باريس ـ أ ف ب
دعت منظمة التنمية والتعاون الاقتصادي أمس إلى تفادي التصعيد في التوتر التجاري محذرة من بلبلة النمو العالمي، قبل يومين من الموعد الذي هددت واشنطن بفرض فيه رسوم جمركية مشددة على واردات الصلب والألمنيوم. وحذرت المنظمة من أن «مواصلة تصعيد التوتر التجاري قد يسدد ضربة كبرى للنمو الاقتصادي» في وقت تقارب نسبة النمو العالمي 4%، وهو متوسط العقود السابقة للأزمة.
وشدد رئيس قسم الاقتصاد بالوكالة في المنظمة ألفارو بيريرا «ينبغي قبل أي شيء تفادي تصعيد في التوتر التجاري» من غير أن يذكر أي بلد تحديدا، في وقت قد تفرض أميركا اعتبارا من الجمعة رسوما جمركية بنسبة 25% على واردات الصلب و10% على واردات الألمنيوم، فيما هدد شركاؤها وفي طليعتهم الاتحاد الأوروبي باتخاذ تدابير مقابلة.
كما أعلنت واشنطن الثلاثاء أن التحضيرات متواصلة لفرض عقوبات تجارية قد تستهدف الصين تحديدا، رغم إعلان الإدارة الأميركية عن هدنة على هذه الجبهة من الحرب التجارية.
كذلك أبدت منظمة التنمية والتعاون الاقتصادي التي تعقد اجتماعها السنوي في باريس حتى الخميس تحت عنوان «إعادة تأسيس التعددية»، مخاوف حيال ارتفاع أسعار النفط وزيادة نسب الفائدة على الدول والمجموعات والأسر التي تعاني من «مديونية عالية».
وصدر هذا التحذير في وقت تواجه إيطاليا التي تتخبط في أزمة سياسية تقترن بديون عالية، وضعا صعبا في الأسواق المالية. وتوقعت المنظمة التي لا تأتي على ذكر هذه الأزمة تحديدا، نموا في الاقتصاد الإيطالي بنسبة 1.4% هذه السنة (بتراجع 0,1 نقطة) و1.1% عام 2019 (بتراجع 0.2 نقطة).
وخفضت المنظمة بشكل طفيف توقعاتها للنمو العالمي هذه السنة إلى 3.9% هذه السنة بالمقارنة مع 3.8% في مارس، وأبقت توقعاتها للعام المقبل بنسبة 3.9%.
أما الاقتصاد الأميركي الذي يمر بإحدى أطول دورات النمو في تاريخه، فسيواصل اندفاعته بفضل التدابير الضريبية التي أقرها الكونغرس في نهاية العام الماضي. وأبقت المنظمة على توقعاتها بزيادة في إجمالي الناتج الداخلي بنسبة 2.9% هذه السنة و2.8% العام المقبل.
ونتيجة لذلك يتوقع أن يواصل مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأميركي) رفع سعر الفائدة تدريجيا لتصل فائدة الأموال الاتحادية إلى 3.25% بنهاية 2019.
وتتوقع المنظمة أن يشهد اقتصاد منطقة اليورو نموا بنسبة 2.2% في العام الجاري و2.1% في العام المقبل مع تعافي سوق العمل والأجور.
وفي أوروبا، خفضت المنظمة توقعاتها لفرنسا هذه السنة ب0.3 نقطة من 2.2% إلى 1.9%، ولألمانيا من 2.4% في مارس إلى 2.1%. وأبقت على توقعاتها لهذين البلدين للعام المقبل بمستوى 1,9% و2,1% على التوالي.
وقالت المنظمة إن تعزيز الإنفاق العام حل محل حوافز البنوك المركزية كمحرك رئيسي للنمو العالمي حيث تظهر التقديرات أن ثلاثة أرباع الدول الأعضاء شهدت تخفيفا لقيود الميزانية بقيادة تخفيضات ضريبية أميركية ضخمة.
ومن المتوقع أن يوقف البنك المركزي الأوروبي شراء السندات في 2018 وأن يزيد سعر الفائدة على الودائع من مستواه السلبي حاليا في النصف الثاني من 2019.
وعلى خلفية ذلك تتوقع المنظمة انخفاض معدل البطالة الكلي في الدول الأعضاء إلى 5% بنهاية 2019 ليسجل أدنى مستوى منذ 1980 ويمهد الطريق لنمو الأجور الذي ظل صعب المنال حتى الآن.
لكن ألفارو بيريرا كبير الاقتصاديين بالإنابة في المنظمة كتب في مقدمة تقرير التوقعات «رغم كل هذه الأنباء الجيدة فإن المخاطر تظل محدقة بتوقعات النمو العالمي. ما هي هذه المخاطر؟ أولا وقبل كل شيء ينبغي تجنب أي تصعيد في التوترات التجارية».
ورغم زيادة حجم القيود التجارية في الأعوام العشرة الأخيرة فمن الممكن أن يخلق مزيدا من الإجراءات ضغوطا كبيرة على النمو لأن الاقتصاد العالمي أكثر ترابطا الآن عن ذي قبل.
وخارج منطقة اليورو رفعت المنظمة توقعاتها للنمو في بريطانيا إلى 1.4% في العام الجاري و1.3% في العام المقبل. ومن المتوقع أن يرفع بنك إنجلترا المركزي سعر الفائدة تدريجيا بسبب الضبابية المتصلة بالخروج من الاتحاد الأوروبي.
وتتوقع المنظمة أن تسجل اليابان معدل نمو نسبته 1.2% في العامين الحالي والمقبل حيث ستضطر الشركات لزيادة الاستثمار وتعيين المزيد من العمال.
وخارج منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية من المتوقع أن يتباطأ النمو الصيني تدريجيا من 6.7% في العام الجاري إلى 6.4% في 2019 مع تباطؤ استثمارات البنية التحتية في مواجهة شروط إقراض أشد وموافقات حكومية أكثر صعوبة على المشروعات.
«صندوق النقد» يدعو الدولتين لتسوية النزاع
دعا صندوق النقد الدولي أمس الصين وأميركا لتسوية نزاعهما التجاري، وقال ممثل صندوق النقد الدولي ألفريد شيبكه للصحفيين في بكين: «نعتقد أنه من المهم أن يحاول الجانبان التعاون وخفض تصعيد أي نوع من التوترات وتجنبها». وشدد على أن الخلافات التجارية تؤثر بشكل غير مباشر على العملاء والمستثمرين والأسواق المالية في البلدين.
وقال شيبكه خلال عرضه لنتائج البعثة السنوية للصندوق إلى الصين: «هذه التوترات التجارية ليست في مصلحة أحد».
وأبقى الصندوق على توقعاته لنمو الناتج المحلي الصيني لهذا العام عند 6.6%، مقابل 6.9% العام الماضي. ويتوقع أن يتباطأ النمو في ثاني أكبر اقتصاد في العالم بحلول عام 2023 ليصل معدل النمو السنوي إلى 5.5%.
وأشار الصندوق إلى أن الصين بحاجة إلى السيطرة على النمو الائتماني، وضمان فرص متكافئة للشركات المحلية والأجنبية، وحماية حقوق الملكية الفكرية بصورة أفضل.