عادل كُريّم
"هل تعرفون مكاناً جيداً للنوم في ليستر؟" .. هكذا غرد جيمي فاردي المنضم حديثاً إلى ليستر سيتي في يونيو 2014.. اللاعب القدم من نادي الدرجة الرابعة فليتوود تاون لليستر سيتي الذي يلعب بالدرجة الثانية لم يكن يملك إلا القليل، لذا طلب من أصدقائه أن يبحثوا له عن مكان يقضي فيه ليلته أثناء لعبه لليستر..
"كنت لا أملك ثمن تذكرة القطار، فأذهب لأطلب نقوداً من والدتي.. كنت أقول لها سأرد لك هذه المبالغ حين أصبح لاعباً مشهوراً، فكانت تضحك وتقول: إن شاء الله" .. الجزائري رياض محرز كان لا يجد ثمن تذكرة الانتقال من ضاحية ساراسيل لأكاديمية كويمبر الفرنسية التي يمارس كرة القدم بها عام 2010.. بعد 4 سنوات انتقل محرز من لوهافر إلى ليستر سيتي مقابل 400 ألف يورو، ليظن أن الحياة قد ابتسمت له أخيراً ..
"كلاوديو رانييري؟ حقاً !! نعم هو يملك الخبرة لكن لماذا اختاره ليستر سيتي؟ يبدو أن البقاء في الدوري الممتاز لن يستمر طويلاً" .. حين اختار ليستر سيتي الإيطالي رانييري مدرباً له في يوليو 2015، كان واضحاً أن أسطورة منتخب انجلترا والذي سبق له اللعب لليستر جاري لينيكر لا يرحب بهذا القرار..
ربما كان لدي لينيكر بعض الحق، فرانييري ذو الأعوام الـ64 درب من قبل أربعة عشر نادياً بالإضافة لمنتخب اليونان، ولم يحقق سوى لقبين للكأس (مع كل من فيورنتينا وفالنسيا)، ومثلهما للسوبر (مع ذات الفريقين).. بالإضافة للصعود من الدرجة الثالثة للثانية ومن الثانية للأولى في أكثر من مناسبة.. فقط..
أكثر من ذلك؟ هو مدرب منحوس في رأي البعض، وغير ذو شخصية في رأي آخرين.. هو مدرب غير قادر على تحمل الضغط ويستسلم دوماً في المحطات الأخيرة..
ومن كتيبته في ليستر؟ فاردي، عامل المناجم الذي قضى عمره بين الدرجات الثامنة والخامسة والرابعة.. محرز، الجزائري الفقير القادم من أكاديميات فرنسا.. ومجموعة أخرى من المغمورين أمثال الفرنسي نجولو كانتي والانجليزي درينكووتر، وحارس مرمى كل مقوماته أنه ابن بطل سابق، كاسبر شمايكل.
"هدفنا في الدوري؟ أن نجمع 40 نقطة حتى نضمن البقاء"..
في نوفمبر الماضي، وحين اعتلى ليستر سيتي قمة الجدول بعد الجولة الثالثة عشرة، سأل بعض الصحفيين رانييري عن هدف فريقه من الموسم.. كان رده كما سبق.. رد استمر كما هو حتى بعد ما انقضى ثلثي الموسم.. حينها تغير الرد..
"ربما نفكر في اللعب بالدوري الأوروبي.. ربما "..
لكن في الغرف المغلقة لم يكن رانييري يفكر في ذلك.. كان يقول للاعبيه أن هذا الحلم لن يتكرر في كل عام.. إنها حكاية مرة في العمر.. حكاية ظلت حبيسة قلب رانييري ولاعبيه حتى اعترف بها أخيراً قبل 4 جولات فقط على نهاية الموسم..
"يمكن للبقية أن يفوزوا بالدوري في أي عام آخر.. نحن لن نحققها إلا هذا العام.. أتركوني أفوز بالدوري.. جمهور ليستر سيتي يحلم، وعلي أن أحقق له هذا الحلم" ..
وحققه..
ما بدأ كنكتة يضحك عليها العالم، استمر كحلم جميل يعتبره البعض مستحيلاً.. ثم صار قابلاً للتحقيق لكنه صعب.. ثم تحول إلى حقيقة..
لا يوجد شيء إسمه مستحيل.. وزمن المعجزات لم ولن ينته..
ليستر سيتي هو البطل