محمود حساني
أسدلى مجلس النواب المصري ، الستار على الفصل التشريعي الأول ، الذي استغرق ثمانية أشهر ، بدءاً من أولى جلساته التي انطلقت في 10 كانون الثاني/يناير الماضي ، إلى آخر جلساته في 6 أيلول / سبتمبر الجاري، وما بين الجلسة الإفتتاحية ، والجلسة الختامية ، شهد الفصل التشريعي الأول ، إنجازات وإخفاقات ، وأحداث ساخنة ، يتوقع أن تزداد وتيرتها خلال الفصل التشريعي الثاني ، الذي سينطلق يوم 2 تشرين الأول/ أكتوبر المقبل.
بالتأكيد هناك بالفعل عدة إنجازات حققها مجلس النواب خلال الفصل التشريعي الأول ، وهي محل إشادة ، كإقرار 342 قانون خلال فترة وجيزة تم إصدارهم في غبية البرلمان ، وهي تلك القوانين التي صُدرت في عهد الرئيس السابق عدلي منصور ، والرئيس الحالي عبدالفتاح السيسي ، وإعداد لائحة داخلية جديدة تتناسب مع أول برلمان تشهده البلاد بعد ثورة 30 حزيران/ يونيه .
ويُحسب أيضاً للمجلس النواب الحالي ، أنه أول برلمان منذ نشأة الحياة السياسية في مصر عام 1866 ، يستقبل خمسة رؤساء دول أبرزهم الرئيس الفرنسي وخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز ، والعديد من الوفود البرلمانية والأجنبية ، والتي كان لهذه الزيارات أثرها في كسب ثقة وفود تلك الدول ، والتي كانت ترى من قبل ما حدث في 30 حزيران/ يونيه ، ليست ثورة ، كما يُنسب لمجلس النواب الحالي الفضل في عودة عضوية مصر إلى البرلمان الدولي والأفريقي بعد غياب خمسة سنوات ، وحتى نكون مُنصفين هذا الإنجاز ، لعبت وزارة الخارجية المصرية دوراً كبيراً في تحقيقه .
وكذالك يُنسب لمجلس النواب الحالي ، رفض قانون الخدمة المدنية في ثوبه القديم ، وإقرار قانون بناء الكنائس بعد مطالبات استمرت لأكثر من 160 عاماً ، ويشهد لهذا المجلس ، أول وزير يتقدم باستقالته ، على خلفية وقائع الفساد التي كشفتها لجنة تقصي حقائق " فساد القمح " ، التي تم تشكيلها من جانب البرلمان .
بالتأكيد هناك قطاع عريض من المواطنين غير راضيين عن أداء المجلس ، وكانوا ينتظرون منه تقديم الكثير لا سيما في تلك الظروف الاقتصادية الصعبة التي يُعاني منها الجميع ، وكانوا يأملون على النواب ، الذين كانوا بالأمس مرشحين ، يقطعون على أنفسهم الوعود والعهود بالتحقيق آمال وطموحات المواطنين ، في سبيل كسب أصواتهم ، وعندما أصبحوا نواب في البرلمان ، ذهبت هذه الوعود والعهود إلى غير رجعة .
أعي تماماً الظروف التي تمر بها البلاد ، والأوضاع الاقتصادية الصعبة ، والتي يستحيل معها تقديم خدمات أو توفير فرص عمل للمواطنين ، وإن كان البعض من نواب المجلس يردون على هذا الأمر ، ليس من اختصاصنا ، وإنما نختص بالرقابة والتشريع والمطالب العامة، وأن عهد توفير فرص العمل التي كانت سائدة عند نواب الحزب الوطني المُنحل لم يعد له مجال بعد ثورتين .
اتفق معهم تماماً وكثيراً ما طلبنا ونادينا بذالك ، أن تكون وظيفة النائب الحقيقي ، الرقابة والتشريع ، وليس نائب خدمي ، يقوم بتقديم الخدمات الشخصية للناخبين ، غير أن مطالب هؤلاء المواطنين هي في المقام الأول حزء أصيل من الرقابة والتشريع ، فهؤلاء يحتاجون منظومة صحية آدمية تُليق بهم في المستشفيات الحكومية التي تُعاني من إهمال وتدهور شديد ، يدفع ثمنه أهلنا البسطاء في قرى الصعيد والدلتا ، هؤلاء يحتاجون منظومة سكة حديد قوية تحافظ على أرواحهم ، فأين دوركم في استجواب وزير النقل ، واستدعاء المسؤولين عن هيئة السكة الحديد ومسآلتهم عن الإهمال والتقصير الذي يدفه ثمنه هؤلاء المواطنين .
أيام قليلة وينطلق الفصل التشريعي الثاني ، بالتأكيد على أجندة كل حزب ونائب عدد من الملفات ، نتمنى أن تكون جميعهاً تصب في صالح المواطن ، وليست شخصية أو في صالح حزب أو ائتلاف ، كالصراع الذي بدأ مبكراً على مناصب لجان المجلس ، وعقد التحالفات والصفقات ، فكلها مناصب زائلة والتاريخ خير دليل ، وثقة المواطنين هي الباقية .