بقلم : مرام المغالسة
تعتبر حقوق الأفراد المتعلقة بملكية العقارات من الحقوق المشدد على حمايتها وتم فرض شروط شكلية وإجراءات رسمية تخضع لرقابة المؤسسات الحكومية في الأردن؛ إلا أن هذه الرقابة الرسمية لا يتمتع بها الأفراد الأردنيون في مخيمات اللجوء الأردنية التي أنشئت بموجب قرارات التملك الصادرة عن مجلس الوزراء لأغراض وزارة الإنشاء والتعمير، والتي أصبحت لاحقًا دائرة الشؤون الفلسطينية حيث تم تملك حق التصرف في أراضي المخيمات من مالكيها الأصليين وقامت دائرة الشؤون الفلسطينية بالتنسيق مع وكالة الغوث "الأونوروا" بتوزيع حقوق التصرف "المنفعة" للاجئين الفلسطينيين بعد تقسيم ما يقارب ستة آلاف دونما في مختلف أنحاء المملكة موزعة على عشر مخيمات، حيث قسمت إلى وحدات سكنية تقارب مساحة الوحدة السكنية الواحدة 90 م مربعا وتم تسليمها لأرباب الأسر اللاجئة من الضفة الغربية ما بين العامين 1949م و1967م .
ويسكن المخيمات ما يقارب نسبته31% من سكان الأردن والتي تعاني من سوء الخدمات المتنازع عنها لا عليها بين وكالة الغوث ودائرة الشؤون الفلسطينية ؛ وقد درج العرف بين سكان المخيمات على تناقل حقوق منفعة الوحدات السكنية بموجب عقود تنازل خطية موقعة بين الأطراف ممهورة بختم المحامي دون اختام رسمية، وهو ما استندت عليه الاجتهادات القضائية وأكدت بدورها أن التنازل عن حق المنفعة في المخيمات لا يتطلب شكلية معينة لأن قيود وكالة الغوث في المخيمات ليس لها صفة قيود تسجيل الأراضي – وذلك عكس ما تقتضيه شكلية الإجراءات في دائرة الأراضي والمساحة الأردنية والحماية اللازمة – فلا يترتب البطلان على هذه العقود رغم غياب تنظيم رسمي و توثيق قانوني ؛ أما عن دائرة الشؤون الفلسطينية فينحصر دورها في حفظ العقود وارشفتها لغايات اشتراكات الماء والكهرباء فقط لا غير.
وهنا تنكشف الحماية الرسمية عن حق المنفعة بما يفسح المجال لنشوب خلافات قانونية لا حل لها وثغرات قانونية بما لا يواكب الحراكين الإجتماعي والإقتصادي في المخيمات. وحيث أن دائرة الشؤون الفلسطينية منحت تراخيص البناء لمالكي حق المنفعة في المخيمات – تجاوبا مع الانفجار السكاني وصعوبة الظروف المعيشية لسكان المخيم مع الغلاء المعيشي الحاصل – انتشرت الشقق والطوابق بما أتاح لصاحب المنفعة تأجير الشقق والوحدات السكنية بموجب عقود خطية مبنية على اسس قانونية للمذكور أعلاه ؛ وهنا نجد المؤجرغالبا الطرف الخاسر في الدعوى مالم يثبت أحقيته بالتصرف من خلال وكالة الغوث وعقود التنازل المتسلسلة فيلجأ لحث المحكمة ناظرة الدعوى على مخاطبة وكالة الغوث للحصول على مشروحات تفصح عن صاحب حق المنفعة المسجل في سجلاتها، وهنا لا تعود المشروحات إلا باسم صاحب المنفعة الأول فقط مما لا يسعف الغالبية العظمى من طالبي الأجور من المدعين ويعرض قضاياهم للرد، لكون وكالة الغوث لا تعتد بأي خلاف ولا بأية عقود لنقل أو بيع المنفعة، ولكون وكالة الغوث لا تحتفظ إلا بأسماء مستلمي حق المنفعة من أرباب الاسر الأوائل، كما لا تعتد وكالة الغوث بأية عقود لاحقة تمت أرشفتها في دائرة الشؤون الفلسطينية باعتبارها وكالة خدمات وإغاثة ولا تتدخل في أي خلاف قانوني. أن غياب خدمة التوثيق الرسمي القانوني والتوعوي في دائرة الشؤون الفلسطينية لا يتفق والحماية الرسمية التي يتمتع بها باقي الأردنيين مما يولد شعور فقد الثقة بالحكومة من قبل الأردنيين ساكني المخيمات أمام صعوبة حق العودة.