ضغوط الحياة تدفع الإيناث للانتحار

أكدت منظمة الصحة العالمية تأثر النساء بالاكتئاب أكثر من الرجال، على عكس المشهور، وأشارت دراسات علمية عدة إلى أن انتشار الاكتئاب بين النساء أكثر من الرجال أكثر من أي وقت مضى.

ولا يبدو أن هناك العديد من الاستثناءات في هذه القاعدة؛ ويعود السبب في ذلك إلى الاختلافات البيولوجية بين الرجال والنساء، مثل الهرمونات التي تفسر جزءا من هذه القاعدة. لكن العوامل الاجتماعية بين الرجل والمرأة (الفروق بين الجنسين) قد تلعب دورا أكبر؛ فعلى سبيل المثال النساء بشكل عام يتعرضن للمزيد من الضغط أكثر من الرجال، وقد أظهرت البحوث أن التوتر الاجتماعي هو السبب الرئيسي للاكتئاب.

وأثبت بحث جديد العكس تماما؛ فقد أشار إلى أن الرجال قد يكونون أكثر عرضة للاكتئاب الناجم عن الأحداث المجهدة؛ إذن لماذا النساء أكثر عرضة للاكتئاب من الرجال؟ وقد عرف الباحثون الإجهاد بأنه تغيير جذري في التوازن القائم؛ مما يسبب الضغط النفسي أو العاطفي أو التوتر. ويمكن أن تشمل هذه الأحداث المجهدة في الحياة (الزواج والطلاق والانفصال والمصالحة الزوجية، والإصابة الشخصية أو المرض، والفصل من العمل أو التقاعد)؛ فيصبح الرجال أكثر عرضة لنوبات اكتئاب بعد صعوبات العمل، أو الطلاق والانفصال. في حين أن المرأة أكثر حساسية للنزاع، مثل الإصابة بمرض خطير أو موت أحد في الشبكة الاجتماعية المحيطة بها.

وتشير البحوث إلى أن معظم الأحداث المجهدة التي تسبب الاكتئاب بين النساء ترتبط بشبكة اجتماعية قوية، مثل العلاقات العاطفية والزوجية، وتربية الأطفال والأبوة والأمومة. مؤكدة أنه بالمقارنة مع الرجال، فالنساء يملن إلى المبالغة في التفكير واجترار المزيد من الضغوطات والأفكار السلبية التي تسبب الاكتئاب. وتؤكد دراسة واحدة على الأقل أن هذا ما يفسر الفرق بين الجنسين في انتشار الاكتئاب.

اجترار الذكريات المؤلمة تزيد التوتر سوءا، وللأسف هذا الأكثر شيوعا بين النساء. وتشير هذه النتائج إلى أن الأسباب النفسية للاكتئاب قد تكون تتأثر جزئيا على الأقل بنوع الجنس، وأن هذه الفوارق متجذرة في ظروف الحياة المختلفة وعدم المساواة الاجتماعية التي يمر بها الرجال والنساء. وبشكل عام تتعرض النساء لشكل أكبر من عدم المساواة الاجتماعية والضغوط الاجتماعية؛ وبالتالي الاكتئاب أكثر من الرجال.

الفجوة بين الجنسين في الاكتئاب تبدو بشكل أوضح في البلدان ذات المستويات الأعلى من عدم المساواة بين الجنسين؛ وهذا قد يفسر لماذا الرجال قد يكونون أكثر عرضة للاكتئاب الناجم عن الإجهاد. وقد وجدت دراسة جديدة أثبتت أن تأثير كل ضغوطات الحياة على خطر الاكتئاب كان 50% أقوى لدى الرجال مقارنة بالنساء. 
والتعرض التراكمي للإجهاد قد يخلق مرونة أو يؤدي إلى التعود على الضغوطات، ويمكن للناس الذين يتعاملون مع الإجهاد طوال الوقت أن يعتادوا على ذلك؛ لذا فإن الفئة الاجتماعية التي تتعرض لأدنى الضغوطات (الذين يعيشون حياة أكثر تميزا) قد يكونون في الوقت نفسه الأكثر تأثرا بأي ضغوطات إضافية.

قد يكون الرجال أيضا عرضة لآثار الإجهاد لأنهم قد يرون الاكتئاب على أنه ضعف، ويمكن أن يعد أيضا الحديث عن العاطفة، وطلب المساعدة بسبب مشكلة عاطفية، مثل الاكتئاب- ضعفا. هذا هو الحال في البلدان النامية لأن التقاليد تمنح الرجال دور القوة والسيطرة العاطفية. 

وهذه المعتقدات تلعب دورا أساسيا في تشكيل سلوكيات الرجال الذين هم في حاجة إلى رعاية للصحة العقلية.

 كل هذا نتيجة تجاهل الرجال تطور الاكتئاب، وتجنب الرعاية عند الحاجة؛ حتى لا يبدون ضعافا؛ وهذا أيضا ما يفسر جزئيا لماذا المزيد من الرجال الذين يعانون من الاكتئاب ينتحرون (ولا سيما الرجال البيض) من النساء اللاتي يعانين من الاكتئاب.