المفوضة الأوروبية للتجارة سيسيليا مالمستروم

تمثل أول رد للمفوضية الأوروبية على الرسوم الأمريكية على الصلب والألمنيوم في شكوى تقدمت بها امس الجمعة أمام منظمة التجارة العالمية ضد الولايات المتحدة.

ونبهت المفوضة الأوروبية للتجارة سيسيليا مالمستروم إلى أن "الولايات المتحدة تمارس لعبة خطيرة"، معلنة كما كان متوقعاً خلال مؤتمر صحافي في بروكسل تقديم الشكوى، الأمر الذي أكدته المنظمة التي مقرها في جنيف.

وفي موازاة ذلك، أوضحت مالمستروم أن الاتحاد الأوروبي سيرفع أيضاً شكوى ضد بكين أمام المنظمة المذكورة احتجاجاً على النقل الجائر لتكنولوجيا الشركات الأوروبية العاملة في الصين، واعتبرت أن الأمريكيين يخطئون حين يستهدفون الأوروبيين، حلفاءهم التقليديين، في حين أن العدو الرئيسي هو الصين.

وعلقت قائلة "نحن بدورنا عانينا من تداعيات الإغراق الذي تسببت به الصين خصوصاً"، وأضافت "إذا كان الأفرقاء في هذا العالم لا يحترمون الضوابط فإن النظام مهدد بالانهيار".

ورأت أن الإعلان المتزامن لهاتين الشكويين يثبت أن الاتحاد الأوروبي يقف على الحياد، مؤكدة "إننا ندافع عن نظام متعدد الطرف من أجل تجارة عالمية تقوم وفق قواعد"، وتابعت "وهذا يثبت أيضاً عزمنا على التصدي للأسباب العميقة للتوتر الراهن في النظام التجاري، ولكن علينا القيام بذلك في إطار النظام القائم على قواعد".

ولكن النظر في شكوى مماثلة أمام منظمة التجارة العالمية قد يستغرق سنوات، بدليل أن الآلية استغرقت عاماً ونصف عام خلال النزاع التجاري السابق حول الصلب بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة العام 2002.

وإزاء هذا القرار المرتقب منذ شهرين وغير المسبوق في التاريخ الحديث للعلاقات بين الولايات المتحدة وحلفائها، كان الرد مباشراً أكثر من كندا والمكسيك، فقد أعلنت أوتاوا أمس الخميس فرض رسوم على ما قيمته 16.6 مليارات دولار كندي (12.8 مليار دولار أمريكي) من المنتجات الأمريكية، كما ندد رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو بما اعتبره إهانة للشراكة الأمنية القائمة منذ زمن طويل بين كندا والولايات المتحدة.

وتعهدت المكسيك من جهتها اتخاذ إجراءات مماثلة على منتجات أمريكية متنوعة بينها بعض أنواع الصلب والفواكه والأجبان على أن تظل سارية ما دامت الحكومة الأمريكية لم تلغ الرسوم التي فرضتها، وإضافة إلى شكواه أمام منظمة التجارة العالمية، يملك الاتحاد الأوروبي سلاحين آخرين يعتزم اللجوء إليهما ضد واشنطن.

وكانت المفوضية أعدت أواخر أبريل(نيسان) الماضي لائحة بمنتجات رمزية على غرار التبغ والويسكي الأمريكي والجينز ودراجات نارية يمكن أن تفرض عليها رسوماً جمركية باهظة اعتباراً من 20 يونيو(حزيران) الجاري لكن بعد نقاش بين الدول الأعضاء.

وقالت مالمستروم "يمكننا استخدام قسم من هذه اللائحة أو اللائحة كاملة أو قسم الآن وقسم آخر لاحقاً"، وبهدف حماية صناعة الصلب الأوروبية، يعد الاتحاد الأوروبي أيضاً إجراءات حماية يمكن اللجوء إليها بحسب قواعد منظمة التجارة العالمية إذا تسبب تدفق مفاجىء للواردات باضطراب خطير أو شكل تهديداً لصناعة وطنية.

وسبق أن فتحت المفوضية الأوروبية تحقيقاً مع منتجي الصلب الأوروبيين نهاية مارس(أذار) الماضي، وأمامها 9 أشهر لاتخاذ تدابير، وإذا كان من المتوقع أن تكون التبعات الاقتصادية للضرائب الأمريكية على الصلب والألمنيوم محدودة فإن الخطر الأساسي يكمن في حصول تصعيد مع إجراءات للرد وأخرى مضادة ما سيزعزع استقرار حركة المبادلات التجارية في العالم.

وقال معهد "أوكسفورد إيكونوميكس" للأبحاث إن "الخطر الحقيقي بالنسبة إلى أوروبا هو عدم وجود رد استراتيجي على برنامج (أمريكا أولاً) الذي يدعو إليه ترامب"، ويجمع الخبراء على أن حرباً تجارية ستقع فعلاً إذا نفذت الولايات المتحدة تهديدها بفرض رسوم على وارداتها من السيارات ما سيصيب محرك المبادلات الدولية في الصميم.

وقال عملاق السيارات الألماني فولكسفاغن "نخشى أن يكون القرار بداية منحى سلبي من الإجراءات والإجراءات المضادة يخسر فيه الجميع"، ويسود ترقب لمعرفة ما ستؤول إليه الجبهة التجارية المفتوحة بين ترامب والصين، مع توقع وصول وزير التجارة الأمريكي ويلبور روس إلى بكين يوم غد السبت حيث يجري محادثات لثلاثة أيام.

وأوضح وزير الخارجية الصيني وانغ يي الذي زار بروكسل الجمعة أنه "بالنسبة إلى الخلافات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، لم يقتصر موقف بكين على محاولة احترام المصالح الصينية الخاصة فحسب بل أيضاً القواعد الدولية ونظام التبادل الحر"، وأضاف "نحن نلتزم بكلمتنا دائماً ونتوقع من شركائنا أن يحذوا حذونا".