القاهرة ـ أ.ش.أ
حددت محكمة جنايات جنوب القاهرة برئاسة المستشار بشير عبد العال، جلسة 26 فبراير المقبل، للنطق بالحكم في إعادة محاكمة رئيس الوزراء الأسبق أحمد نظيف ووزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي، في قضية اللوحات المعدنية للمركبات والسيارات. واستمعت المحكمة بجلسة اليوم/الثلاثاء/ إلى مرافعة النيابة العامة في القضية، والتي طالب ممثلها أحمد زكريا، وكيل أول نيابة الأموال العامة العليا، بتوقيع أقصى عقوبة مقررة قانونا بحق المتهمين (نظيف والعادلي). واستهل ممثل النيابة مرافعته بالقول: " نحمد الله على الخلاص من فئة ظالمة امتدت يدها للعبث بمقدرات الوطن وشعبه، ونشرت الفساد في جسد الدولة، وهتكت القوانين بأيدي القائمين علي تنفيذها".. مشيرا إلى أن المتهمين خلال النظام الأسبق تعمدا تعطيل سير الأمة نحو التقدم والتنمية والرخاء، واستباحا المال العام ودم الشعب من أجل إشباع مطامعهم الشخصية. وأضاف: "المتهمان قد خانا الأمانة و فرطا في الرسالة التي أسندت إليهما وفقا لما جاء بأوراق القضية، غير أن الله خيب ظنهما وحطم آمالهما وفضح أمرهما في تلك القضية". واستطرد: " المتهمان توليا أعلى المناصب بالدولة ولكنهما نسيا أن منصبيهما لخدمة الوطن والشعب، فأثقلا كاهل البسطاء بأعباء مالية لا داعى لها، وانحصر جهدهما في كيفية جعل الشعب يشرب من كأس عذاب جديد". وأشار إلى أن المتهمين تعمدا أيضا هدم الصناعة المصرية من خلال استيراد اللوحات التعريفية للمركبات من الخارج، وتحميل المواطن قيمة العملة الصعبة التي تشترى بها تلك اللوحات، دون وجود أي حالة من حالات الضرورة لها.. وأن كافة أدلة الإثبات وأقوال شهود الإثبات تدين المتهمين وتثبت ارتكابهما لكافة التهم والجرائم المنسوبة إليهما. من جانبه، طالب الدفاع عن أحمد نظيف ببراءته من كافة التهم المنسوبة إليه، وأن تسمح المحكمة لنظيف بالحديث أمام المحكمة وإبداء دفوعه ودفاعه في شأن الشق الفني للقضية.. وبالفعل سمح رئيس المحكمة بإخراج نظيف من قفص الاتهام للاستماع له. وقال أحمد نظيف في معرض الدفاع عن نفسه: إنني لا تربطني ثمة علاقة بصاحب شركة أوتش(الشركة الألمانية الموردة للوحات المعدنية)، مشيرا إلى أن الحكومة لجأت لاعتماد هذا النوع من اللوحات في المركبات بسبب وقوع العديد من الجرائم الإرهابية باستخدام سيارات تحمل لوحات تعريفية مزورة، وكذا بالنسبة لجرائم الفتنة الطائفية وتهريب المخدرات والسلاح و تهريب السيارات. وأضاف أن الحوادث التي ترتكب اليوم تتم بواسطة سيارات لا تحمل لوحات المرور الجديدة، فضلا عن الزيادة الكبيرة في أعداد السيارات التي يتم ترخيصها.. موضحا أنه في عام 2004 كان يتم الترخيص لمائة ألف سيارة في السنة، وبعد مرور 3 سنوات فقط وصل عدد السيارات المرخصة جديدا 350 ألف سيارة.. لافتا إلى أن شركة النحاس المصرية المنتجة لتلك اللوحات قدرتها على التصنيع لا تتجاوز 10 آلاف لوحة في الشهر أي 120 ألف لوحة في السنة، وهو رقم لا يتناسب مع زيادة اعداد السيارات. وذكر نظيف أن الخبراء الذين تولوا فحص ملف القضية أكدوا أن المشروع تم بنجاح فني كبير، علاوة على أن المشروع لا يزال مستمرا حتى الآن من خلال تشغيل خط الإنتاج بمصلحة سك العملة بوزارة