فيليب لام

جاء إعلان فيليب لام، قائد منتخب ألمانيا لكرة القدم ومدافعه الأيمن، اعتزاله اللعب الدولي بعد نجاحه في قيادة منتخب الماكينات للفوز باللقب الرابع لكأس العالم، والأول الذي يحقق لمنتخب أوروبي على الأراضي الأمريكية مفاجأة للجميع لم ينتظرها أحد في هذا التوقيت.
ويرجع ذلك إلى أن لام - 30 عاما - مازال يتمتع بقدرات بدنية وفنية على أعلى مستوى تؤهله ليس فقط للاستمرار في الملاعب لسنوات عديدة قادمة في صفوف ناديه بايرن ميونيخ، ولكن أيضا كقائد لمنتخب المانشافت على الأقل في بطولة الأمم الأوروبية بعد عامين في 2016 في فرنسا.
ولكن يبدو أن النجم الخلوق الملقب بـ "القزم العملاق" قرر الاعتزال دوليا بعد أن وصل لقمة المجد بالفوز بكأس العالم الغائبة عن الخزائن الألمانية منذ عام 1990، وبعد أن شارك في 113 مباراة بقميص منتخب بلاده.
ومن ينظر إلى مسيرة لام يجد أنها حافلة بالنجاحات والإنجازات، وتميز لام بانطلاقة هادئة نوعاً ما حيث انضم في صغره لنادي "جيرن مونشن" الذي يقع مقره في الضاحية التي تسكنها عائلته، لكنه لم يستمر كثيراً، حيث انتقل لصفوف الناشئين بأكبر فرق إقليم البافاريا وهو بايرن ميونخ، حيث تم توزيعه مع فريق شباب 11 عام تحت قيادة المدرب يان بيينتا الذي كان مقتنعاً للغاية بإمكانيات اللاعب على الرغم من ضعف بنيته الجسدية فسريعاً ما قلده شارة قيادة الفريق وبقى الحال على ما هو عليه حتى مطلع موسم 2001 حيث تم تصعيده لفريق بايرن ميونخ الثاني.
وظل لام لمدة أربع سنوات يشارك على فترات مع الفريق الأول، حيث كان يستعان به في مركز لاعب الوسط المدافع أو في مركز المساك بسبب هيمنه الفرنسي ويلي سانيول على الظهير الأيمن والفرنسي الآخر بيكينتي ليزارازو على الظهير الأيسر، في ظل عجز واضح في قلب الدفاع البافاري، وهو ما دفع اللاعب للموافقة على عقد الإعارة الذي تقدم به شتوتجارت عام 2003 حيث قضى معهم موسمين شارك خلالهما في الكثير من المباريات، وأصبح من الأوراق المعروفة على مستوى الدوري الألماني، وهو ما ساهم في ضمه للمنتخب الألماني لأول مرة.
وفي هذه الأحيان كان الشاب اليافع يعيش أزهى فترات حياته، حيث سجل أول مشاركة في دوري أبطال أوروبا أمام مانشستر يونايتد، وحصد لقب ثاني أفضل لاعب ألماني لهذا الموسم، وساهمت مشاركته المنتظمة في انضمامه للمنتخب الألماني حيث شارك معه في يورو 2004، لكنه تعرض لإصابة أنهت موسمه فيما بعد، لكن العملاق البافاري كان قد طلب إعادة اللاعب نهاية الموسم قبل حدوث الإصابة، وهو الذي خفف من حدة ردة الفعل تجاه هذه الإصابة التي كانت عبارة عن التواء شديد في الكاحل الأيمن.
وعاد لام لبايرن ميونخ في يوليو 2005 مصاباً وهو ما أخره في الظهور مع الفريق حتى نهاية نوفمبر 2005، حيث شارك أمام أرمينيا بيليفلد وقدم أداء قويا جعله يشارك ليزارازو مباريات الموسم، حيث ظهر في 20 مناسبة، كان السبب الرئيسي بعدها في إعارة ليزارازو لمارسيليا الفرنسي ثم اعتزاله اللعب نهائيا فيما بعد.
