لندن - كاتيا حداد
أكّد العلماء أنهم حددوا أين يبدأ مرض الزهايمر في المخ - مما يثير الآمال في علاج هذا المرض المدمر، ويقولون إنه يبدأ من "شبكة الوضع الافتراضي" في المخ، وهي منطقة تظل نشطة في مرحلة الخمول، وتثار الخلايا العصبية هنا أثناء أحلام اليقظة أو التفكير في الماضي أو المستقبل.
وتعد أحد الأسباب التي أدت إلى فشل العديد من التجارب الدوائية هو حصول المرضى على الأدوية بعد تقدم الحالة وفوات الأوان على علاجها، أصبح من المأمول أن هذا الاكتشاف سيؤدي إلى التشخيص والعلاج في وقت مناسب.
وفي الولايات المتحدة، يؤثر مرض الزهايمر على أكثر من خمسة ملايين، في حين يعاني 850000 مريض في المملكة المتحدة، ومن المتوقع أن يؤدي زيادة عدد السكان المسنين إلى رفع أعداد المرضى على مدار العقود المقبلة.
تحدث التغيرات الأولية من خلال تراكم أميلويد بيتا عند الإصابة بمرض الزهايمر، فإنه يتجمع في كتل، مما يدمر خلايا المخ ومن ثم يؤدي إلى فقدان الذاكرة والارتباك، ولكن العلماء يعرفون الآن أن تلك العملية تبدأ في الحدوث قبل ظهور الأعراض الأولى بما يصل إلى 20 عاما، وإعطاء المرضى الأدوية مبكرا من شأنه أن يزيد من فرص تأخير المرض لفترة أطول بكثير، وحتى قد يؤدي إلى علاج المرض.
وأعلن مؤلف الدراسة البروفيسور سيباستيان بالمكفيست، من جامعة لوند بالسويد: "استطعنا حل جزء كبير من اللغز في أبحاث الزهايمر، كنا في السابق لا نعرف أين في المخ يمكن الكشف عن المراحل الأولى من المرض، ولكن نحن نعرف الآن أي أجزاء من المخ يجب دراتها لنكتشف في نهاية المطاف لماذا يحدث هذا المرض."
وأوضح فريق البروفسور بالمكفيست، الذي نشر اكتشافه في المجلة العلمية ناتشر كوميونيكاشونز، أن الأدلة مقنعة، إذ وجدوا أن شبكة الوضع الافتراضي هي في الأجزاء الداخلية من المخ، وهي تسمح لنا بإنهاء المهام بسرعة وبدقة، ويُعتقد أنها ضرورية في أداء المهام الروتينية.
وقد ربط العلماء من قبل حدوث شذوذ فيها بمرض الزهايمر، وكذلك بالفصام، ولكن لم يكن معروفا أن الخرف يبدأ بتلك النقطة. الشبكة لها العديد من الوظائف في المخ، وقال الباحثون إنها الأكثر نشاطا عندما نكون مستيقظين ولكن هادئين، على سبيل المثال عندما نحلم بأحلام اليقظة ولا نتفاعل مع العالم الخارجي، وهي تنتمي إلى الجزء الأكثر تقدما من المخ، فمن بين الأمور التي تفعلها، إنها تعالج وتربط المعلومات.
واستند البحث الذي شمل أيضًا أساتذة من جامعة غوتنبرغ وجامعة كاليفورنيا، إلى جمع بيانات من أشخاص في الولايات المتحدة والسويد مهددين بخطر أعلى بالإصابة بمرض الزهايمر، وفحص مخ جميع المشاركين لمدة عامين، ومقارنة النتائج مع مجموعة ليس لديهم أي علامات للإصابة بالمرض.
إن صعوبة تحديد الأفراد المعرضين لخطر الإصابة بالخرف في وقت لاحق من الحياة، من أجل رصدهم في البحث، كانت عقبة، لذلك طور الفريق السويدي والأميركي طريقة فريدة لتحديد، في مرحلة مبكرة، الأفراد الذين بدأ لديهم تراكم أميلويد بيتا، وتجمع التقنية بين نتائج اختبار السائل النخاعي مع مسح المخ، وهذا يوفر معلومات قيمة عن ميل الدماغ لتجميع أميلويد بيتا.
وبالإضافة إلى كون تلك الدراسة خارطة طريق للدراسات البحثية المستقبلية لمرض الزهايمر، فإن النتائج الجديدة لها أيضا فائدة سريرية، فقال رئيس الدراسة البروفيسور أوسكار هانسون: "الآن نعلم أين يبدأ مرض الزهايمر، يمكننا تحسين التشخيص من خلال التركيز بوضوح أكثر على هذه الأجزاء من المخ.