محمود حساني
بالتأكيد المواقف والأحداث التي تقع فجأة دون أي مقدمات أو دلائل على إمكانية حدوثها، تكشف لنا كم نحب هذا الوطن وجيشه العظيم، أكثر مما يتصور الجميع ونتصور في أنفسنا، تابع العالم باهتمام بالغ الساعات الساخنة التي شهدتها تركيا مساء الجمعة الماضية، والتي كانت تُشير إلى محاولة انقلاب الجيش التركي في البلاد على نظام الرئيس رجب طيب أردوغان، والتي انتهت تلك المحاولة بالفشل.
دعونا نبتعد عن أسباب قيام الجيش بمحاولة انقلاب، وأسباب فشل تلك المحاولة، فهناك خبراء ومختصين أكثر علمًا ودراية بالشأن التركي، غير ما يهمني، الدروس المستفادة من هذه الأحداث، والتي تصب جميعها في صالح مصر، فالمحاولة التي قام بها بعض ضباط الجيش التركي على الرئيس، أكبر دليل على أن ما شهدته مصر في 30 حزيران/يونيه 2013 ، هي ثورة شعبية بكل المقاييس، نزل فيها الشعب بالملايين ضد نظام ديني فاشي، وبعد تحذيرات ومحاولات جادة من الجيش للم الشمل ونبذ الخلافات السياسية، لم يكن أمامه سوى الانحياز لإرادة الشعب والوقوف بجواره، في حين ما حدث في تركيا مختلف تمامًا، نزل قطاع من قوات الجيش، إلى الشوارع للاستيلاء على نظام الحكم بالقوة، ولم يجد له سند أو ظهير شعبي، فكان الفشل حليفه.
العلاقة بين جيش مصر وشعبها؛ علاقة ثابتة وراسخة منذ قديم الأزل ، حاول البعض منذ 25 كانون الثاني/يناير 2011، الإضرار بها حتى وقتنا الحالي، إلا أن هذه العلاقة كانت عصية على أي محاولة خبيثة، فلم يكن أمامهم سوى استهداف الجيش من خلال دعم الجماعات المتطرفة، فمشهد التنكيل بالجنود الجيش التركي الذين سلموا أنفسهم على الرغم من كونهم في المقام الأول، جنود ينفذون الأوامر، وليس لهم أي صلة بالصراع الدائر بين عدد من قيادات الجيش، وبين نظام الرئيس أردوغان، مما لاشك فيه إهانة الجنود كارثة في حق تركيا قبل أن تكون كارثة في حق جيشها، الذي يعد عضوًا في تحالف الناتو، واعتقد كما أبلغني العديد من المعنيين بالشأن التركي، أن هذه الإهانة ستكون لها عواقب وخيمة ولن تمر بسلام، وستزيد حالة العداء بين الجيش وأردوغان.
وجنود مصر لا يقدروا يفكروا ثانية يمدوا أيديهم على شعب مصر ولا شعب مصر يقدر يهين جندي جيشه ولو حتي بنظرة، ومنذ نشأة الدولة المصرية، لم يجرؤ جيش مصر طوال تاريخه أن يستهدف بني وطنه وأبناء شعبه، بينما في تركيا أطلق الجيش القذائف في الشوارع، بعد أن تقين من فشل محاولة السيطرة على الحكم، فاللهم أدم علينا نعمة جيش مصر.