بقلم: محمود حساني
كنت في طريقي للعودة إلى المنزل ، وجدت طفل جميل الهيئة حسن المظهر ، لا يتجاوز عمره 5 أعوام ، وتبدو على وجهه علامات القلق ، وخلال دقائق كانت والدته أمامه ، واتضح لي فيما بعد ، أن خرج بعيداً عن الشارع الذي يقطنون فيه ، وكان رد فعل والدته ، قاسياً للغاية ، أنهالت عليه بالضرب دون رحمة على رأسه ووجهه وعينه بواسطة حذائها ، الأمر الذي دفعني إلى التدخل لإنقاذ الطفل من بين يديها .
بعد وصولي إلى المنزل ، توقفت أمام خبر بشع ؛"أم تتعدى على رضيعها بالضرب حتى لفظ أنفاسه الأخيرة "..تصورت المشهد في مخيلتي بالتأكيد أبشع بمراحل من مجرد خبر .
أعلم تماماً أن ثقافة تربية الأطفال ، غائبة عند قطاع عريض من المصريين ، لاسيما المناطق التي تسودها الجهل والعشوائية ، لكن السؤال ما ذنب هؤلاء الأطفال ، أن يكونوا ضحية لأمثالهم .
وأين نحن من وصايا الرسول- صلوات ربي وسلامه عليه-" علموهم لسبع ..وأضربوهم لعشر"..وهي وصية واضحة لا لبس فيها ، أن نعلم أطفالنا أمورهم دينهم ودنياهم ، بمعنى آخر ، أن نعلمهم الصح من الخطأ ، فلا يحق لنا أن نعاقب أطفالنا على أي خطأ يقع منهم بالضرب ..
يا سادة ..حتى لا يخرج لنا في المستقبل ..جيل مشّوه ، نفسياً وجسدياً ، توقفوا عن ضرب أطفالكم ، مهما كانت أخطائهم ، فهي بالتأكيد لن تكون عواقبها وخيمة ، بقدر العواقب المترتبة على الضرب ، والتي سيدفع ثمنها لا الطفل لاوحده وإنما أسرته والمجتمع بأسره .
مخطئين يا سادة .. عندما تعتقدوا أن الضرب ، وسيلة لبناء شخصية قوية عند الطفل ، ومنعه من ارتكاب الأخطاء ، بل سيجعل من الطفل ، شخصية ضعفية ، فاقدة للأمان ، تعيش في جو من الخوف ، وهذه الشخصية ستبقى معه وستصاحبه حتى بعد أن يبلغ سن الرشد .
بالتأكيد يا سادة .. هناك وسائل أخرى غير الضرب ، وهي ما تعرف بالعقاب التربوي ، وهي بالمناسبة منهج يُدرس في الجامعات والؤسسات التي تعتني بتنشئة الطفل في الدول المتقدمة ، وعدد من الدول العربية ، كالخصام ، في حالة ارتكابه تصرف خاطئ ، لمدة ساعة أو ساعتين أو نصف يوم .. وهو عقاب ذو نتائج إيجابي من شأنها أن تمنع الطفل عن ارتكاب خطئه مجدداً ، أو حرمانه من وسائل المُحببة إلى قلبه ، كمشاهدة التلفاز أو اللعب أو تناول الحلوى .يا سادة ..توقفوا عن ضرب الأطفال .. فهؤلاء هم من سيشكلون المستقبل .