بقلم – أحمد عبدالله
البرلمان المصري في تركيبته الحالية مرّ عليه 10 شهور منذ انعقاد أولى جلساته، ولا زال يقع في الأخطاء ذاتها دون تغيير واضح في التفاصيل، فخلال الأسبوع الحالي هدد 3 نواب بالإستقالة من البرلمان نفذ أحدهم وعده، وهو السياسي البارز أكمل قرطام رئيس حزب المحافظين.
الأسابيع الأولى من عمر البرلمان الحالي شهدت تقدم رئيس محكمة النقض الأسبق سري صيام باستقالته، وهو النائب المعين من قبل رئيس الجمهورية، والمثير للعجب أن أسباب استقالة صيام جاءت مشابهة إلى حد كبير ما أبداه قرطام حينما غادر صفوف النواب.
التهميش، وعدم تمكين النواب، والغياب عن القضايا الأساسية، هي الأسباب التي أبداها النائب أكمل قرطام في استقالة مكتوبة، تتطابق أغلب نصوصها مع ما أبداه القاضي المحنك سري صيام، كلاهما أشار إلى تغييب متعمد لأية أدوار فعالة تجري تحت القبة، كلاهما اشتكى من أغلبية "عددية" يتم توجيهها عند اللزوم.
البرلمان الذي كان أمامه فرصة ذهبية للتعبير عن طموحات ملايين من الشعب المصري، يكرر الأخطاء ذاتها، فالمهام الأساسية للبرلمان شبه غائبة تمامًا، لا يوجد دور رقابي حقيقي على الحكومة، وإنما العكس تماما، مساندة وتأييد مطلق للسلطة التنفيذية من جانب السلطة التشريعية، محاباة واضحة في كافة القرارات التي يراها وزراء شريف إسماعيل وتحديدا، في الإجراءات الاقتصادية التي تم اتخاذها في البلاد مؤخرًا.
الدور التشريعي تلخص أغلبه في الموافقة علي القرارات التي جاءت في غيبة المجلس قبل فترة انعقاده، بالإضافة إلى القليل من القوانين التي تهم المواطنين، وهي كلها نتائج أفضت إليها مقدمات تتلخص في عشوائية إدارة الكتل الأساسية تحت القبة، فلا وجود لحركة منظمة تحكم مقاليد الأمور في البرلمان، لا توجد هناك أجندة واضحة ينطلق منها المجلس.
لا يوجد هناك "قاطرة حقيقية" تستطيع انتشال البرلمان في وقت الأزمات، فالأغلبية الموجودة "عددية" يسهل تحريكها يمينا ويسارا دون الانحياز لموقف معين أو توجه بعينه، والأهم من ذلك أن الهامش المرسوم للبرلمان ككل "ضيق" للغاية ولا يتسع لدور مؤثر كما كان الحال في برلمانات سابقة.
طالما لم يتطرق البرلمان الحالي والقائمين عليه إلى علاج حقيقي وفعال للظواهر السلبية التي تضرب في جسد أول برلمان بعد ثورة 30 يونيو، سيستمر البرلمان الحالي في فقدان أعضائه، وسيواصل آخرون الرحيل، ليضاعفوا من آلام البرلمان ويعمقوا من جراحه.