بقلم : القاضي عماد عبد الله
بعد سنين من عصور كانت شريعة الغاب هي السائدة فوجد الانسان انه لابد من وجود قانون ينظم حياة افراد المجتمع مع بعضهم ومع السلطة الحاكمة وعلى مستوى الدول فيما بينها. ذلك ان الانسان فضله الله سبحانه وتعالى على بقية المخلوقات بالعقل، مما يقتضي معه ان يمتاز سلوكه بالنظام عبر قوانين تنظم حياة المجتمعات كي لا يستفرد القوي مستغلاً قوته وتضيع حقوق الضعيف.
ولذلك نجد ان القوانين كانت محفورة في ذاكرة الاقوام التي سبقتنا واصبح القانون هو الاساس الذي ينظم حياة المجتمعات المختلفة بغض النظر عن طبيعة تلك القوانين. ولكي تأتي القوانين ثمارها في استقامة الحياة العامة للشعوب لابد من احترامها.
وان ما يرسخ ثقافة احترام الانظمة والقوانين ان تكون لدى الانسان القناعة الكاملة بان النظام هو اساس الحياة والذي يضبط سلوك الفرد داخل المجتمع في كافة تصرفاته اليومية المختلفة وان احترام القانون يحتاج الى وعي كبير بضرورة الالتزام به وان تسود ثقافة احترام القانون على مستوى الاسرة والمؤسسات التعليمة والتربوية والجهات التنفيذية المختلفة حتى تصبح حالة صحية تأخذ المجتمع الى بر الامان والاستقرار ذلك ان بتطبيق القانون سوف يأخذ كل ذي حق حقه وتتحقق المساواة والعدالة بين افراد المجتمع ويجب ان يكون القانون مقنعا كي يحظى بالتطبيق والاحترام مراعيا الاعراف الاجتماعية وثقافة المواطنين المتمثلة بالعادات والتقاليد والدين ولابد ان تكون تلك القوانين عادلة لان احترام القوانين رهين عدالتها.
ومع ذلك نجد ان ايقاع المشرع العقوبات المناسبة لكل من يخالف القانون، له دور اساسي في اجبار البعض على احترام القانون، لان ذلك يمنعه من العودة مجددا الى مخالفة القانون ويردع غيره في ارتكاب ما يخالف القانون. لان الناس ليسوا متساوين في التفكير والوعي بالالتزام بتطبيق القانون واحترامه فالبعض منهم لا يعرف سوى منطق القوة فيكون مكرهاً على تطبيق القانون لمصلحة المجتمع وكي تسود حالة من الاستقرار في المجتمع وكما معروف فان الدول بمختلف انظمتها فيها مختصون يضعون القوانين وتتولى الجهات التنفيذية تطبيق القانون اما دور القضاء يأتي عندما تثار مشكلة يلجأ فيها الخصوم الى القضاء ليقول كلمته الفصل التي تحقق العدالة مراعية تطبيق القوانين المختصة في مجال النزاع وبما يؤكد احترامها للقانون والذي تفرضه على اطراف النزاع عبر احكام تراعي الدقة في تطبيق النصوص القانونية محققة للعدالة التي يبغيها الجميع.
ويأتي دور المؤسسات الحكومية في احترام القوانين من خلال الجهات التي تنفذ القوانين بأن يمتاز المسؤولون فيها عن تطبيق القانون بالكفاءة والنزاهة حتى تطبق القوانين بصورة صحيحة وتنعكس بشكل ايجابي على احترام القوانين والأنظمة. لان المسؤول عن تطبيق القانون اذا لم يكن كفوءاً أونزيهاً سوف يؤدي ذلك الى تطبيق القانون بشكل غير صحيح مما يفقد القانون عدالته واحترامه لدى الغير.