القاهرة – مصر اليوم
صدرت رواية "السلفي"، للروائي والباحث في علم الاجتماع السياسي عمار علي حسن، عن "مكتبة الدار العربية للكتاب"، في نحو ثلاثمائة صفحة من القطع المتوسط، وبتجديد في الشكل، حيث تتلاحق أحداث الرواية عبر إحدى وعشرين عتبة، وتنتهي بمفارقة.
وتمزج الرواية بين "صورة سحرية" تجسدها نبوءة شيخه صوفية تعيش في القرية وبين واقع مقبض فرض نفسه على الحياة الاجتماعية في مصر خلال العقود الأخيرة نظرًا لتصاعد نفوذ تيار ديني تقليدي، بصورته وقيمه، ليسرد معاناة أب يعمل محاميًا ويؤمن بأفكار عصرية مع ابنه الجامعي، الذي تسلّل السلفيون الجهاديون إلى عقله، وجندوه ليأخذوه معهم في الحرب التي خاضوها ضد الروس في أفغانستان، وبعدها ينضم إلى فصيل من تنظيم "القاعدة".
وبعد أن أعيت الحيل الأب في استعادة ابنه عبر كل الطرق المعروفة، مما أدى إلى إصابته بالفصام، يتذكر نبوءة قديمة لامرأة صالحة، كان الكل في قريته يعتقد في كراماتها، ذكرت له فيها إنه لن يستعيد الغائب، روحًا أو جسدًا، إلا إذا مر بكل عتبات بيوت القرية ليشرح له منابع التدين المعتدل الذي تعلمه الأب في الصغر، والذي لا يزال يؤمن به.
وفي طوافه عبر البيوت يستعيد الأب كل مسرّات أصحابها وأوجاعهم، سواء من بقي منهم على قيد الحياة أو من رحل تاركًا وراءه حكايات صغيرة تتناسل بلا هوادة عبر نص شاعري، ينتقل بنا من القرية إلى المدينة ذهابًا وإيابًا.
ويتخيل الأب أنَّ ابنه يصاحبه في طوافه هذا، فيدخل معه في حوار عميق بشأن الفرق بين التصورات الدينية المعتدلة لأصحاب كل هذه العتبات، والتي ذابت في حياتهم البسيطة من دون تكلف ولا ادّعاء، وبين التشدّد الذي يعشّش في رأس الابن، وجعله يتحول إلى قاتل محترف وهو يظن أنه يجاهد في سبيل الله.
يذكر أنَّ "السلفي" هي الرواية السادسة لعمار على حسن، بعد "شجرة العابد"، و"سقوط الصمت"، و"حكاية شمردل"، و"جدران المدى"، و"زهر الخريف"، علاوة على ثلاث مجموعات قصصية هي "عرب العطيات"، و"التي هي أحزن"، و"أحلام منسية"، التي حصلت على جائزة "الطيب صالح" العالمية للإبداع الكتابي، فيما حصل كتابه "التنشئة السياسية للطرق الصوفية في مصر" على جائزة الشيخ زايد في فرع التنمية وبناء الدولة، وحصلت مجمل أعماله العلمية، التي تصل إلى تسعة عشر كتابًا في علم الاجتماع السياسي والنقد الأدبي والتصوف، على جائزة الدولة للتفوق في العلوم الاجتماعية، علاوة على حصول "شجرة العابد" على جائزة اتحاد كتاب مصر أخيرًا.