ومرَ لام بالكثير من التغيرات في مركزه، كان أهمها عندما اشترى بايرن ميونخ الظهير الأيسر الأساسي للمنتخب الألماني مارسيل يانسن، وهو ما نقل لام للجهة اليمنى لفترة تمَ تثبيته فيها بعدها عندما اضطر ويلي سانيول للاعتزال بفعل الإصابة وهو نفس المركز الذي يشغله لام حتى الآن.
وكاد أن ينتقل اللاعب لصفوف برشلونة الإسباني في صيف 2008، لكنه فضل البقاء بعدما تولي يورجن كلينسمان تدريب الفريق، ولكن ذلك لم ينف الاتصالات القوية التي جمعت اللاعب ببرشلونة بالإضافة لتشيلسي الإنجليزي أيضاً.
وخلال بطولة كأس العالم لكرة القدم 2006، سرت شائعات بأن نادي تشيلسي الإنجليزي يريد ضم فيليب لام إلى صفوفه ولكن الانتقال لم يتم.
وبعيداً عن تمثيله لمنتخب ألمانيا تحت 21 والذي ظهر معه في بطولة الأمم الأوروبية تحت 19 عام في موسم 2002 وكانت الثلاث مباريات التي لعبها في هذه البطولة هي مجموع مبارياته مع منتخب الناشئين، فإن اللاعب يُعد من اللاعبين الكثيري التمثيل مع المنتخب الألماني، حيث كانت البداية عندما انضم للتشكيلة المشاركة في يورو ،2004 ولعب كل لقاءات الفريق كاملة، لكن المنتخب الألماني خيب الآمال بخروجه من دوري المجموعات مبكراً.
وفقد لام مركزه في المنتخب الألماني ما بين يناير 2005 ومارس 2006 بسبب الإصابة التي لحقت به، وغاب بسببها عن كأس القارات 2005، لكنه سجل عودة قوية جداً في مباراة ودية قبل كأس العالم 2006، وهو ما أجبر يورجن كلينسمان على إبقائه في مركز الظهير الأيسر وهو الأمر الذي أتى ثماره بغزارة حيث كان اللاعب على موعد مع أول هدف في كأس العالم 2006 في مرمى المنتخب الكوستاريكي بعد 6 دقائق فقط من افتتاح البطولة.
حيث انطلق بالكرة مراوغاً الدفاع ثم دخل إلى منتصف الملعب وسدد كره بيمناه في الزاوية المواجهة بشكل جعل الجميع يستبشر ببطولة مليئة بالإثارة، وهو ما حدث بالفعل بالإضافة لتتويجه بلقب أفضل لاعب في المباراة الافتتاحية، وأصبح الألماني الوحيد الذي لعب 690 دقيقة هي جملة مباريات الفريق في هذه البطولة.
وواصل لام تألقه في بطولة الأمم الأوروبية 2008 حيث كان أساسياً في معظم المباريات عدا النهائي، وبدأ البطولة كظهير أيمن، لكنه لم يلبث أن تحول للرواق الأيسر ليحل محل يانسين بعد مباراة ونصف المبارة، وعزز الأداء بهدف في مرمى تركيا في الدور نصف النهائي في الدقيقة 90، وهو الهدف الذي يعتبر من أغلى الأهداف التي سجلها اللاعب للفريق القومي، لكنه تعرض لهجوم كاسح من وسائل الإعلام والنقاد الألمان بعدما هرب منه المهاجم الإسباني فيرناندو توريس مسجلاً هدف الماتادور الوحيد في نهائي البطولة، وهو الهدف الذي تسبب في فوز إسبانيا بالبطولة لأول مرة منذ 44 سنة.
ويُحسب أيضاً للام أنه كان اللاعب الأساسي في كل لقاءات منتخب بلاده العشرة خلال تصفيات كأس العالم 2010 والتي شارك فيها اللاعب أساسياً أيضاً كظهير أيمن، أما في يورو 2012 فقد ساعد أداء لام الدفاعي المميز منتخب بلاده للفوز بكامل مباريات تصفيات اليورو العشر، ومن ثم ساهم بوصول المانشافت إلى نصف نهائي البطولة حيث خسر الألمان بنتيجة 2-0 أمام المنتخب الإيطالي.
وأخيرا كان النجاح الأكبر بالفوز بكأس العالم في ارض البرازيل ليختتم لام مسيرته الدولية أفضل ختام ويعلن اعتزاله اللعب دوليا.