بكين ـ وكالات
تعتبر زيارة المعرض التشكيلي "روح الرسم الصيني بالريشة" للفنانين ماي زونغزي وشين هانغ الذي افتتحه أول أمس الدكتور صلاح القاسم مستشار هيئة دبي للثقافة والفنون في غاليري النور بمسرح دبي الاجتماعي ومركز الفنون، بمثابة رحلة للتعرف على محورين من الفن التعبيري الصيني المعاصر الذي يعتبر امتداداً لأصالة الفن التقليدي في إطار فن رسم الطيور والزهور والطبيعة مع زونغزي (1956)، وفن الرسم بالخطوط مع هانغ (1962). ضم المعرض الذي يستمر حتى 25 مايو الجاري، مجموعة واسعة من أعمال زونغزي الذي يعتبر من رواد فن رسم الطيور والزهور في الصين الذين ساهموا في تطوير هذا الفن التقليدي الذي اشتهر في عهد سونغ في القرن الثاني عشر، ليرتقي به زونغزي عبر رحلته الفنية على مدى 30 عاماً. يعيش الزائر عبر لوحات زونغزي في عالم الطيور والطبيعة الحرة، ليستمع إما إلى همسات حوار بين ديكين، أو تأملات الديك الرومي في غابة كثيفة من أوراق الشجر وألوان الزهور، أو البومة التي تقف على جذع شجرة تحاول بعينيها سبر ما حولها بحكمة وبصيرة، أو أوراق الشجر المزهرة بألوان تنعش الروح. وسرعان ما يدرك الزائر أن مقولة أحد النقاد في وصف فنه "غني المضمون بالحبر وابتكار الألوان المبهجة" تختصر الأثر العميق الذي تتركه في روحه كل لوحة خاصة عندما يتعرف على أسلوب زونغزي الذي يعتمد على الرسم الحر بالفرشاة والحبر منطلقاً من أصالة هذا الفن إلى حرية أسلوبه الذي شكله عبر التقاط روح الطبيعة البرية والحوار مع الطيور بعيداً عن عالم الإنسان. وليدرك الفارق بين فن رسم الطيور والزهور في أوروبا وبينه في الصين، حيث تمحور هذا الفن الأوروبي في إطار الطبيعة الصامتة التي تعكس تدخل الإنسان فيها أو تفاعله معها، بينما اعتمد زونغزي في تطوير مهاراته الفنية منطلقاً إلى الطبيعة البكر بروعتها. ويتجلى في طيوره الإيقاع الديناميكي في حركتها وتفاعلها مع المحيط من أوراق البامبو والشجر والزهور التي تتناغم معها في حرية طبيعتها بين الحبر الذي يشكل الأغصان والألوان الحيوية للزهور التي يقوم بتركيبها بنفسه من تربة أرضه والتي تصنع منها عادة الألوان الزيتية في الزمن القديم. ينتقل الزائر بعدها إلى لوحات هانغ التي تستأثر به خطوطه عبر كل لوحة بين تفاصيل الحياة اليومية وأطلال المعابد والطبيعة وبيوت القرية وساحاتها، لتتجاوز خطوط رسوماته السوداء مفهوم المسودة أو "الكروكي" إلى لوحة قائمة بحد ذاته ليتلمس الزائر أبعاد وعمق المشهد من خلال الدرجات اللونية للخط الذي يظلله في بعض اللوحات برماديات الحبر لتتجلى في ضبابية طبيعة الجبال والغيوم. ومن أجمل اللوحات التي تستوقف الزائر "المكانس" التي أرفقها ببعض الكلمات الصينية لتشكل تناغماً مع العمل، والتي قال عن مضمونها هانغ، "يرى الكنّاس أن عمله أفضل عمل في الكون". يعتبر فن الرسم الصيني التقليدي من أقدم الفنون التي حافظت على استمراريتها في العالم، وينقسم إلى ثلاثة محاور فن الطبيعة والطيور وفن الخطوط وفن البورتريه. وتميز الفن الصيني منذ العهود القديمة بالرسم على ورق الأرز والحرير. واشتهرت الصين بفن الرسم بالحبر والألوان المائية. وتميز رسامو الطبيعة الكلاسيكيون في شمال الصين برسم الجبال الشاهقة بخطوط قوية سوداء والحبر المائي بألوان صريحة وحادة، في حين رسم فنانو الجنوب الهضاب والأنهار والطبيعة الساكنة بخطوط منحنية وألوان ضبابية هادئة.