حسن المستكاوي
** مثيرة جدا مباريات دور الثمانية فى كأس أوروبا.. ومن ملامح الإثارة فى هذا الفوز الذى حققه منتخب ويلز على بلجيكا. وهو إهداء آخر لأصحاب موال تصنيف الفيفا بعد انقلاب أيسلندا على إنجلترا حتى إن المنتخب الفرنسى يخشى من التجمد هو الآخر اليوم أمام أيسلندا.. ومعروف أن البلجيك يحتلون المركز الثانى بعد الأرجنتين.. وكان الفريق البلجيكى قد تطور بشكل واضح فى السنوات الأخيرة وقدم عروضا قوية فى التصفيات، وكان مرشحا للقب ضمن الفرق المرشحة الأخرى لمستواه وليس لترتيبه فى التصنيف. أما ويلز فهى المركز 26. وهى بالمناسبة لا تستحق هذا المركز بمعايير كرة القدم، حتى لو تأهلت للنهائى وحققت معجزة بمعنى الكلمة وفازت بالكأس، ولكنها احتلته بحسابات الأرقام وعلاقة تلك الأرقام بمباريات ونتائج.
** وأذكركم باليونان التى فازت ببطولة أوروبا عام 2004. فكيف لعبت وكم هدفا سجلت، أو «كم ربع كورنر» وضعته فى حسابها كى تحرز اللقب فيما بعد وفى واحدة من البطولات التى فاز بها من لا يستحقها بمعايير كرة القدم أيضا.
** كنا أشرنا كثيرا إلى أن قصة التصنيف لاعلاقة لها بالمستويات الحقيقية، قبل أن تهب رياح عاصفة تصنيف مصر فى الفيفا بسنوات، وحين احتلت مصر التصنيف التاسع فى الفيفا بعد كأس القارات، وبينما كان البعض يحتفل بفوز منتخب مصر بالمركز التاسع فى المستوى، أو هكذا ظن حضراتهم، كنا نحذر من بيع الخدعة والكذب إلى الناس. ومن أسف أن كثيرا من الخبراء وزملاء فى الإعلام طالبوا بمنح الكابتن حسن شحاتة وجهازه الفنى مكافأة على المركز التاسع على العالم الذى وصف بأنه تاريخى، هكذا ظن حضراتهم، وكان تعليقنا: «وهل يعاقب المدير الفنى لو احتل منتخب مصر المركز الخمسين» ؟!
** هذه واحدة من خطاب وتوجهات أجيال تربت على المبالغة.. وهو نفس المنطق الذى توج الأهلى فى يوم من الأيام بطلا لأفريقيا وأوروبا حين فاز على ريال مدريد فى مباراة ودية.. فخرجت مانشيتات تقول: «الأهلى نادى القرن فى أفريقيا وأوروبا».. وكانت تلك واحدة من «افتكاسات» وتوجهات جيل تربى على المبالغة، ويبيع للناس ما لا يصدقونه.. جيل عاش تحت مظلة لغة: الأفضل والأعظم والتاريخ، حتى لم نترك شيئا للتاريخ ليسجله. وهى لغة يجب أن تتغير إلى لغة الصدق والواقع التى تبنى على التحليل العميق والموضوعى والأمين.. ولكل من يسأل الآن من هو أمين هذا؟ ومن يدهشه موقف بعض الشباب الرافض لأى شىء ولكل شىء على الرغم من دقة المرحلة، عليه أن يفكر قليلا فى قصة الخطاب والتوجهات واللغة التى تحيط بهذا الشباب.!
** فى سياق الربيع البريطانى لم تعلم إنجلترا بعد كيف خرجت من الاتحاد الأوروبى، ولا تعرف كيف خرجت من كأس أوروبا؟ إلا أن بعض البريطانيين يتمنون هزيمة ويلز فى المباراة القادمة، كما تمنوا هزيمتها فى المباريات الفائتة. وبدون شك تظل الإثارة عنوانا دائما فى كرة القدم وفى هذه البطولة، وفى هذه المرحلة هى التى تعرف بخروج المغلوب. ولكنها بتعبير جديد باتت تعرف بأن المهزوم ليس له غد فى البطولة. فسوف يغادر فور خسارته أراضى فرنسا.. لكن يبقى السؤال العجيب: وماذا لو فجر الأيسلنديون قنبلة بعيدة المدى والاحتمال اليوم وفازوا.. أين يذهب منتخب فرنسا؟!