القاهرة - محمود حساني
جزم شيخ الأزهر الشريف الدكتور أحمد الطيب بأن الرئيس عبد الفتاح السيسي حريص كل الحرص على دعم الأزهر وتلبية حاجاته، ويقدر الأزهر وعلماءه ولم يقصر في دعم المؤسسة ومساندتها؛ فالأزهر الشريف أهم مؤسسة دينية إسلامية يقع على عاتقها نشر الفكر الصحيح للدين الإسلامي وقيم التسامح والمحبة والسلام وروح الوسطية والاعتدال واحترام وتقبل الآخر والحوار بين الأديان، وتلعب دورًا مهما في تنوير المجتمع بأهمية دور المرأة واحترام إمكاناتها وقدراتها والدعوة إلى إشراكها ودمجها بصورة كاملة في المجتمع.
وأضاف الطيب لـ"مصر اليوم" أن جامعة الأزهر تؤدي دورًا كبيرًا في نشر العلم والثقافة الإسلامية في مصر وتمتد رسالتها لمحيطيها الإقليمي والدولي، وتسهم في نشر رسالة الإسلام السمحة التي تحث على الاعتدال والوسطية والتسامح والسلام؛ إذْ يدرس في الأزهر نحو مليوني طالب وطالبة في مرحلة التعليم قبل الجامعي، ونصف مليون طالب آخرين في مرحلة التعليم الجامعي والدراسات العليا، منهم تقريبا 40 ألف طالب وافدون من 66 دولة، مبينًا أن منهج الأزهر الوسطى عمل على ترسيخ صورة الإسلام السمحة وأسهم في الحفاظ على تماسك المجتمع ووقوفه أمام الأفكار المتطرفة.
وقال إن المبادرة التي أطلقها "مجمع البحوث الإسلامية" لتطوير لجنة الفتوى وإعادة هيكلتها من خلال دعمها بمختصين من كبار أساتذة جامعة الأزهر ووعاظ الأزهر الشريف، وتضم عددًا من أعضاء هيئة التدريس، ويقوم منهج اللجنة في الفتوى على الرأي الجماعي باعتبار أن الفتوى في الجامع الأزهر مؤسسية أخذًا من القرآن الكريم في قوله تعالى (وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَائِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ)، بمعنى أن هؤلاء الفقهاء الذين تفقهوا في الدين عليهم أن يبلغوا هذا الفقه لمن هم في حاجة إليه من معرفة بالأحكام وتبصرة بالالتزامات التكليفية والرخص الشرعية، مبينًا أن الهدف الرئيسي من اللجنة هو التصدي للفتاوى ذات النزاعات الأهوائية المتعلقة بفكر واحد قد يكون متبعًا في الهوى وذلك أخذًا من قوله تعالى (ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِّنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّهُمْ لَن يُغْنُوا عَنكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ)، وأهل الشريعة بالفقه والأصول والفقه المقارن هم الأعلم بالرد على الفتاوى التي تتعلق بمصالح الناس، وتتميز لجنة الفتوى الرئيسية في الجامع الأزهر بأنها تراعي (التأصيل والمعاصرة) مع مراعاة القواعد الفقهية الكبرى وتغير الحال والزمان والمكان.
وتابع شيخ الأزهر أن كل عربي مسلم يُقيم في المجتماعات الغربية هو بمثابة سفير للإسلام في تلك المجتمعات؛ لذا فهناك دور كبير يقع على عاتقهم في هذا الظرف الراهن الذي تشهد فيه بعض الدول الغربية حوادث وهجمات متطرفة لا دخل للإسلام فيها؛ وبناء عليه ينبغي على أبنائنا في الخارج أن يحاولوا جاهدين تصحيح وتوضيح الصورة الحقيقية للإسلام في المجتمعات الغربية التي عملت التنظيمات المتطرفة على تشويهها عن طريق مشاهد القتل الترويع باسم الدين الإسلامي. مشددا على أن الأعمال التي تتعمد التنظيمات المتطرفة ممارستها لا تمثل الإسلام أبدا وتناقض تعاليمه السمحة، مبينًا أن الأزهر يواجه الفكر المتطرف من خلال عدد من المبادرات أبرزها إنشاء مرصد يتولى رصد أفكار التنظيمات المتطرفة وتحليلها والرد عليها بـ9 لغات، علاوةً على ذلك هناك خطة جدية ستخرج إلى النور خلال الفترة المقبلة تتمثل في نشر 1000 رسالة يومية لمواجهة هذا الفكر، بجانب القوافل الدعوية التي تجوب المحافظات كافة بهدف تحصين الشباب مِن الفكر المتطرف، والعمل بالتعاون مع مجلس حكماء المسلمين لترسيخ ثقافة السلام.
وأوضح أن ما يسمى بـ "تنظيم داعش" المتطرف ومَنْ على نهجه من الجماعات المتطرفة لا يمثلون الإسلام الذي هو منهم ومِنْ أعمالهم الإجرامية براء، قائلًا "إن الإسلام لم يكن يومًا دين قتلٍ أو عنفٍ أو هدمٍ، لكنه دينٌ يدعو إلى الحياة والسلام والرحمة والبناء، إننا تعلمنا ونُعلم أبناءنا وطلابنا في الأزهر أن القرآن الكريم رَسم طرق ووسائل الدعوة إلى الله ونصَّ عليها نصًّا صريحًا يفهمه أطفال المسلمين قبل شبابهم وكبارهم"؛ فقد أوضح أن الدعوة إلى الله تكون بالحكمة والموعظة الحسنة، كما أنه لم يدع أحدًا من المسلمين إلى حمل السلاح لقتل الناس، ومن يفعل ذلك لا يعبر عن منهج الأزهر بأي حال من الأحوال، مبينًا أن الإسلام حرم الدماء وانفرد بتشديد العقوبة في الدنيا والآخرة لمَنْ يقتل الناس ويستحلُّ الدماء، والله عز وجل لن يتسامح مع هؤلاء الذين يقتلون الناس ويسفكون دماءهم زورًا وبهتانًا؛ فالمسلم لا يجوز أن يقتل ويقاتل الآخَر إلا إذا كان دفاعا عن نفسه، بل إن الإسلام لم يجعل الحدود في يد جماعة أو مجموعة، وإنما حصرها في يد ولي الأمر أو مَنْ ينوب عنه من القضاء.