بقلم : أحمد عبدالله
يبحث مجلس النواب المصري منذ فترة عن "متحدث إعلامي" رسمي، يكون له صلاحيات واسعة في التصريح والتوضيح، والتعبير عن رأي البرلمان ونوابه، بشكل أكثر احترافية ومنهجية وتأثيرًا، حيث لا وجود لهذا المنصب على أرض الواقع، وإنما عمليًا هي الوظيفة المنوطة برئيس المجلس، علي عبد العال.
أعضاء البرلمان على صواب تام في البحث عن هذه الوظيفة، التي يفتقدوها بشدة، فهناك فجوة واسعة بينهم وبين المواطنين، والتي أحيانًا تهدر مجهودات بعض العناصر النشيطة تحت القبة، وتتسبب في ظلمهم بذنب عدد لا بأس به من النواب، لا يتحركون على الأرض، وليس لهم الفعالية ذاتها التي يحظي بها زملاء آخرون لهم.
وهناك أصوات أخرى أكثر ذكاءً وفطنة، تؤكد أن البرلمان الحالي لايحتاج إلى مجرد "متحدث إعلامي"، ينقل التصريحات المكتوبة والمحددة له، وإنما يحتاج إلى "مفكر رسمي"، أي شخص يملي على البرلمان ما يفعله في هذه الأزمة، وكيف يدير تلك المشكلة ويجتنب هذا الصدام، شخص يمتلك من الفطنة مايؤهله ويمكنه ليس فقط من نصيحة قيادات البرلمان بوجهات نظر معينة، وإنما يكون قادر على تطبيقها.
علي سبيل المثال، في أزمة الصحافي إبراهيم عيسي الأخيرة، مؤكد أن الطرف الخاسر الأكبر هو البرلمان، حتي وإن تم الزج بعيسى خلف القضبان، بل أنها ستكون ذورة خسارة البرلمان، فستتعرض صورته خارجيًا وداخليًا لأكبر شرخ وتشويه، منذ نشأة المجلس الحالي، ومرورة بأزمات شديدة كان لعيسى سابقة فيها، حينما أوقفت قناة فضائية برنامجًا لعيسى، كان يذاع عليها، وتسبب في إغضاب النواب.
البرلمان كان بحاجة إلى شخص يفكر له، ويتحدث باسمه، ويسجل الموقف الذكية نيابة عنه، كان يحتاج لشخص يفكر خارج الصندوق التقليدي، المتمثل في الملاحقات القضائية ورفع الدعاوى، كان يحاج لتصرف يباغت الجميع، فبعدما اتهم عيسى النواب بأنهم "مسرحية وفيلم كرتون"، كان على المجلس أن يخرج ليعلن اعتذاره لجميع فئات الشعب عن أي تقصير، وأن ينفي عن نفسه بشكل صارم وواضح، وبمكاشفة غير مسبوقة، أي اتهامات، ويسرد الحقائق والمجهودات والنجاحات، وأن يدرج الإخفاقات أيضا في ذلك، مع تعهد بحلها.
احتاج البرلمان إلى شخص ينصحة بالخروج والإعلان عن حزمة تشريعات تنحاز للمواطنين، وتحدث فارقًا واضحًا في معيشتهم، ويقول إنه لا هدف له إلا خدمة الناس، وأنه لم يغضب من عيسى لشخصه أو لكرامة نوابه وصورتهم فقط، وإنما لأنهم يعملون بجد من أجل المواطن، ولم ينتظروا توصيفات عيسى وهجومه في المقابل، أتمني أن ينصت البرلمان إلى تلك النصيحة المخلصة.