بقلم حسن المستكاوي
** يقول الجميع إن أخطاء الحكام جزء من لعبة كرة القدم، وأول من يردد ذلك هو الفيفا نفسه، ومع ذلك لا يقبل ولا يرضى شخص واحد من هذا الجميع بأخطاء الحكام، وأول من لا يقبل هو الفيفا نفسه، الذى يستعين هذه الأيام بما يسمى تقنية الفيديو فى بطولة العالم للأندية باليابان وسيحتكم الحكم (الذى يحاكم بثلاثين كاميرا) إلى الفيديو من أجل مساعدته فى اتخاذ بعض القرارات الهامة مثل ركلات الجزاء والبطاقات الحمراء خلال المباراة ولا يمكن تغيير قرار الحكم بعد ذلك. وهناك 12 دولة تقوم بتجربة الفيديو الحكم لمدة عامين. وأعتقد أن الخطوة التالية لهذا الاختراع الجديد هو القول بأن الكاميرا التى صورت ضربة الجزاء لم تكن دقيقة، ولا يمكن الأخذ بعينها وبعدستها، وأن الفيديو ظالم..؟!
** فى تاريخ كرة القدم ضاعت بطولات وخرجت منتخبات من كأس العالم بسبب أخطاء من الحكام. ومضت اللعبة، خاصة حين كانت التكنولوجيا محايدة أو غائبة. وفى مصر كان يقود مباريات الأهلى والزمالك الحكم الدولى حسين إمام عم حمادة إمام، وكان يعلق على المباراة الكابتن محمد لطيف لاعب ونجم وعضو مجلس الإدارة فى الزمالك. فلم يبحث الاتحاد أيامها عن حكم محايد ولم يبحث اتحاد الإذاعة والتليفزيون عن معلق محايد. وهو ما تغير بعد ذلك.
** ماذا جرى فى مصر؟ سؤال ساذج.. فالذى حدث بدأ حين قرر عبقرى أن يفصل بين جماهير الأهلى والزمالك بعد موقعة ميت عقبة 1966.. وهى الموقعة التى شهدت شغبا حين تقدم الزمالك بهدفين للا شىء.. فكان القرار نقل المباريات إلى الاستاد والفصل بين الجماهير، وهو الفصل الذى رسخ التعصب والقبلية، والقطبية، وأن شارع الكرة المصرية منقسم إلى معسكرين.. ثم بدأت كرة الثلج، مجرد كرة صغيرة، باردة، تكبر قليلا وهى تهبط التل، ثم بفعل شياطين التعصب والكراهية والأمية والجهل بقيم الرياضة ومفاهيمها وقعت المعجزة، وباتت كرة الثلج كرة نار تهبط الجبل وتحرق..
** ربما من الصواب أيضا أن نسأل: ماذا جرى فى العالم فالفيفا أدخل تكنولوجيا عين الصقر لتحديد مدى عبور الكرة خط المرمى، وها هو يستعين بالفيديو لمساعدة الحكم، وكل ذلك لأن المباريات الآن تنقل بتكنولوجيا تصوير مذهلة تضع أمام المشاهد الذى هو المشجع، الذى هو الممول الأول للعبة تفاصيل كل لعبة وكل لمسة، وكل همسة حتى إن الناس تطالب أحيانا بإيقاف لاعب لأنه سب منافسه فى أذنه!
** نعم أخطاء الحكام باتت مكشوفة جدا، ومشهودة جدا، وعلى مجتمع اللعبة أن يتقبلها. وأعلم أن الأخطاء زادت جدا فى الملاعب المصرية، وتحتاج إلى محاضرات ومعسكرات وتدريب، خاصة أن بعض تلك الأخطاء يستحيل أن تراه فى زحل، مثل تسجيل حكم لهدف لأنه يقف غلط، أو نسيان حكم لعدد ضربات الجزاء التى احتسبها، أو احتساب حكم لضربة جزاء يجب ألا تحتسب إطلاقا ولس فيها شك على الإطلاق.. ولكن فى النهاية الحكم بشر. ونعم أقول ذلك. ويقول الجميع: الحكم بشر. الحكم إنسان. الحكم لا يستطيع أن يقول فى لحظة اتخاذ القرار: لا أعرف. ولا يوجد شخص واحد فى هذا الجميع يقبل بما يقوله الجميع عن الحكم البشر، وعن الحكم الإنسان..
** ويبقى السؤال الأخير: كرة القدم إلى أين ؟!