بقلم: محمود حساني
لفت انتباهي كثيرًا، ظاهرة طفت على المشهد خلال الفترة الأخيرة بقوة، وهي ظاهرة اختفاء نواب البرلمان المصري عن دوائرهم الانتخابية والاحتكاك بأبناء الدائرة بعد الوعود الكثير التي قطعوها على أنفسهم في جولاتهم الانتخابية وفي مؤتمراتهم الشعبية ، بالوجود في الدائرة طوال أيام الأسبوع، بل أن بعضهم أقسم على عدم غلق هاتفه الشخصي حال نجاحه في الانتخابات وحصوله على مقعد في البرلمان .
وإحقاقاً للحق ، هي ظاهرة ليست بحديثة عن مجتمعنا البرلماني، وإنما أول من وضع أساس هذه الظاهرة المُخجلة التي لا تتناسب مع حجم المسؤولية التي يحملها النائب البرلماني، هم نواب وأعضاء الحزب الوطني المُنحل، وبما أن أغلب نواب البرلمان الحالي، هم امتداداً لنواب الحزب الوطني، بعد تغير المسميات من " من أجلك أنت "، الشعار الانتخابي للحزب الوطني خلال السنوات العشرة الأخيرة من حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك إلى الشعار الجديد " في حب مصر اتجمعنا " .
حتى في المناسبات والأفراح والأحزان، التي كان يتخذوا منها نواب البرلمان ، فرصة ويحرصوا جيداً على انتهازها، للظهور بين أبناء دوائرهم والتواصل معهم ، اختفوا تماماً عن التواجد ، واستكفى البعض منهم بتقديم واجب العزاء عبر المسؤول الإعلامي الخاص به والذي يتولى الإشراف على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي، حتى هاتف نواب البرلمان، أصبح مُغلقاً بصفة دائمة أمام أبناء دوائرهم الانتخابية، وإذا كان هاتفه مفتوحاً لن يُرد لأنه يعلم أنه المتصل أحد أبناء دائرته الانتخابية .
الجميع خائف من مواجهة أبناء دوائرهم ، في ظل الفشل الذي صاحب أدائهم البرلماني ، وفي ظل عجزهم عن الوفاء بأبسط الوعود التي قطعوها أمام أبناء الدائرة ، بل أن أحد نواب الصعيد عن محافظة أسيوط ، ابتدع عُرف جديد ، أثار ضجة واسعة خلال الفترة الأخيرة ، عندما تفاجئ الإعلامي النابغ معتز الدمرداش ، خلال مداخلة هاتفية مع نائب دائرة أبوتيج في أسيوط ، وبعد مداخلة تجاوزت الـ 20 دقيقة ، تحدث فيها عن الملفات البرلمانية ، أن من قام بالمداخلة ليس النائب ، وإنما شقيقه ، وهو أمر يُخالف تماماً كل الأعراف والتقاليد البرلمانية .
بالتأكيد وعي المواطن المصري لم يُعد كما كان في الماضي ، وإذا كان البعض من نواب البرلمان، يراهنون على ضعف ذاكرة ناخبيهم ، بالتأكيد هم لا يعلمون شيئاً، وستكون النتيجة المتوقعة لهروب من مواجهة أبناء دوائرهم الانتخابية، هي السقوط الذريع في الانتخابات المقبلة .