محمود حساني
لعل السؤال الذي يدور الآن في أذهان الجميع، أين دور الحكومة في ظل انهيار قيمة العملة المصرية أمام الدولار ، والارتفاع اليومي غير المسبوق في سعر العملة الأجنبية ، والتي وصلت في الأسواق غير الرسمية ، والتي تعرف إعلامياً بـ " السوق السوداء " إلى 13 جنيه وربما يلامس كما يرى أغلب الاقتصاديين المعنيين بالشأن المصري سقف الـ 15 جنيه ، وهي إن تحققت هذه التوقعات-لا قدر الله- سنكون جميعاً دولة وشعباً أمام كارثة تهدد الاقتصاد المصري ، لن نخرج منها قبل أن ندفع ضريبتها والتي قد تحتاج إلى إجراءات اقتصادية غير مسبوقة واستثنائية في سبيل التعافي منها .
بالفعل حتى نكون صرحاء مع أنفسنا قبل أن نكون صرحاء مع غيرنا ، نحن أمام أزمة حقيقية تحتاج إلى تدخل عاجل وتحرك فوري من جانب الرئيس السيسي والحكومة ، حتى لا نستيقظ على كارثة ، فليس هناك وقت للمسكنات أو التصريحات الوردية التي تخرج من وقت إلى أخر من جانب المسؤولين في الدولة ، تقلل من حجم الأزمة ، فالشعب المصري بعد ثورتين أصبح أكثر وعياً بما يدور وبما يُقال ، بل أن هناك قطاع عريض من المواطنين تفوقوا على أغلب الاقتصاديين ، واتخذوا إجراءات تؤمن لهم أنفسهم ، كشراء كميات كبيرة من السلع تكفي حاجتهم قبل أن يرتفع أسعارها ، والبعض الأخر استبدل ما يدّخره في البنوك بالدولار وقت إن كان لا يتجاوز سعره 6 جنيهات ، وحقق من وراء ذلك أرباحاً عالية ، تفوق الفوائد التي تُقررها البنوك على أموال المودعين.
علينا أن نعترف ونحن بصدد مواجهة هذه الأزمة ، أن هناك بوادر كانت تنذر معها بمجيء هذه الأزمة ولم يلتفت إليها أحد ، فمن المعروف أن مدخلات الدولة بالدولار تعتمد على 5 مصادر رئيسية وهي " السياحة- الاستثمارات الخارجية- تحويلات المصريين من الخارج-الصادرات- قناة السويس " ، المصدر الوحيد الذي احتفظ بقيمته هي قناة السويس، أما السياحة والاستثمارات متوقفة تماماً،
ولجأ المصريين بالخارج إلى تحويل أموالهم المُقدرة بالدولار من مكاتب الصرافة بالخارج لتصل إلى مصر بالجنيه وليس بالدولار، ومن هنا كانت الأزمة ، توقف مدخلات الدولة بالدولار ، أعلم تماماً ويتفق معي أغلب الخبراء والاقتصاديين ، أن علاج هذه الأزمة ليس في يد محافظ البنك المركزي ، طارق عامر ، حتى وإن كان هو المسؤول الأول عن السياسة النقدية في مصر ، فالحكومة تتحمل الجزء الأكبر من هذه الأزمة ، لذا فهي الآن تمر باختبار حقيقي ، ليس أمامنا فيه إلا أن تنجح أو أن تنجح ، فعليها من اليوم قبل الغد ، المصارحة بحقيقة الأزمة ، واتخاذ إجراءات عاجلة ، كوقف استيراد السلع غير الضرورية ، والتشجيع على شراء المنتج المحلي ، وتحفيز المصريين بالخارج على تحويل أموالهم بأسعار تشجيعية ، إصدار قرار فوري بوقف التداول في السوق السوداء وقصره على البنوك فقط ، إغلاق شركات الصرافة ، علينا أن نتحرك قبل فوات الآوان .