المالية، وأن الشركة الألمانية هي المختص بتصنيع تلك اللوحات، ولها سابقة أعمال في توريد اللوحات لدول عربية، وأنها تتمتع بالسرية والتأمين وقدرتها التنفيذية على توريد اللوحات المطلوبة بصفة أسبوعية. وشرح نظيف خصائص اللوحات المعدنية على نموذج لها احضره معه الجلسة، قائلا إنه لا يمكن الكتابة او الطباعة عليها سوى بالكبس من خلال الماكينة المخصصة لها وان عناصر التأمين باللوحة تتمثل في وجود علامة مائية لنسر الجمهورية وكلمة مصر، وكذلك مسامير التركيب التي تستخدم لمرة واحدة فقط بحيث لا يمكن فك غطاء "برشامة" المسمار إلا عن طريق الكسر، وأنه تم تزويد تلك "البرشامة" بعلامة مائية أيضا. دفاع نظيف: من جانبه، طالب المحامي عن نظيف ببراءته استنادا إلى دواع واعتبارات تتعلق بالأمن القومي، وتوافر حالة الضرورة وفقا لنص قانون المناقصات والمزايدات.. مشيرا إلى وجود عمل من أعمال التزوير في شأن العرضين المدعى تقديمهما لتوريد اللوحات المعدنية خلافا للشركة الألمانية والمقدمين من شاهد الاثبات الثامن. وأكد دفاع نظيف أن شركة (أوتش) الالمانية التي تم التعاقد معها لتوريد اللوحات المعدنية حددت سعر 4ر4 يورو ( 35 جنيها) للوحة مقابل عقد لمدة 5 سنوات وخامات مستوردة لصنع اللوحات، مع وضع 4 درجات تأمين لها. ولفت إلى أن المواصفات التي قدمت من شركة النحاس المصرية تمثلت في التعاقد لمدة سنة واحدة، وصنع اللوحات بالخامات المحلية وبدون وضع وسائل التأمين، بسعر ( 29 جنيها و 60 قرشا) وأن العرض المقدم من شركة الكترو للصناعات لم يحدد مدة التعاقد واستخدام خامات مستوردة مؤمنة بسعر 45 جنيها، بينما تمثل عرض شركة تونجز في عدم تحديد مدة عقد الارتباط وصناعة اللوحات بنفس مواصفات واسعار شركة اوتش الالمانية، وأن ما تقدمت به شركة سيفرز يعد عرضا استرشاديا مع مدة تعاقد سنة واحدة وخامات مستوردة بدون وسائل تأمين بسعر ( 39 جنيها و 26 قرشا).. مؤكدا أن التعاقد مع الشركة الالمانية وفر للدولة ما يعادل 37 مليون جنيه . وأشار إلى أن سبب اللجوء إلى توريد تلك اللوحات المعدنية، هو وجود تهديدات والحوادث التي حاقت بأمن مصر، خاصة الجرائم الارهابية والتخابر وتهريب الاثار وجرائم الفتنة الطائفية والاختطاف وتهريب المخدرات والسلاح وأعمال البلطجة.. والدليل على ذلك التفجيرات الإرهابية التي جرت في طابا ونويبع وشرم الشيخ. كما استمعت المحكمة لفريد الديب المحامي عن حبيب العادلي، والذي طالب ببراءته استنادا الى الظروف التي واكبت تلك القضية، واصفا إياها بـ "الظروف السياسية" بغية الإطاحة برموز النظام الأسبق من خلال اظهارهم كلصوص للمال العام .. لافتا إلى أن ضابط الشرطة الشاهد في القضية يتم الاستعانة به كشاهد في جميع القضايا الخاصة برموز النظام الأسبق. وقال الديب إن النيابة العامة لم تقدم اي دليل حول وجود اتفاق بين المتهمين على ارتكاب وقائع القضية وتسهيل الاستيلاء على المال العام أو تربيح الغير. كما دفع الدفاع بانتفاء أركان جريمة الإضرار العمدي بالأموال والمصالح العامة، معتبرا التحريات الواردة في شأن الاتهامات المنسوبة إلى المتهمين، ما هي إلا تحريات مكتبية وتفتقر الى الجدية وحد الكفاية.. ودفاع أيضا تناقض وتضارب اقوال شهود الإثبات وانتفاء أركان