عبدالعزيز الفايز

 أكد سفير المملكة العربية السعودية لدى دولة الكويت الدكتور عبدالعزيز الفايز أن الاقتصاد السعودي سيسجل بحلول عام 2030 تحولات جذرية قائمة على الدراسة والتخطيط وصولا الى نتائج ايجابية مبينا أن الخطة تنبع من خصوصية موقع المملكة الجغرافي كونها حاضنة الحرمين الشريفين ودورها المحوري في المنطقة العربية والاسلامية الامر الذي يلقي مسئولية كبيرة وريادية على عاتقها.

وأكد السفير السعودي -في مؤتمر صحفي عقده بمقر السفارة اليوم /الثلاثاء/ أن الرؤية تهدف إلى جعل المملكة قادرة على التعامل مع كل المتغيرات مع تركيزها على زيادة رفاهية المواطن السعودي ورفع قدرته على المنافسة ومستوى تعليمه وانفتاح المجتمع في فترة زمنية قصيرة، وتسعى إلى تحويل المجتمع السعودي نحو مجتمع عصري قائم على اقتصاد المعرفة.

وأوضح أن الرؤية السعودية (2030) تعتمد بناء مجتمع واقتصاد قادرين على التكيف مع التغيرات في المجتمع الدولي، وأن المملكة تعمل على تحويل اقتصادها من تقليدي يعتمد على مصدر وحيد للدخل إلى اقتصاد يعيش التطورات التقنية المعاصرة ويواكب في الوقت نفسه المجتمعات الأخرى، وأن توجه المملكة نحو الانفتاح على العالم لا يعني إرضاء العالم الخارجي أو تقديم تنازلات "لم ولن يطلبها" أي كان من السعودية.

وحول رؤى وخطط تنموية مشابهة أعلنتها بعض الدول الخليجية مثل الكويت والإمارات، قال السفير السعودي إن المسألة تكاملية وتكافلية بين الأشقاء وليست تنافسية، وإن كل ما يتحقق للمواطن السعودي والمملكة من إيجابيات ينعكس بالطبع على الدول الشقيقة كدول مجلس التعاون، وإن ما يربط بين دول المجلس والمملكة "كبير وكثير"، معربا عن توقعه بأن تحفز الخطة التنموية السعودية الأشقاء على الاستفادة منها.

وأشار إلى أن الثروة الحقيقية هي تطوير قدرات العنصر البشري إذ يحمل التاريخ كثيرا من العبر في هذا الصدد، لافتا إلى أن هناك دولا اعتمدت على مصدر واحد للدخل وتلاشت بعد ذلك، وتطرق إلى تصريح ولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان عن صدمة انخفاض أسعار النفط و"إدمان" المجتمعات الخليجية الاعتماد الكلي على النفط باعتبار أن هذا المصدر "معين لا ينضب"، مؤكدا ان الرهان على مصدر وحيد للدخل هو "رهان خاسر".

وتطرق السفير إلى انخفاض الطلب على النفط خصوصا في ظل التوجهات العالمية نحو الطاقة المتجددة، مشددا على ضرورة التفاعل مع المتغيرات والوصول إلى تنويع مصادر الدخل وتعزيز القدرة على تطوير منتجات ومشتقات نفطية، وتوقع إمكانية تحول دور النفط وفقا لرؤية بلاده (2030) من مصدر رئيسي ووحيد للدخل الى احد مصادر الدخل الوطني المتنوعة عبر استغلال النفط الخام بشكل أكبر وإنتاج مشتقات ومنتجات كثيرة تدر عوائدا أفضل.

واعتبر أن رؤية (2030) خطة عمل طموحة تعكس روح الحماس ورفع مستوى الخدمة الوطنية إلى مستويات أعلى وفق ما أعلنه ولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان آل سعود الأسبوع الماضي في الرياض، وتهدف إلى تقليل الاعتماد على النفط كمصدر رئيسي للدخل عبر تنويع الدخل الوطني ورفع مستوى إنتاجية المواطن سواء في القطاع الخاص أو الحكومي ما يجعل هذه الخطة طموحة ووثبة عملاقة نحو المستقبل، مؤكدا ان عالم اليوم تزداد فيه التنافسية والحرص على تقوية المجتمعات.

