الانتحار بحبوب سامة

تزايدت حالات الانتحار في محافظة المنوفية خصوصًا مركز شبين الكوم، الذي شهد ٤ حالات انتحار خلال شهرين فقط، وكانت كلمة السر المشتركة في تلك الحالات "حبوب حفظ القمح" التي تبدل دورها من الحفاظ على المحاصيل من التلف، إلى قتل الأشخاص، وتباع هذه الحبوب في محلات البذور الزراعية المنتشرة في القرى والمراكز.

وأقدمت طالبة في كلية التربية في قرية شبرا باص "ابتسام. ف .أ" 17 عامًا على الانتحار، وبدلًا من أن يجمعها وخطيبها عش الزوجية، جمعهما الموت، فبعد انتظار سنوات عدة لزفافهما، يئست الطالبة من الحياة بسبب كثرة المشاكل بين عائلتها وعائلة خطيبها وقررت الانتحار, ولم يتحمل خطيبها "أحمد. ف" 22 عامًا، فراق خطيبته وعانى صدمة كبيرة، رافضًا الحديث مع أحد حتى قرر الانتحار بعدها بيومين، وتناول "حباية الموت" التي أودت بحياته في الحال ليلحق بخطيبته.

وأقدمت ربة منزل بعد يومين فقط على الانتحار بتناولها قرصًا لحفظ القمح، وهي قرية البتانون في مركز شبين الكوم، لمرورها بضائقة نفسية إثر سفر زوجها إلى الخارج منذ فترة ونشوب خلافات بينها وحماتها, كان اللواء أحمد عتمان، مدير أمن المنوفية، تلقى إخطارًا من الرائد أحمد شمس مأمور مركز شرطة شبين الكوم، باستقبال مستشفى شبين الكوم الجامعي "س .ع .م- ربة منزل" مصابة بحالة تسمم، وتوفيت بعد ذلك متأثرة بإصابتها, وبسؤال والدها، أفاد أن ابنته أخبرته هاتفيًا، أنها تناولت مبيدًا حشريًا "قرص لحفظ القمح" أثناء وجودها في منزل زوجها لمرورها بحالة نفسية سيئة لسفر زوجها خارج البلاد منذ فترة، ونفى الشبهة الجنائية.وبتوقيع الكشف الطبي على الجثة، بمعرفة مفتش الصحة، كشف أن الوفاة نتيجة هبوط حاد في الدورة الدموية والقلب ناتج عن تسمم في الدم, ولم يمض شهر، حتى شهدت قرية شبرا باص حالة الانتحار الثالثة، حين استيقظ الأهالي، الثلاثاء، على انتحار "رحاب. ب" ٢٣ عامًا، بذات الطريقة، عقب مشادة مع زوجها لتعنيفه إياها في الشارع. وأكد زوجها في أقوله للشرطة، أن المشادة كانت بسبب الغيرة، ولم يقصد أن تنتحر زوجته، وكشف أنه خرج لاصطحاب أطفاله من الحضانة فعاد ليجدها جثة هامدة وبجوارها عبوة بها حبوب حفظ القمح, وقالت الدكتورة صفاء عبد الظاهر رئيس قسم الطب الشرعي والسموم الإكلينيكية في مستشفيات جامعة المنوفية إن حالات التسمم والوفاة بحبوب حفظ القمح في تزايد مستمر، وأضافت أنه خلال الفترة من بداية 2017 حتى الآن بلغت حالات التسمم بهذه المادة والواردة إلى المركز 97 حالة، وعدد الوفيات 47 بمعدل وفاة 48%.

وقالت إن استخدام هذه الحبة شائع في المناطق الزراعية ومتوفرة من دون رقابة على تداولها واستخدامها في منافذ بيع المبيدات الحشرية، على الرغم من المناشدة والإبلاغ الرسمي لجميع الجهات المختصة بمدى خطورتها واحتوائها على سم قاتل يسبب الوفاة السريعة, وأضافت صفاء، أن خطورة التسمم بهذه المادة تكمن في غاز الفوسفين عند ملامسة المادة للرطوبة أو الماء، وخطورة المركّب تكمن أيضًا في أنه سريع الامتصاص من المعدة وسريع التأثير على أعضاء الجسم، ويسبب هبوطًا حادًا في الدورة الدموية.

وناشدت، جميع الجهات المختصة، سواءً وزارة الصحة أو الزراعة، بالتدخل لوقف تداول حبة القمح وبيعها في أضيق الحدود، حيث أضحت لعبة في يد الجميع وخاصة الأطفال, وقالت "استقبلنا فتاة نصحتها صديقتها أن تبتلع حبوب حفظ القمح علشان تضغط على أهلها لتنفيذ طلباتها وخدت الحباية ودخلت العناية المركزة".

وذكرت رئيس المركز أنهم أصدروا بيانًا يعتبر بلاغًا رسميًا إلى كل الجهات الحكومية المسؤولة للتدخل السريع لحظر ومنع التداول الحر لهذه المادة وتشديد الرقابة على منافذ بيع المبيدات الحشرية ومعاقبة المخالفين, وتقدّم برلمانيون ببيان عاجل إلى رئيس مجلس النواب الدكتور علي عبدالعال، موجه إلى كل من رئيس الوزراء ووزيري الزراعة والصحة، بشأن تداول أقراص فوسفيد الألومنيوم "حبوب حفظ الغلة" من دون رقابة وارتفاع حالات الوفاة الناتجة عن تناولها.