القاهرة - مصر اليوم
خرج محمد ومصطفى إلى المخزن لتنظيف "براميل الطرشي"، وتأخرا في العودة وإعادة المفاتيح إلى صاحب المحل، ما دفعه لإرسال زميلهما للاستفسار عن سبب تأخرهما، فكانت المفاجأة "الحق يامعلم محمد محمد غرقان في البرميل". وعثرت الأجهزة الأمنية في منطقة روض الفرج بقيادة المقدم قدري الغرباوي رئيس المباحث مساء الأربعاء الماضي، على جثتي "محمد" 46 سنة، والثانية "مصطفى" 13 سنة، داخل براميل "طرشي" في مخزن تابع لمصنع شهير يقع في نفس المنطقة.
وقال "نادر" اسم مستعار أحد قاطني منطقة شارع جزيرة بدران التي يقع فيها المخزن: "فجأة لقينا عامل جاي عند مخزن الطرشي اللي هناك- يشير إلى مكان الواقعة- وجاي بيسأل على زمايله "محمد"، و"مصطفى"، وكان المخزن مقفول، اعتقد إنهم روحوا فمشي من غير ما يعرف إنهم غرقانين جوه". وغادر حسن أحد عمال مصنع الطرشي الشهير بمنطقة روض الفرج، والتي تخصصت في المخللات منذ اربعينيات القرن الماضي، وأخبر صاحبه أن محمد ومصطفى غادرا المخزن فأمره بالذهاب إلى أسرة محمد، يضيف: "روحت سألت مراته قالت لي لسه مجاش، كان المفروض يسلم المفتاح الساعة 6 لما اتأخر عن 9 بالليل قلقنا.. وفضلنا ندور عليهم في الأقسام والمستشفيات".
وأعطى صاحب المصنع نسخة أخرى من مفتاح المخزن وأمره بالذهاب مرة أخرى للبحث عنهما، وفور دخوله حوالي الساعة ١٢ مساء كانت المفاجأة "الحق يا معلم محمد غرقان في البرميل".. ليرد عليه الآخر: "سيبه وبلغ الشرطة بسرعة".
وحضرت قوة من مباحث قسم شرطة روض الفرج وأخطرت النيابة العامة التي أمرت بانتداب المعمل الجنائي والطب الشرعي "لقينا جثة محمد ظاهرة من البرميل من فوق، وكلنا افتكرنا في البداية إن الواد مصطفى هو اللي قتله حتى بتوع المباحث راحوا يدوروا عليه عند بيتهم". وكيفية إخراج الجثة شبه متحللة بمياه المخلل أجبر جهات التحقيق على قطع البرميل لإخراجها "عشان تفضل على حالتها ومتتبهدلش لأن رجليه كانت من فوق وكان محشور في البرميل".
يعود حسن ليضيف أن المفاجأة الأخرى التي اكتشفها الجميع بعد قطع البرميل هو وجود جثة مصطفى: "كان تحته والاتنين غرقانين في شوية مية مخلل عمقها لا يتعدى 80 سم". وقال محمد صاحب المصنع، "محمد اللي غرق ده شغال معايا صنايعي ليه أكثر من 30سنة، وكان شغال مع أبويا وهو اللي فتح المحل بعد أبويا ما مات أنا استغربت إزاي يغرق كده وبالشكل ده "ده ممكن ينزل المحيط يجيب المخلل ويطلع تاني، أكيد فيه سر هما الاتنين بس اللي يعرفوه واتدفن معاهم".
وأضاف أنه تم العثور على جثة أحد العمال داخل البرميل ثم بعد ذلك وجدوا جثة الطفل داخل البرميل ذاته. وأحد قيادات البحث المكلفين بكشف اللغز روى سيناريو تحليلي للجريمة لمصراوي، قائلاً: "تحليلنا وضباط المعمل الجنائي أن الجثتين اختنقا داخل الفنطاس وطوله مترين بفعل مياه المخلل وعمقها كان 80 سم حيث نزل الطفل لتنظيفه واختل توازنه وفقد الوعي وحينما ذهب الرجل لإخراجه، فأدخل رأسه وعندما فشل في إخراجه تشبث به الطفل بسبب تأثير المخدر وغرق هو الآخر جواره.
الاحتمالية التي رجحها فريق البحث والخاصة بتعاطي الضحيتين لمخدر "الإستروكس" سببها سابقة تعاطيهما والقبض على محمد، في رمضان الماضي بحيازته المخدر. وصاحب المخزن رفض التعليق على تلك الواقعة ولَم يجزم أو ينفي تعاطيهما للمخدر "أنا معرفش هما ماتوا إزاي ومقدرش أقول غير الله يرحمهم".
واستبعد مصدر أمني الشبهة الجنائية لأن التحريات والتحقيقات والمعاينة لم تسفر عن وجود متهم أو شواهد أو آثار للجريمة لذلك صرحت النيابة العامة بدفن الجثث واستعجلت تقرير الطب الشرعي وصرفت جميع المشتبه بهم والمحتجزين.
المصدر الأمني أكد أيضا أن ملابس الطفل الخارجية وُجدت مُلقاة في أحد أنحاء المخزن وهو ما دفع في البداية فريق البحث الى احتمالية قتل الطفل لزميله والهرب بعد تركه غارقا في البرميل "هما متعودين يغيروا ملابسهم قبل تنظيف البراميل لأنهم بينزلوا جواها يغيروا الميه القديمة بعد المخلل ما يخلص"، يقول حسن.
وتنتظر النيابة العامة تقريرها النهائي بشأن الواقعة، حيث أكد مصدر بجهات التحقيقات "مفيش شبهة جنائية أو خلافات والطب الشرعي هيكشف السبب الرئيسي للواقعة إذا كان مخدرات أو سبب آخر".