خالد الإتربي
الفساد والقانون ، كالزيت والماء ، من المستحيل اختلاطهما معا ، لكننا لانعرف المستحيل ، ولانجد صعوبة في تجاوز المسلمات بكل سلاسة ، لاننا ولافخر نملك في مجتمعنا من يستطيع فعل الشيئ وعكسه في نفس الوقت اذا اقتضت المصلحة ذلك ، دون النظر لاعتبارات دينية أو أخلاقية او سلوكية او مجتمعية.
الفساد ببساطة هو كل عمل يتضمن سوء استخدام المنصب العام لتحقيق مصلحة خاصة ذاتية لنفسه أو جماعته ، وللفساد عدة مظاهر مثل الرشوة ، والمحاباة كتفضيل جهة على أخرى في الخدمة بغير حق للحصول على مصالح معينة ، او الواسطة وهي التدخل لصالح فرد أو جماعة دون الالتزام بأصول العمل والكفاءة اللازمة مثل تعيين شخص في منصب معين لاسباب تتعلق بالقرابة أو الصداقة ، لكن هل يمكن للفساد ان يكون قانونيا.
الاجابة نعم ، حينما تكون مسؤولا تملك العديد من الخيارات القانونية في اتخاذ قراراتك التي تتعلق بمصالح مالية او أدبية ، وتختار الطريق الابعد والاقل تأثيرا ، والذي يهدر على مؤسستك او مصلحتك التي تديرها ملايين الجنيهات ، من اجل اسناد الامر لاشخاص معينة هذا يعد فسادا مقننا ، على الاقل من وجهة نظري .
اعتدنا ان نجد مثل هذه الامور في مؤسسات حكومية ، لكنني صراحة لم اعتد ان اجد هذا الامر في النادي الاهلي ، الذي من المفترض انه من افضل الاندية في الشفافية واتباع الطرق القانونية في كل اموره التعاقدية .
صدمت حينما حدثني احد مصادر الثقة عن احدى الوقائع التي حدث مؤخرا داخل النادي بإسناد بعض التوريدات للأجهزة الرياضية لصالة الجيمانزيوم الجديدة في النادي ، وكيف تمت بطريق الامر المباشر ، دون اللجوء الى اعلان عن مناقصة قانونية لتوريدها كما هو معتاد ، وكيف تم " تطفيش " احدى الشركات التي تقدمت بعرض افضل من الشركة التي كلفت بها ، لكون صاحبها على علاقة بمسؤول " تنفيذي " في النادي .
حاولت عدم تصديق الامر لاني اعلم ان الامور لاتدار بمثل هذه الطريقة في النادي ، وتواصلت مع مسؤول اداري كبير في النادي ، لاواجهه بما وصلني ، منتظرا منه ان ينفي الواقعة كالعادة ، وانها ستكون من قبيل الشائعات التي تهدف لاستقرار النادي.
جاء الرد بأن الواقعة صحيحة ، وان اتباع الامر المباشر في مثل هذه الامور افضل كثيرا من اجراء مناقصة بين الشركات ، خاصة انها شركة وردت للنادي اجهزة في وقت سابق ، حاولت كثيرا ان اقنعه بان الامر المباشر اضعف الطرق القانونية لكن دون جدوى ، مؤكدا ان الامر لايعدو عدة ملايين قليلة لاتستحق اجراء مناقصة لها .
قد يرى البعض ان الأمر لايستحق ضجة او الحديث عنه ، لكن الحقيقة واضحة مثل " الشمس " طالما اتبعت الأمر المباشر في صغائر الامور للوصول لاهداف معينة وارضاء اشخاص بعينها او تحقيق مصلحة مالية ، فستلجأ اليه في امور عديدة كبيرة وفي المسائل المهمة .