القاهرة - محمود حساني
مما لا شك فيه أن الحرب التي تخوضها مصر، قيادةً وشعباً في مواجهة التطرف، الذي ابتلت به البلاد، بعد عزل جماعة الإخوان من حكم البلاد، دخلت مرحلة جديدة، فهذه المرة لم تُعد العناصر المتطرفة كما كانت تستهدف رجال الجيش والشرطة، بعد أن أيقنت أنها معركة خاسرة، كبدتها خسائر فادحة، تشهده عليها أرض الفيروز. فاتجهت إلى استغلال آخر "ورقة" تملكها، وهي في اعتقادي أخطر الأوراق التي تملكها العناصر المتطرفة، وهي اللعب على استهداف الأقباط، في محاولة قذرة منها، لبث روح الفرقة والإنقسام بين أبناء الوطن، لعلها تجد معها هذه المرة، مبتغاها، في تحقيق أهدافها الخبيثة التي تقف خلفها أجهزة مخابراتية إقليمية ودولية.
بالتأكيد الحرب التي تخوضها مصر، بمفردها في مواجهة التطرف، لها فاتورة جميع الدول التي خاضتها، دفعّت ثمنها، وهي معركة مُستمرة، طالما، وجدت هذه العناصر المتطرفة، الدعم والتمويل اللازم لها، لكي تستمر، لذا جاءت قرارات مجلس الدفاع الوطني برئاسة السيسي، في محلها، بعد أن رأت أن هذه التهديدات لا سبيل لمواجهتها، سوى بفرض حالة الطوارئ.
سبق وأن طالبنا مراراً وتكراراً، الدولة المصرية، منذ فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة المسلحين، بضرورة تطبيق قانون الطوارئ في البلاد، ينتهي بمجرد انتهاء حالة الضرورة التي تشهدها مصر، ومع ذالك لم يستمع إلينا أحد، ونادينا بعلو صوتنا منذ خمسة شهور، بعد الحادث المتطرف الذي استهدف الكنيسة البطرسية، كما نادينا بسرعة تعديل قانون الإجراءات الجنائية، وإحالة المتهمين في قضايا التطرف إلى القضاء العسكري، الذي يمتار بسرعة الفصل، فالعدالة الناجزة، عنصر رئيسي ومهم في مواجهة التطرف.
على أي حال، قرار فرض حالة الطوارئ في البلاد، قرار سليم وفي غاية الأهمية، حيث أن هذا القرار سيساهم كثيراً في القضاء على ماتبقى من عناصر متطرفة، وسيمنع وقوع الحوادث قبل ارتكابها، لما يُخولّه من سلطات واسعة، للأجهزة المعنية .
في الوقت ذاته، علينا أن نُدرك تماماً أن هذا القانون، لغرض مُعين، وهو مكافحة التطرف، فلا يجب بأي حال من الأحوال، أن يُصاحب تطبيقه، أي نوع من أنواع التعدي على حقوق المواطنين أو حرياتهم، أو على الصُحُف أو على وسائل الإعلام، كما حدث منذ يومين، بمصادرة جريدة البوابة المصرية، بسبب مقال يُهاجم فيه رئيس تحريرها، وزير الداخلية، ويُطالب بإقالته، فمثل هذه الأمور ستعود بنا إلى آخر عشر سنوات من حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك، الذي استغل القائمين على أركان حكمه آنذاك، قانون الطوارئ، استغلال سيء، كانت محل انتقاد واسع في الداخل والخارج