ومن بين ما تضمنته الرؤية، أوضح السفير السعودي أن بلاده تطمح بالوصول إلى 30 مليون معتمر سنويا، وطرح ما نسبته خمسة في المئة من أسهم شركة (أرامكو) للاكتتاب العام ما يجعلها تحت المجهر، الأمر الذي ينعكس إيجابا على رفع أداء الشركة، وأن هناك مخططات لزيادة الإنتاج في قطاعات مختلفة مثل البتروكيماويات، مؤكدا أن العنصر البشري هو الأساسي في هذا كله من حيث تطويره وزيادة قدرته على التنافس.

وحول دور المرأة السعودية في هذه الرؤية، قال إنها مكون رئيسي مهم من مكونات المجتمع، مشيرا إلى دخولها سوق العمل والقطاع الحكومي تحديدا من خلال الحقل التربوي والتعليمي، ومؤكدا أن المرأة السعودية أثبتت نجاحها في العديد من المجالات وتبوأت مراكز متقدمة عالية.

وردا على سؤال بشأن قيادة المرأة للسيارة داخل المملكة، قال الفايز إنها مسألة مجتمعية وليست شرعية أو سياسية وعندما يتقبل المجتمع مثل ذلك فسيتم اتخاذ الإجراء المناسب.
وحول قضية الاقامة الدائمة وما تضمنته الرؤية عن موضوع البطاقة الخضراء (جرين كارد)، أوضح ان التفاصيل لم تعلن بعد، مشيرا إلى إمكانية منح الإقامة الدائمة لمن تحتاج المملكة إلى مهاراته وخدماته، وأكد أن هذا الإجراء لا يربط بين المواطنة والإقامة الدائمة إنما هو توجه نحو تعزيز شعور المقيم بالراحة النفسية والأمان الاجتماعي.
وأشار إلى تبني الرؤية جوانب ثقافية تعكس مكونات الإسلام ثقافة ودينا عبر إقامة متحف إسلامي سيكون من بين أكبر المتاحف في العالم.

وحول إشراك مؤسسات المجتمع المدني السعودي في الخطة والاستماع إلى آراء الشباب، قال الفايز إن بلاده تعيش هذه المرحلة الآن، وإن العمل قائم سواء داخل مؤسسات المجتمع المدني أو المؤسسات الدستورية، وتطرق إلى تجربته الشخصية في مجلس الشورى السعودي لمدة ثلاث دورات، مؤكدا أن المجلس يلعب دورا كبيرا في صياغة الأنظمة ومراقبة أداء الجهات الحكومية المختلفة بالمملكة.

وردا على سؤال حول خصخصة بعض القطاعات الخدمية ومدى تأثيرها على زيادة الأسعار، قال الفايز إن الموازنة العامة للدولة تضمنت إعادة النظر في سعر المياه والكهرباء والبنزين والديزل، وإن التجربة أثبتت وجود آثار سلبية للدعم المقدم لمثل هذه الخدمات ما شجع على زيادة الهدر وساهم في زيادة التلوث البيئي.

وأوضح أن هناك استنزافا لمصدر مهم للدخل لذا تمت إعادة التسعير بصورة لا تضر بالمواطن وفي نفس الوقت ترشد الاستهلاك، خاصة مع افتقار المملكة للموارد المائية الصالحة للشرب من أنهار وغيرها ما يجعلها تعتمد على تحلية المياه وهي عملية ذات كلفة مالية عالية جدا، ولفت إلى أن ربع إنتاج المملكة من النفط كان موجها نحو الاستهلاك الداخلي، موضحا أن الرؤية لم تتطرق إلى رفع الأسعار في المستقبل "ولكن كل شيء قابل للدراسة" والبحث في المستقبل.

وحول استخدام الطاقة الشمسية، قال إن بلاده تمتلك مصادر مختلفة للطاقة المتجددة ويمكن استخدامها، مؤكدا الحاجة إلى مراجعة التعامل مع الطاقة من خلال اعتماد استخدام طاقات متجددة لاسيما أنها أقل كلفة من النفط والغاز.