع خصمك..».
** عندما تولى كرويف تدريب برشلونة، مزج بين الكرة الشاملة، أسلوب تيكى تاكا، الذى يقوم على تعليمات فى مدرسة لاماسيا: «استقبل، مرر، تحرك». وبات أسلوب برشلونة مزيجا فريدا، بين تبادل المراكز، فى الكرة الشاملة، وتبادل الكرة فى تيكى تاكا. وآمن كرويف بالتدريب الفردى، وبمهارات اللاعب الفرد. ففى لعبة الجولف مثلا، كى تكون لاعبا رفيع المستوى يقود تدريباتك ثلاثة مدربين، بينما فى كرة القدم أنت كمدرب تقود 25 لاعبا. فلابد من التدريب الفردى..
** عندما تولى تدريب برشلونة قيل له: «لدينا شبل صغير سيكون لاعبا ممتازا فى المستقبل».. وتوجه كرويف لمتابعة اللاعب فى الفريق الثانى فلم يجده يلعب. وتوجه لمتابعته فى فريق الشباب فلم يجده أيضا، وذهب لمتابعته فى فريق الشباب الثالث، فوجده. وأعجب به وقال: «أشركوه فى الفريق الأول». فرد طاقم التدريب: «ولكننا سوف نخسر» فرد كرويف: «لايهم أن نخسر. ولكننا سنكسب لاعبا».. وكان هذا اللاعب هو بيب جوارديولا.. وعلمه كرويف كيف يدافع، فلم يجد ذلك، وقال له: دافع عن مساحة صغيرة. ستكون ملكا عليها. ولا ترهق نفسك فى الدفاع بمساحات كبيرة». وهى فلسفة أخرى فى الدفاع فعندما تتعانق مساحات وحدود الدفاع المكلف بها الفريق يصبح دفاع المجموع صلبا..
** كان يوهان كرويف لاعبا صاحب موهبة، وأسلوب رشيق. يلعب برأس مرفوعة، كأنه فرس يختال بالكبرياء. وكان مدربا ثائرا وصاحب رؤية. تضاهى رؤية الفلاسفة للحياة. وفى عام 1981 أردت إجراء حوار مع زملاء كرويف فى كاس العالم 1974، وبالاتصال بالمستشار الصحفى لمنتخب هولندا أثناء المشاركة فى بطولة كاس العالم المصغرة «الموندياليتو» بأورجواى التقيت بالتوءمين الشهيرين وينى وويلى دريركيركوف: وعندما سألتهما عن يوهان كرويف، أخذا يتحدثان عنه باحترام، وبحب، وبإعجاب، وكانا دائما يسبقان النطق باسمه بكلمة «مستر».. فهو الأستاذ بالنسبة لهما ولكل عناصر المنتخب الهولندى..
** بعد رحيل كرويف، لعبت هولندا مع فرنسا، وفى الدقيقة 14، نفس فانلته، توقف اللعب لإحياء ذكراه، ولم تكن هناك عين واحدة جافة فى المدرجات أو فى هولندا، البلد كلها كانت تبكى رحيله.. ففى أحيان يولد فى ملاعب كرة القدم قائد وزعيم..