بقلم - المهدي الحداد
دق ناقوس الإنطلاق، حان وقت المتعة، أتى موعد الفرجة، فُتح باب الحلم، رُفع الستار لمشهد العرس العالمي، ذلك الحفل الذي إنتظرناه بشوق وشغف وصبر طيلة 20 سنة.
المغاربة بدون إستثناء سيسافرون بالقلوب والعقول والعيون إلى الديار الروسية، وسيمكثون مع الأسود طيلة المقام لمعاينة كل صغيرة وكبيرة، وتتبع الأخبار والكواليس قبل المباريات، ومعاينة الترتيبات والردود التي تسبق وتلي المعارك.
المسؤولية جسيمة والحمل ثقيل على اللاعبين والطاقم التقني، لأنهم في الواجهة وأمام فوهة النيران، فالخصوم في الأمام والجمهور من الخلف والضغوطات من كل جانب، والإنتظارات كبيرة من الرأي العام المحلي والعربي والإفريقي ليكون أسود الأطلس في الموعد، ويحققوا إنجازا يضاهي على الأقل ما تم تحقيقه في مونديال مكسيكو 1986.
الفرحة ممزوجة بالرهبة والتوجس، الفخر والترقب، الرغبة والخوف، الإعتزاز ببلوغ الحلم، ودخول التاريخ كجيل من أمجد الأجيال التي حملت القميص الوطني، وتركت البصمات والتوقيعات للأبد في كتاب كرة القدم المغربية.
صحيح أننا جميعا تتملكنا الرغبة في أن نرى أسودنا في الدور الثاني على الأقل، وأن نشاهد زئيرا مدويا يهز أركان إيران والبرتغال وإسبانيا، وأن نرقص ونهلل إحتفالا بإنجاز عالمي جديد لم يشاهده الملايين من المغاربة، لكن علينا أن لا نحلم أكثر من اللازم، وأن نتواضع ونضع جميع السيناريوهات في الحسبان، ونتوقع الإقصاء بنسبة تساوي أو تتجاوز نسبة التكهن بالتأهل، فالمناسبة هي كأس العالم والموعد هو بمثابة الحلم يكفينا شرف الوصول إليه.
لن نتشاءم ولن نتفاءل أكثر من الحدود، ولن نحترم الخصوم أكبر من القدر الواجب، ولن نعطي الوعود فنُصدم في النهاية بغياب الوفاء، ولن نذهب لروسيا والثقة العمياء تغرقنا في الوهم، وكأننا من المرشحين للتتويج أو من المنتخبات المتشبثة دائما بالحضور في البطولة.
التحضيرات مرت في أفضل الظروف كما يفعل عمالقة الكرة في العالم، والجاهزية والمعنويات في أعلى القمم حتى يدخل الفرسان المغامرة في أفضل صورة وأنظف روح، بشعار القتال والبسالة والبحث عن المفاجأة.
لن نضغط أكثر عليكم يا أسود، سنرافقكم إلى روسيا ونتتبعكم ونواكبكم بأقلام رشيقة ومِداد وافر لنقل الحدث بكل مهنية، سندعم وسنكون طرفا في الفيلم ليتم إخراجه بأبهى حلة، سنحضر إلى جانب الآلاف من الجماهير المغربية التي ضحت بعملها ومالها في سبيل الأسود والمونديال، وسنكون عيون وآذان الملايين الذين إستحال عليهم السفر.
إستمتعوا فقط يا أبطال ولا تبخلوا بقطرة عرق، تجنبوا الهفوات وحافظوا على التماسك والآمال، لا تخافوا ولا تسقطوا في الألغام، ولا يهزمكم الغرور والإنشراح إن كُتب لكم النصر في الموقعة الإفتتاحية.
فزنا أو خسرنا لا يهم، كأس العالم للعظماء وللمحظوظين، والتواجد في هذا العرس يفرض الإستمتاع به وتلذذ حلاوته، داخل وخارج الميدان، قبل وأثناء وبعد الحدث الفريد، فالذكريات هي من ستبقى موثقة وكم سيكون حلوا ورائعا لو كانت بصور الأفراح والإنجازات.
إستمتعوا أنتم باللعب وبالتفاني في الدفاع والتضحية في الهجوم، بمقارعة النجوم والأساطير، وأتركوا لنا نحن المتعة بالأداء والفخر بكم، وجميعا نحو سفر تاريخي موفق وسعيد وممتع.