بقلم :حسن البصري
يحكى أن محمد رحيمي، المكلف بالأمتعة بفريق الرجاء البيضاوي، قد عرض شكوى على المعطي بوعبيد، حين كان هذا الأخير رئيسًا للرجاء البيضاوي ووزيرًا يحمل حقيبتي الوزارة الأولى والعدل، فطلب منه ملفًا متكاملًا حول القضية. وفي صباح اليوم الموالي شد رحيمي الشهير بلقب "يوعري"، الرحال إلى مقر الوزارة الأولى بالمشور السعيد بالرباط وهو يمني النفس بلقاء المعطي، إلا أنه فوجئ بطوق أمني يمنعه من الاقتراب من البناية المحصنة، حاول الرجل إقناعه الحرس بأن الوزير شخصيا هو الذي طلب منه الحضور إلى الرباط، وكشف عن هويته كمكلف بأمتعة الرجاء البيضاوي، الذي كان المعطي يرأسه لكن دون جدوى، فرؤية وزير مثقل بالالتزامات دون سابق موعد من سابع المستحيلات، بل إن المسؤول الأمني مارس "البرسينغ" على الرجل، ودعاه إلى الابتعاد خطوات عن بوابة مقر الوزارة الأولى، وكأنه حكم يبعد لاعبا عن نقطة تنفيذ ضربة خطأ.
لم يجد "يوعري" بدا من الامتثال والانتظار، فالملف الذي يتأبطه مصيري، ووجود رئيس الفريق في منصب القرار فرصة لا تتاح مرتين، لذا تحمل لفحات شمس العاصمة وجلس بعيدا يرقب البوابة أملا في خروج الوزير من قلعته الحصينة، وحين داهمه التعب من شدة الانتظار صاح بأعلى صوته مرددا لازمته الشهيرة التي يعرفها كل الرجاويين "إييييييييييييه"، فما كان من المعطي إلا أن يطل من شرفة مكتبه ويستفسر عن مصدر كلمة السر، التي يملك يوعري وحده براءة اختراعها وحقوق نشرها، حينها فتحت أبواب الوزارة وأحيط بما تيسر من ترحيب.
كان الوزراء هم الرعاة الرسميون للفرق، وكانوا درعهم الواقي من جور التحكيم ومن رياح الخصاص، في زمن لم يكن فيه ذكر للمستشهرين والمنخرطين وتجار حقوق النقل التلفزي، فحين يضيق الحال يعلن الوزراء حالة استنفار في صفوف المصالح التابعة لهم وتصبح الوزارة في خدمة الفريق، وعندما تنفرج أسارير الأزمة يمكن أن تصبح المؤسسة في خدمة باقي المواطنين.
كان للرجاء البيضاوي وزراء قادرون على تأجيل مجلس وزراء لمجرد تزامنه مع مباراة مؤجلة، وكان عبد اللطيف السملالي وزير الرياضة يعلم أن الرجاء مصلحة خارجية لوزارته، كما جعل محمد أبيض وزارة الشؤون الاجتماعية في خدمة أكثر من رجاوي في وضعية صعبة، وراهن عبد العزيز لمسيوي على إعادة إعمار اتحاد المغرب العربي بأقدام اللاعبين لا بأفكار السياسيين.
للوداد الرياضي تشكيلته الحكومية، ووزراء قادرون على تغيير مجرى الحياة السياسية، فقد ساهم عبد الرحمن الخطيب حين كان وزيرا للداخلية في إقحام عدد من الوداديين في سلك الأمن الوطني، ولم يكن بن سالم الصميلي وزيرا للملاحة التجارية فقط بل كان يسوق منتوج الوداد خارجيا، وساعد الطاهري الجوطي حين كان وزيرا للرياضة الفريق الأحمر على ركوب العالمية، وظل ادريس جطو يصلي على قبلة الوداد ويدفع بلا حساب قبل أن يصبح حسيبا رقيبا على المال العام.
ظل التداخل ميزة المشهد السياسي والرياضي، وكأن الحقائب الوزارية توزع على الفرق قبل الأحزاب، حتى كادت أسماء الوزراء أن تكتب على قمصان اللاعبين كرعاة رسميين، يكفي أن نذكر ادريس البصري لنربطه بنهضة سطات وأحمد عصمان لنستحضر مولودية وجدة ومولاي أحمد العلوي بوداد فاس وعبد الحفيظ القادري بالفتح وعبد الرحمن اليوسفي بالاتحاد البيضاوي ومصطفى الساهل في الجديدة، قبل أن ينسحب الوزراء الداعمون ويحل محلهم وزراء زراعة الفتنة الذين عجزوا عن علاج أزمات فرق ضربها داء الرعاش.
انسحب الوزراء من ملاعب الكرة، واستولى على الفرق مسيرون لا علاقة لهم بالوزارة، إلا إذا لعبوا دور "وزير" في عرس تقليدي بإيعاز من عريس بلا بوصلة.