القاهرة – مصر اليوم
يرصد الكاتب محمد طرزي، في روايته "أفريقيا أناسٌ ليسوا مثلنا"، موضوعه "الاغتراب اللبناني" في ستينيات وسبعينيات القرن العشرين حيث كانت شرق أفريقيا التي تحررت حديثاً من البرتغال وجهة العديد من الشباب الباحثين عن حياة أفضل، ولكن رحلة "كريم" بطل روايته لن تعبر فقط بين جغرافيتين متباعدتين، بل أيضاً ستعبر بين كيانين يفصل بينهما جدار ثقافي شديد السمك، واختلاف في الهوية والعقيدة والانتماء واللغة ستصعب معه تجربة الانغراس في تربة مختلفة.
وإن رحلة "كريم" إلى "أفريقيا" التي سبقه إليها خاله ستكون قاعدة العبور من دائرة المحلي إلى دائرة العالمي حيث يجد "كريم" نفسه داخل دائرة لا فكاك منها حين اختار لنفسه طريقاً لمناهضة العنصرية والدفاع عن حقوق الأفارقة البيض الذين لا ذنب لهم بصراعات الدول.. كما ستأخذه هذه الرحلة في مغامرة يكون فيها شاهداً على ترتيب اتفاق تاريخي ما بين منظمة التحرير الفلسطينية والثوّار الأفارقة؛ يحصل بموجبه الثوّارُ على السلاح والخبرات القتالية، بينما يحصل الفلسطينيون نظير ذلك على حجارة ثمينة من الألماس، من شأنها أن تمول حربهم التحريرية.
وأما حصة "كريم" من هذا اللقاء التاريخي فستكون "قطعة ألماس" عمولة إنجاز الصفقة ما بين الثوار العرب والأفارقة من شأنه أن يجعله يعود إلى بلده غنيّاً... تتوالى الأحداث في الرواية ويتعرض "كريم" إلى سلسلة من المكائد والخيانات بفعل الأيدي الشريرة التي تُحركها قوى الأمر الواقع، فيُتهم ويسجن ويخرج بعد أن تنتهي الحرب التي خسر فيها الثوار المعركة واستعادت القوات الحكومية المدعومة من جنوب أفريقيا كلّ البر الأفريقي... وكان الحجر الماسي من نصيبه...
- من أجواء الرواية نقرأ:
"تجاوبت القيادة الفلسطينية مع الرسالة التي حملها كريم، ملبّية بذلك نداء الثوار في شرق أفريقيا. فالتقى القائد الفلسطينيُّ زعيم الثوار، سامورا، سرّاً في دار السلام، تنزانيا، وقد جلستُ بينهما مترجماً. كبر قلبي حين سمعتُ قائد بلدي يتعهد بالعمل على تشكيل جبهة عالمية، تمتدُّ من كوبا إلى جنوب لبنان مروراً بشرق أفريقيا، معرباً في الوقت نفسه عن استعداده لإرسال أسلحة ومقاتلين مخضرمين في قتال الشوارع إلى أيّ مكان في أفريقيا. هزّ سامورا رأسه وهو يستمع إلى ترجمتي. ثم علّق قائلاً إن ثوار العالم متحدون اليوم، ولن تستطيع أية قوة في الكوّن تفريقهم..."