جريمة الاستيلاء على المال العام وكذلك جريمتي الغدر وتربيح الغير. وأكد الدفاع أن الحكومة المصرية قامت خلال شهر فبراير الماضي بمد فترة التعاقد مع شركة اوتش الالمانية موضوع الاتهام بالقضية، مع زيادة سعر اللوحات المعدنية عن التعاقد السابق. وتأتي إعادة المحاكمة في القضية على ضوء الحكم الصادر من محكمة النقض في شهر فبراير الماضي، والتي قضت بنقض (إلغاء) الحكم الصادر من محكمة جنايات القاهرة في القضية التي كانت قد انتهت إلى إدانة نظيف والعادلي حضوريا ومتهمين آخرين غيابيا. وكانت محكمة الجنايات قد عاقبت أحمد نظيف بالحبس لمدة عام واحد مع إيقاف التنفيذ، والسجن لمدة 5 سنوات بحق وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلى، والسجن 10 سنوات "غيابيا" بحق وزير المالية الأسبق الدكتور يوسف بطرس غالى، والمتهم الألماني هيلمنت جنج بولس الممثل القانونى لشركة (أوتش) الألمانية بالحبس "غيابيا" لمدة عام مع وقف التنفيذ.. وذلك إثر إدانة المحكمة لهم بإهدار 92 مليون جنيه من أموال الدولة، بإسناد إنتاج اللوحات المعدنية للسيارات للشركة الألمانية بالأمر المباشر وبأسعار تزيد على السعر السوقى، وذلك بغرض تربيحها على نحو يمثل مخالفة للقانون. وتقتصر إعادة المحاكمة على أحمد نظيف وحبيب العادلي، باعتبار أن الحكم صادر بحقهما حضوريا، حيث لا يجيز القانون للمتهم الهارب الصادر بحقه حكم غيابي أن يتقدم بطعن أمام محكمة النقض على الحكم، ومن ثم لم يشملهما حكم النقض بإعادة المحاكمة. وكانت نيابة الأموال العامة العليا قد نسبت إلى المتهمين عدة تهم تتعلق بالتربح للنفس والغير دون وجه حق، وتربيح الغير وتسهيل الاستيلاء المتعمد على المال العام، والإضرار بأموال المواطنين، وجريمة تحصيل أموال دون وجه حق من المواطنين. وكشفت التحقيقات عن قيام المتهمين نظيف وغالى والعادلي بتربيح المتهم الألماني هيلمنت جنج بولس الممثل القانوني لشركة (أوتش) الألمانية.. بأن أعد الأخير للوزيرين غالى والعادلى مذكرة تقدم إلى نظيف بطلب إسناد توريد اللوحات المعدنية الخاصة بأرقام المركبات بالأمر المباشر للشركة الألمانية التي يمتلكها بولس بمبلغ 22 مليون يورو، أى ما يوازى 176 مليون جنيه مصرى. وأظهرت التحقيقات أن رئيس الوزراء الأسبق أحمد نظيف وافق بالمخالفة للقانون ودون وجه حق على تلك الصفقة ، على الرغم من عدم توافر أية حالة من حالات الضرورة التى نص عليها القانون للتعاقد مع تلك الشركة بالأمر المباشر ودون الحصول على أفضل عروض الأسعار من شركات مختلفة وصولا إلى أفضل سعر بالمخالفة لقانون المناقصات والمزايدات. وأفادت التحقيقات بأن وزير المالية الأسبق يوسف بطرس غالى قام منفردا بإعطاء أعمال توريد أخرى لتلك الشركة بالأمر المباشر ودون إجراء مفاضلة بين شركات متعددة أو الحصول على موافقة رئيس الوزراء ، بما يشكل مخالفة لقانون المناقصات والمزايدات. كما تبين أن المتهمين الثلاثة نظيف والعادلى وغالى أضروا عمدا بأموال المواطنين طالبى ترخيص السيارات بأن قاموا بتحميلهم ثمن اللوحات المعدنية المغالى فى أسعارها ، بالإضافة إلى مبلغ التأمين على الرغم من أن هذه اللوحات مملوكة للدولة وليست لأصحاب السيارات ، ورغم ذلك حملوا المواطنين ثمن هذه اللوحات.