أكرم علي
في مشهد شهير من فيلم "أيام السادات" للفنان الراحل أحمد زكي لا ينساه أحد، حين كان يجسد شخصية الرئيس الراحل أنور السادات وهو يواجه انقلاب الحكومة عليه عقب توليه السلطة خلفًا للرئيس جمال عبد الناصر، وأمر رئيس الحرس الجمهوري محمد الليثي باعتقال أعضاء الحكومة بتهمة قلب نظام الحكم وقال له جملته الشهيرة "تقدر تتحرك يا ليثي" لبدء خطة الاعتقال ونزل الشعب المصري آنذاك يقول لرئيسه "افرم افرم يا سادات" للقضاء على المحسوبية والفساد وبدء عهد جديد وتصحيح أخطاء ما قبله، فالمشهد يتكرر الآن مع اختلاف بعض التفاصيل في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي.
الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي يعمل نجله في جهاز الرقابة الإدارية أمر بفتح التحقيق في أكبر قضية فساد في مصر خلال السنوات الأخيرة والتي أهدرت مليارات الجنيهات من أموال الشعب المصري، حيث جاءت الضربة موجعة على عكس ما هو متوقع من المصريين، بعد توقيف وزير الزراعة صلاح هلال عقب خروجه بدقائق من مقر مجلس الوزراء القريب من ميدان التحرير "وسط القاهرة"، فالرئيس السيسي أعلنها صراحة أنه لا أحد فوق القانون حتى لو كان هو نفسه.
تلك القضية الكبيرة والمتشعبة لا تقف عند توقيف وزير الزراعة ومدير مكتبه والراشي والوسيط فقط، وإنما ستمتد لعشرات الشخصيات من المتهمين في قضايا الفساد في هذه الوزارة التي شهدت قضايا فساد عدة في العهد المنصرم، ومازالت دون أي تصحيح لمسارها، ولكن السيسي قرر ونفذ ويريد استئصال ورم الفساد المتفشي في جسدها.
هذه القضية وما حدث فيها ليست إلا رسالة صريحة ومعلنة لأي مسؤول تسول له نفسه بالتورط في أي قضايا فساد وروشوة، حيث الكل مراقب وتحت الأنظار والعيون ولن يفلت أحد من العقاب الفوري والمباشر من الرئيس ويلقى فضيحة ليس لها مثيل، وهو ما كان يريده ويتمناه الشعب المصري طيلة عقود مديدة.
سيدي الرئيس لا تقف عند هذه القضية فقط وأعانك الله على ما تواجه من فساد متوغل في أعماق و"دهاليز" المصالح والهيئات الحكومية والوزارات وبين الصغار قبل الكبار، ولكن مثل ما يقول المثل الشعبي "اضرب في المربوط يخاف السايب" العمل على كشف قضايا الفساد ومحاسبة المسؤولين عنها ستجعل أي شخص يريد العبث بأموال الشعب أن يراجع موقفه ويتردد كثيرا في اتخاذ أي خطوة غير شرعية مثل ذلك، وأتمنى أن يتحرك "الليثي" كثيرا الفترة المقبلة.