أكرم علي
يعلم المصريون منذ أعوام طويلة، أن مناطق صعيد مصر هي الأفقر بين مناطق مصر، وتسعى الجمعيات الأهلية باستمرار لجمع الأموال الخاصة لهم والعمل على تنمية قرى الصعيد منذ زمن بعيد لعدم اهتمام الحكومة بها طيلة الأعوام الماضية، وبما أن الصعيد من المناطق الأكثر فقرا في مصر تخيل أنه خرج منه 2 مليار جنيه في شهور قليلة ليستولى عليهم شاب في العقد الرابع من العمر بمحض إرادتهم.
يتحدث الجميع الآن عن رجل الأعمال أحمد مصطفى الشهير بـ "المستريح" الذي استولى على أكثر من 2 مليار من أهالي الصعيد مقابل توظيف الأموال بنسبة أكبر من استثمار الأموال في البنوك، وهو ما آثار استغراب الكثير من المصريين بأن أنباء الصعيد لديهم ما يزيد عن 2 مليار دولار وتبدو هذه المناطق في فقر مدقع منذ زمن طويل، وقبلها الكثير من المصريين أيضا الذين يضعون أموالهم لدى أشخاص يبيعون الوهم رغم الإحصاءات التي تشير إلى حالة الفقر التي يمر بها المصريون.
يصعب على أهالي الصعيد استيعاب الدرس من حكاية "أحمد الريان" إمبراطور توظيف الأموال في عقد الثمانينات والذي حصل على أكثر من 5 مليار دولار وقتها من المصريين ولم يتمكن من رد الودائع لأصحابها حتى تم القبض عليه وخرج من السجن بعد ثورة 25 كانون الثاني/يناير، ورغم ذلك استطاع "المستريح" الذي أوهم الصعايدة براحتهم بالعمل معهم جمع ملايين الجنيهات في فترة قصيرة ليوثق حالة جديدة من النصب على المواطنين.
يُطرح السؤال الآن، لماذا يتجه المصريون وخاصة الذين تعرضوا للنصب إلى وضع أموالهم لدى شخص يبيع لهم الوهم ويقنعهم به، وأمامهم البنوك الرسمية التي تعطيهم نسبة ربح قريبة من التي كانوا سيحصلون عليها من "المستريح"، الأمر يريد تفسير نفسي وعلمي لتلك الظاهرة.
يجب على الدولة وخاصة على مباحث الأموال العامة أن تسعى جيدا لمنع أي حالات نصب مثل التي نفذها "المستريح"، وأن ترصد أي تحركات لأشخاص يبيعوا الوهم للمواطنين، حتى لا تحدث مأساة جديدة تضيع الكثير، فهناك من تعرض لحالة نفسية صعبة، وهناك من لاقى وجه ربه نتيجة عدم تحمل الصدمة وغيرها من الأمور الأخرى.